العدد 5637
الخميس 21 مارس 2024
banner
التهاون في وقت الشدة
الخميس 21 مارس 2024

يروي أحد التجار أنه اشترك مع تجار آخرين – قبل أربعة عقود ربما - في تكوين لجنة لجمع التبرعات للحوادث والأمور الطارئة على المستوى العربي أولاً، وعلى المستوى الإنساني إن استدعى الأمر، وقد عملت هذه اللجنة على إيصال التبرعات إلى عدد من المناطق التي تحتاج إلى العون، سواء كانت في أحداث فلسطين، والاجتياح الصهيوني للبنان في 1982، وأحداث صبرا وشاتيلا، أو في زلزال ضرب اليمن، وآخر ضرب الجزائر، وغيرها من الأمور والملمات التي لا تخلو منها تصاريف الزمان، والتي يعتبر فيها أي مبلغ – مهما صغر – أمراً في غاية الأهمية لأنه يشكل فرقاً للذين يعانون في ذلك الوقت. وكان من بين أفراد اللجنة من كان يرفع عقيرته بالعروبة والقومية، وشعارات من هذا النوع، حتى في الوقت الذي خلا المسرح السياسي من كثرة من يحملون هذا الفكر، لكنه ظلّ ملتزماً بما يؤمن به، ويعبّر عنه في كل محفل ومناسبة.


لكن حين تقوم اللجنة بجمع المبالغ المتفق عليها لكي ترسل بشكل طارئ إلى الجهة المستحقة يتصنّع الرجل المفاجأة ليقول لهم "ألم يرسلوا (المكتب) لكم المبلغ؟!"، فتكون إجابة اللجنة بالنفي، فيتمتم لاعناً غفلة موظفيه وكسلهم، ويسجل في قصاصة صغيرة الأمر.

تمر الأسابيع، وتعود اللجنة إليه بالسؤال نفسه، ويلبس قناع المستغرب المتعجب من أن المبلغ لم يدفع بعد.. ويعود لتسجيل الملاحظة على قصاصة جديدة.. ولا ينسى – بطبيعة الحال – الدمدمة بلعن الموظفين الذين يحتاجون دائماً إلى من يذكرهم! وهكذا حتى ترى اللجنة أن ترسل ما تجمع لديها من تبرعات خيراً لها من انتظار مساعدات من الواضح أنها لن تأتي. عند الملمات - ولا ملمٌّ لدينا أكثر مما نعرفه اليوم في غزة – فإن مجرد التأخر في مد يد العون وأنت قادر على مدّها يعتبر خذلانا مبينا.

وهذا الخذلان يتكرس إذا ما صادف أحدا من ذوي الثروات، وذوي الشعارات، ولكنه يبخل أن يدسّ يده في جيبه.. حينها تذكرت مظفر النواب وهو يقول: "بالبنادق؟ دعني أريك الكثيرين خانوا وهم يحملون بنادقهم".

كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية