+A
A-

سلمان بن إبراهيم يجسّد شعار “كرة القدم للجميع” في آسيا

الزيادة ضاعفت الشغف باللعبة وعزّزت شعبيتها في القارة

مصدر إثراء في الجوانب الفنية والتسويقية والاجتماعية والثقافية

الزيادة سترتقي ببنية كرة القدم في الدول النامية

 

كرة القدم للجميع في قارة آسيا.. شعار تجسد في النسخة الحالية من نهائيات كأس آسيا لكرة القدم التي تستضيفها دولة الإمارات العربية المتحدة حتى 1 فبراير المقبل حيث يتنافس 24 منتخبًا آسيويًّا في سابقة تاريخية هي الأولى من نوعها، وذلك بعد قرار شجاع اتخذ من قبل اللجنة التنفيذية للاتحاد القاري برئاسة الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة شكّل تحولاً كبيرًا في مسيرة أقوى مسابقة كروية في القارة الآسيوية والتي انطلقت لأول مرة في هونج كونج 1956 بمشاركة 4 منتخبات فقط.

ولا ينبغي النظر إلى قرار زيادة عدد المنتخبات من زاوية ضيقة تكون محصورة في الجانب “الفني” فهناك عدة مكتسبات وثمار وراء ذلك القرار الجريء تتخطى الجانب الفني لتصل إلى الأبعاد الاجتماعية والتسويقية والإعلامية والثقافية وزيادة شعبية كرة القدم في أوساط الكرة الآسيوية وتعزيز التقارب والتلاحم بين أبناء القارة الآسيوية والانفتاح بين شعوب وأبناء القارة نستعرضها تباعًا في هذا التقرير.

الشغف بكرة القدم

ساهم قرار زيادة المنتخبات إلى زيادة الشغف بكرة القدم من قبل جماهير المنتخبات المشاركة في النسخة الحالية من كآس آسيا 2019 وهو ما تجلى في الأعداد الهائلة من أنصار ومشجعي تلك المنتخبات الذين ملأوا مدرجات الملاعب وشجعوا فرقهم بكل حرارة.. ومن أبرز تلك المشاهد الرائعة هو الحضور الكبير للجالية الفلسطينية التي اكتسحت مدرجات استاد راشد في مدينة دبي في مواجهة فلسطين وأستراليا ورددت الأهازيج الجميلة وعاشت لحظات ممتعة زادت شغف وحب الفلسطينيين كبارًا وصغارًا من كلا الجنسين باللعبة، حيث احتشد ما يقارب من 11 ألف مشجع فلسطيني لو أرادت سفارة دولة فلسطين بدولة الإمارات العربية المتحدة أن تجمع هذا العدد لما استطاعت ولكن كرة القدم نجحت في تحقيق هذا الهدف الرائع.

والمشهد الثاني تجسّد في مواجهات منتخب لبنان وبالأخص في مباراته الأولى أمام قطر حيث كان الحضور اللبناني طاغيًا في استاد هزاع بن زايد آل نهيان في مدينة العين بـ 7 آلاف مشجع حملوا علم بلادهم وتوحدوا تحت رايته بفضل كرة القدم في ظل ما تعانيه الساحة اللبنانية السياسية من صراعات وتجاذبات غير خافية على الجميع.

ولولا زيادة عدد المنتخبات لما تأهل المنتخبين اللبناني والفلسطيني وكذلك الهندي والفلبيني إلى كأس آسيا ولما تمكن عشاق ومحبو تلك المنتخبات من المقيمين بدولة الإمارات من مؤازرة منتخب بلادهم في أكبر بطولة قارية وهو مكسب وإنجاز بحذ ذاته يزيد الاهتمام والشغف باللعبة وينمي شعبيتها.

انعكاسات إيجابية تتخطى حدود الملعب

فتح قرار زيادة المنتخبات الباب على مصراعيه أمام عدد من النجوم في كلا من منتخبات الهند والفلبين واليمن ولبنان وفلسطين لاستعراض مهاراتهم وإمكاناتهم من خلال التواجد في ذلك الحدث الآسيوي لأول مرة والذي بلا شك أنه يستقطب أنظار الكشافين والسماسرة لتعبيد الطريق أمام خوض تجارب احترافية جديدة في أندية القارة أو خارجها، كما أنه يسهم في تطور أداء المنتخبات ويحسن من تصنيفها الدولي والآسيوي.

لكن قرار الزيادة لا يمكن أن يكون مقتصرا على اللاعب فقط فهو يساهم في صقل الإداري والإعلامي وكل من يعمل في الطواقم الفنية والطبية لتلك المنتخبات، حيث إن تلك البطولة تثري خبرة الإداري والإعلامي والفني والطبيب وحتى المسئولين لاكتساب الخبرات التنظيمية عبر المعايشة الواقعية للحدث.

فالإعلامي على سبيل المثال يكون ملمًّا بكيفية التسجيل والحضور لتلك المواجهات واتباع الأنظمة والقوانين المتعلقة بحضور المؤتمرات الصحفية وإجراء اللقاءات والتعرف على الأنظمة واللوائح التي تنظم العمل بين الإعلامي واللاعب، ويصبح لديه نوع من تبادل الخبرات والتجارب الميدانية وتعزيز العلاقة مع نظرائه في المهنة، وهو ما ينطبق على الإداري والمدرب وكل من يعمل في تلك المنظومة، ولولا زيادة عدد المنتخبات لما أتيحت تلك الفرصة للعديد من الإداريين والإعلاميين للمشاركة في ذلك الحدث الآسيوي، مما يعني أن فوائد الزيادة تتعدى حدود المستطيل الأخضر.

الارتقاء ببنية كرة القدم

تشكل بطولة كأس آسيا أهمية كبيرة لدى جميع أبناء القارة وبالأخص الاتحادات الوطنية، واللعب في تلك البطولة يعتبر بحد ذاته إنجازًا كبيرًا لدى بعض المنتخبات النامية على غرار اليمن ولبنان والهند وتايلند والفلبين وفلسطين وتركمانستان، وهو ما يدفع بالمسئولين عن الرياضة في تلك الدول لمضاعفة الاهتمام بكرة القدم وتعزيز البنية التحتية وزيادة الدعم المقدم للعبة على نطاق أوسع.

فالتأهل لكأس آسيا سيشكل حافزا لدى الحكومات لزيادة الدعم من خلال بناء العديد من المنشآت الكروية وتطوير الأنظمة واللوائح والاهتمام بتطوير الأندية والمنتخبات ومضاعفة الدعم المالي، وغياب تلك المنتخبات عن المشهد الآسيوي بالتأكيد ستكون له نتائج معاكسة.

مكتسبات تسويقية

لا شك أن زيادة عدد المنتخبات ستكون له انعكاسات إيجابية على الاتحاد الآسيوي من الناحية المالية والتسويقية وزيادة عائداته والتي تجني ثمارها في المقام الأول والأخير الاتحادات الوطنية وهو ما تجلى في زيادة الجوائز المالية لأول مرة بتاريخ البطولة بحصول الأول على 50 مليون دولار والثاني 30 مليون دولار والثالث والرابع مليون دولار وباقي المنتخبات 300 ألف دولار وهو ما سينعش خزينة الاتحادات الجديدة المشاركة ويساعدها في تطوير منتخباتها.

كما أن الزيادة ستفتح سوقا جديدة للكرة الآسيوية في بلدان تزخر بتعداد سكاني ضخم مثل الهند على سبيل المثال وهو ما سيشجع على دخول المزيد من الشركات الراعية لدعم الاتحاد الآسيوي والذي يوجه تلك الأموال لدعم أنشطة وبرامج ومشاريع الاتحادات الوطنية.

تبادل الثقافات وتنمية العلاقات

تعتبر البطولات الكروية بشكل خاص والرياضة بشكل عام ملتقى هام لتبادل الثقافات وتنمية العلاقات بين الدول، فكرة القدم هي أداة لتعزيز التقارب والتلاحم ونشر رسالة المحبة والسلام بين الشعوب، ودخول منتخبات جديدة في بطولة كأس آسيا يساهم في تحقيق هذا الهدف بالنسبة لأكبر عدد من الدول لتأخذ الجميع إلى مزيد من كسب العلاقات وبناء الصداقات وتبادل الخبرات في كل مجال وهو الأمر الذي يزيد من الوحدة الآسيوية ويقويها من الداخل.