+A
A-

عارف خليفة: تنويع الدخل بتطوير “الخدمات والبنوك” واستقطاب الاستثمارات

يواجه الاقتصاد البحريني مطبات قاسية نتجت عنها قرارات من بينها خفض النفقات ورفع الدعم عن اللحوم والبنزين، وما تعانيه البحرين من تراجع اقتصادي ليس بمعزل عما تمر به دول مجلس التعاون الخليجي والعالم جراء الأزمة الاقتصادية الخطيرة المرتبطة بانخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية. وفي خضم ذلك يعتبر تحقيق التنمية البحرينية الاقتصادية الشاملة عبر تعزيز والاستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية علاجا فاعلا وحاجة ملحة لحماية الاقتصاد من الهزات المحيطة به. وفي هذا الصدد، ومن أجل التأكيد على هذه الثوابت التي من شأنها تنويع مصادر الدخل وبالتالي انعاش الاقتصاد الوطني كان لنا هذا لقاء مع الخبير الاقتصادي عارف خليفة، الذي عمل في بعض المؤسسات المالية العالمية، وحاضر في الجامعات والمعاهد المحلية والدولية، فإلى نص الحوار.

متى اقتحمت المجال الاقتصادي؟

منذ المرحلة الاعدادية، حيث كنت أحب تصفح الصحف والمجلات الاقتصادية ثم تطور اهتمامي بها بالمرحلة الجامعية، حيث كنت شغوفا بالقراءة في أسباب الأزمات الاقتصادية والأمور المالية ومن ثم عندما عملت في بعض المؤسسات المالية العالمية الى أن صرت محاضرا في الجامعات والمعاهد المحلية والعالمية واهتمامي منذ الصغر بالمنظمات والمؤسسات التي تهتم بالاقتصاد كوكالات التصنيف الائتماني مثل موديز وS&P وفيتش وأيضا بالكثير من البرامج الاعلامية والتحليلات التي يطلقها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومتابعة الأزمات المالية والاقتصادية من خلال تومسون رويترز وبلومبرج عند حدوثها وأيضا البورصات العالمية والسلع الموجودة في البورصات وأسعار المعادن كالذهب.

هل استطاعت جمعية الاقتصاديين البحرينية الدفع نحو تحقيق التنمية؟

خلال العقود الماضية كان لجمعية الاقتصاديين البحرينية خطوات خجولة نحو التأثير في كل القطاعات وكل المستويات (الأفراد والمؤسسات في القطاعين العام والخاص) وذلك حسب المساحة المتاحة لها ونأمل أن يتطور هذا الدور وبوتيرة أسرع في ظل تطور الأحداث الاقتصادية على مستوى الدولة، وتحتاج الجمعية حاليا لتسويق رؤاها والتي تتضمن الكثير من الحلول والافكار الرائعة.

كيف تصف وضع الاقتصاد الوطني؟

مع وجود الدعم المالي من الدول الشقيقة ستكون الأمور طيبة ولكن مع توقف الدعم سنكون على منعطف ليس بجيد مع استمرار هبوط سعر النفط دون الـ60 دولار، فلك أن تتصور أن مستوى الدين العام بلغ 70 % من الدخل العام أي بمثال واضح اذا كنت تصرف 10 دنانير على أبنائك فـ 7 دنانير هي دين عليك وايرادك 3 دنانير فقط، فنحتاج لتنوع في الدخل ولا ننسى اننا نحتاج 93 دولار سعرا لبرميل النفط لامكانية الاستمرار على نفس الوضع مع دفع الديون. فتصور أن لديك محلا تجاريا وتبيع فيه فقط منتجا واحدا فتكون نسبة المخاطر عليه كبيرة جدا لو حدث أي شيء في هذا المنتج، وكذلك هو الدخل العام لمملكتنا الغالية ولكن مع دعم الدول الشقيقة لنا ستكون الأمور بخير إن شاء الله. ومع الترصد للمخالفات في المال العام والتي فاقت التوقعات كما شاهدنا في آخر تقرير لديوان الرقابة المالية ونأمل أن يرتفع النفط إلى سعر 93 دولار عاجلا.

أي القطاعات الاقتصادية أكثر انعاشا للبحرين؟

القطاع المصرفي متمثلا في البنوك، وقطاع الخدمات متمثلا في السياحة.

كيف يمكن النهوض بالاقتصاد الوطني؟

من خلال تنويع مصادر الدخل باستقطاب المؤسسات العالمية والاهتمام بالقطاعات الاخرى كقطاع الخدمات وقطاع البنوك وتمكين المواطن من المشاريع الحقيقية وبحرنة القطاع العام واستحداث منتجات محلية بجودة عالمية يعتمد عليها القطاع العام والخاص ورفع نسبة البحرنة في القطاع العام.

منذ مطلع 2017 احتلت بورصة البحرين ثاني أفضل أداء خليجيا، ما انعكاس ذلك على الاقتصاد البحريني؟

بورصة البحرين تعتبر من أفضل البورصات في المنطقة من خلال دعم المستثمرين فنيا ولوجستيا ولكن مازال انعكاس هذا التطور على الاقتصاد ضعيف جدا وذلك لحجم التعاملات القليل مقارنة مع الدول الشقيقة وأيضا لضعف التعاملات اليومية وضعف توزيع الأرباح من قبل الشركات المدرجة مقارنة بأرباحها السنوية.

ما مدى إسهام مؤسسات الأعمال الصغيرة والمتوسطة في تعزيز التنمية؟

أصبحت رقما صعبا لدينا في البحرين وذلك منذ اهتمام مجلس التنمية الاقتصادية ومشروع “تمكين” للنهوض بالاقتصاد الوطني ولكن مازالت النتائج ضئيلة مقارنة بالتسهيلات الممنوحة لهم خصوصا من قبل “تمكين”.

ما التحديات التي تقف في وجه الاقتصاد الوطني؟

مواصلة الاعتماد على السلعة الوحيدة وهي النفط مع بعض الخطوات الخجولة في تنويع مصادر الدخل، وعدم القدرة على بحرنة الوظائف، وعدم وجود استراتيجية واضحة لمشروع مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمال، وعدم وقف هدر المال العام وذلك من خلال المخالفات التي تزداد سنويا في تقرير الرقابة المالية.

ما الإجراءات الواجب اتباعها لتنويع مصادر الدخل؟

أولا الاطلاع على تجارب الآخرين وعلى تجارب الدول الناشئة والمتقدمة كسنغافورة والصين وألمانيا، وثانيا إعادة تقييم مصادر الدولة الطبيعية والجغرافية والبحث عما يناسبها من مشاريع، وثالثا الاهتمام بالسياحة العائلية وفتح مزيد من التسهيلات، ورابعا البحث في المجال التكنولوجي عما يناسب إمكانات الدولة ومصادرها، وخامسا الاستثمار في العامل والخريج البحريني وهو من أفضل أنواع الاستثمارات.

كيف يمكن تطوير الاستثمار العقاري وتنميته؟

مع الفقاعات التي حدثت في سوق العقار خلال الـ15 سنة الماضية لابد من وضع وسن قوانين للاستثمار العقاري، فهناك بعض المناطق الاستثمارية التي تضررت من خلال عشوائية البناء وأيضا فتح مناطق جديدة وتخصيصها للاستثمار العقاري.

ما دور الاقتصاد المعرفي في تعزيز نمو الاقتصادي؟

اقتصاد المعرفة أو الابتكار يساهم بشكل كبير في القطاع الخاص والقطاع العام بدرجة كبيرة من خلال خلق وظائف جديدة وتقليل معدل البطالة وتطوير البنى التحتية في التعليم والتعليم العالي مثلا وتطوير البنى التقنية والمعلوماتية وايجاد جيل قادر على إدارة الاستثمارات بشكل صحيح والدخول في أسواق عالمية بأيدي عاملة محلية.. طبعا تخفيض النفقات في مجمل المشاريع العملاقة.

ما مدى قدرة التشريعات القانونية الخاصة بالاقتصاد على جذب الاستثمارات؟

مازالت خجولة مقارنة بالدول التي استطاعت استقطاب الاستثمارات والأمثلة واضحة في ذلك.. ولذلك نرى المزيد من هذه التشريعات والتي مازالت في قيد التطوير.

كيف يمكن معالجة التراجع الحاد لقطاع العقار التجاري؟

في الدول المشابهة لاقتصادنا يعتمد ذلك على رؤوس المال والاستثمار الأجنبي من خلال تشجيع الأجانب على الاستثمار وهو سلاح ذو حدين كما شاهدنا ومازال هذا القطاع في ضوء إعادة التصحيح بعد “الفقاعات” التي صاحبته.

ما مدى إسهام قطاع الإنشاءات في الدعم الاقتصادي؟

جيد جدا مع ما يحمله من تحريك وتنشيط موارد الدولة من خلال تنشيط السوق المحلية وعملية الاستيراد والتي تدر دخلا اضافيا للدولة كلما نُشِط هذا القطاع.

كيف يمكن إنهاء حالة الركود التي يعاني منها قطاع الإنشاءات؟

فتح الدولة لمزيد من العطاءات من أجل انشاء مدن ومشاريع سكنية للمواطنين ومشاريع بنى تحتية يعتمد فيها على الشركات البحرينية وتحديث الأنظمة والتشريعات وتفعيل قانون الاستثمار العقاري.

هل يمكن تحقيق نمو اقتصادي مستدام دون استغلال الأيدي العاملة الوطنية؟

نعم، ولكن لفترة مؤقتة جدا للغاية لذلك لا ننصح بالاعتماد كليا على الأيدي العاملة الاجنبية بأي حال أيا كان نسبة الدخل القومي وإن كان بالفائض أو بالعجز فالأيدي العاملة الوطنية هي رأس مال الدول.