+A
A-

حروب الرقيق والاستعمار في القرن الثامن عشر برؤية جديدة

صدرت مؤخرًاَ عن دار الفارابي بيروت، رواية “حرب البنفسج” للزميل الكاتب أحمد جمعة، وتتوفر الرواية حاليًّا بمعرض البحرين الدولي للكتاب الذي افتتح مؤخرًا. الرواية والتي تقع في 562 صفحة تروي ملحمة من تاريخ الحرب وتجارة الرق والقرصنة والاستعمار في المنطقة منذ 1862، وصورتها الراهنة في العلاقات الخليجية وتحالف قطر وتركيا الذي يعود تاريخه لتلك الفترة الحالكة ومحاولة الحلف القطري التركي العماني غزو البحرين حينذاك.

تروي الرواية دراما متنامية بضراوة على مدى فصول متوالية ملحمة المحنة الإنسانية والدموية التي تشكلت وسط خضم الصراع الاستعماري والقبلي الذي شهدته منطقة الخليج العربي في أوج مراحل التدفق الغربي والفارسي والتركي على النفوذ، مع انتشار الاتجار بالرقيق الذي رغم تظاهر الوجود البريطاني بمكافحته لكنه ظل مختبئًا تحت معطف هذه الدول وهي تسعى لاستغلاله.

تنفجر الأحداث الضارية من ساحل صور بعُمان وتتراكم حتى تنتشر في أرجاء المنطقة من خلال حروب ومواجهات بين مختلف الأطراف منها تجار الرقيق والقراصنة والوجود التركي الفارسي مع الاحتلال البريطاني وكلها تتراكم لتشكل منعطفًا لتوجيه الأحداث.

تحي الرواية قصة القرصان الخليجي الرئيس الشيخ سليمان بن أحمد السليط الهلالي القادم من خلف العالم السفلي، وقد حشد جموع البشر من حوله وقاد خمس سفن عملاقة في حروب وصراعات دامية اختلط فيها الخيال بالواقع ليشكل محور الأحداث التي يقود نارها الغزو الأجنبي للمنطقة، يتخلل ذلك علاقات اجتماعية معقدة تشمل الحب والكراهية والموت والحياة مع الضنك، ضمن خيوط الصراع على البقاء، فتشهد بنفسج الفتاة المنحدرة من قاع الرق المظلم ومعها الشاب مؤيد القادم هو الآخر من أسفل حافة الاستغلال البشري المتمثل في التحرش من قبل أولئك المتاجرين بالبشر، لتنسج علاقة غامضة سرعان من تتكسر على حافة الحرب التي تنشب ويكون وقودها الفقراء والمعدمين والمهمشين، لتتصاعد وتشهد محاولات التحالف التركي منذ ذلك الحين بالقرن الثامن عشر لغزو البحرين حيث ينكسر الغزو التركي القطري على شواطئ الجزيرة الهادئة لتنهض من نومها على تحولات جذرية.

تنبثق بضراوة دامية “بنفسج” فتاة الرقيق المنحدرة من الغيب المظلم لتقود سفن حربية أولاها إياها الرئيس سليمان السليط في معركة أسطورية وقودها السفن والبشر لتتطور إلى صراع قوى عالمية على المنطقة في رحى موت وحياة الأقوى هو من يبقى.

يقول دكتور مارك هوبز المتخصص في تاريخ الخليج بالمكتبة البريطانية “في شبه الجزيرة العربية والخليج العربي، واجه البريطانيون نوعًا من الرق يزيد تأصله من الجانب الاجتماعي عن الجانب التجاري. ورغم أن العبيد كانوا يُجلبون من مناطق بعيدة مثل شمال أفريقيا وشبه القارة الآسيوية، إلا أنهم كانوا مندمجين بشكل عام في المجتمع، حيث حُولوا - قسرًا في الغالب إلى الإسلام وعاشوا إلى جانب العائلات التي كانوا يخدمونها. وقد حصل الكثير من العبيد على حريتهم في حينه. وقد شكلت النساء نسبة إماء أعلى مقارنة بالرقيق في المزارع الأميركية. وعمل معظمهن كخادمات في البيوت، أما معظم الرقيق من الرجال فقد عملوا في الصناعات الاقتصادية الرئيسية بالمنطقة، صيد اللؤلؤ وزراعة النخيل.

ضمن هذا الطقس القاسي المشوب بالحرب والموت والحب والكراهية والصراع على البقاء تدور أحداث الرواية ضمن حرب القرصنة والرقيق والاستعمار ومحاولات غزو الدول في المنطقة من قبل الإمبراطوريات البرتغالية والبريطانية والتركية والفارسية بالتحالفات حينها مع قطر وعُمان اللتين تحالفتا فترات مع الأتراك والفرس لغزو البحرين، اختلطت فيها المصالح الاستعمارية بتجارة الرق بالقرصنة، بالإضافة إلى  حرب ضروس شنها الطبيعة على المنطقة فشهدت موت الآلاف بالمجاعة والأوبئة وفرار المئات من وجه الطبيعة نحو حتفهم.

سلطان عُمان يتحالف مع الانكليز للقضاء على الرئيس الشيخ سليمان السليط ويشهد بداية نهاية فصل سيطرة القراصنة على بحر الخليج العربي. علمًا بأن الرواية متوفرة في كافة فروع المكتبة الوطنية.