العدد 5638
الجمعة 22 مارس 2024
banner
الحياة تفاجئنا كل يوم بحقائق الميلاد والموت
الجمعة 22 مارس 2024

في الأسبوع الماضي تناولنا روعة مسرحيات الكاتب الإنجليزي كريستوفر فراي وانشغاله بهموم الإنسان ومشاكله، ونستكمل اليوم منهجه ورؤيته للحياة والفنون التي تمثل في نظره نقطة البدء لكل شيء في هذا الوجود، فالفنون مرتبطة بعالم العواطف البشرية، فالشعر كما يقول كريستوفر فراي هو التعبير الحتمي الذي لا بديل له عن حيرة الإنسان وعجبه من الحياة التي تتابع أمام عينيه، والمليئة بكل ما هو مستعصى على الفهم. إن الألفة والاعتياد قد أغلقا مسام الحس والخيال لدى معظم الناس، فأصبح كل شيء بالنسبة لهم عاديا، تفاجئهم الحياة كل يوم بحقائق الميلاد والموت، فلا يتساءلون من أین أتوا وإلی أین يذهبون، وتكتسي الطبيعة أمامهم بثوب ثم تخلعه، ويدغدغ القمر مياه البحر فتعلو ثم تنحسر، وتندفع الأجرام السماوية في أعدادها اللامحدودة في نظام بديع ولا تصطدم، والناس وسط هذا الخضم الكبير من أسرار الخليقة وظواهر الكون يعيشون حياتهم اليومية دون أن يكترثوا بما يدور حولهم.

وما أغرب عالما يفسر الجمال على أنه انعكاسات أشعة الضوء وانكساراتها على سطوح تختلف في الكثافة.. ولا يرى الإنسان سوى مجموعة من الأنسجة والخلايا، وحواس تستقبل المؤثرات الخارجية وتستجيب لها بدفعات سلوكية أساسها حب البقاء.

إن الحياة تجابه الإنسان بكل ما يستثير فيه كوامن الشعر، بينما يصمم الإنسان على أن يعيش الحياة كما ولو كانت نثرا.

إن وظيفة الفن كما يراها فراي هي أن يعطى الناس عيون الأطفال فينظروا إلى الخليقة حولهم كما لو كانوا يرونها للمرة الأولى، وتستبد بهم الدهشة والعجب للعشرات من المتناقضات التي تمتلئ بها الحياة وتنعم نفوسهم بالحب والتعاطف لكل ما ينبض حولهم بالحياة والأمل.

كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .