العدد 5633
الأحد 17 مارس 2024
banner
كل عام وأنتم بخير
الأحد 17 مارس 2024

قبل أيام هل علينا شهر رمضان الفضيل بنسماته العطرة، بأيامه التي اكتسبت على المدى من التاريخ قدسية لم يشهدها شهرًا آخر، {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَان}، بتفسير بسيط أن هذا الشهر لم يُخلق للكسل وللاتكال على العبادات حيث أن العمل عبادة، {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}.

شهر رمضان هو شهر الكرم، والتنازل والمصالحة ورفض الضغائن والمقاومة، جهاد النفس قبل جهاد العدو، { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، وأعتقد أننا لن نستطيع تحقيق أي شيء.. أي شيء، إلا لو تصالحنا مع أنفسنا، إلا و نقينا سرائرنا من الأحقاد والحسد، من الضغائن والكبائر والانتقام، وإلا إذا استقبلنا هذا الشهر الكريم بكرم من أيادينا وقلوبنا الصافية.

ليست نصائح رمضانية معتادة، لكنها "تذكرة" لعل الذكرى تنفع المؤمنين، وإنها إشارة من الله عز وجل إلينا، فلنكن عند حُسن ظن الرب بنا، رحيمين بأنفسنا وبأهلنا، مستجيبين ليد الصفح إذا صفحت، وليد العون إذا أعانت، وليد الله التي فوق أيادينا أجمعين إذا تاب علينا سبحانه وجعلنا من القوم الصالحين.

شهر رمضان، صحيح أنه شهر العبادة، لكن هل أن العمل ليس من صنوف العبادات الواجبة التي يأتي إلينا مردود منها في التو واللحظة؟ "البعض" يعتقد بأن التقنية الحديثة أراحتنا، فتساعدنا على إتمام أعمالنا "أون لاين"، لكن في الوقت نفسه إن الدين المعاملة، التقابل مع الناس، والالتقاء بهم بمحبة، بابتسامة لا تخطئها الشفاه المؤمنة، ولا الوجوه المباركة، هذا في حد ذاته ثوابًا ما بعده ثواب، وذلك في صميم المعتقد حسنات تذهبن السيئات، وكرامات لا تتجلى إلا في شهر رمضان الكريم.

مع مطلع الشهر الفضيل سمعنا شكاوي من بعض المواطنين بأن معاملاتهم لم تعد تُنجَز بالسرعة المطلوبة، لأن "البعض" ارتأى أن يأخذ عطلته السنوية في هذا الشهر، صحيح أن ذلك حق أتمنى ألا يُراد به باطل، لأنه بالنتيجة قد تتعطل أمور، قد تتأخر مصالح، وقد تغلق منافذ، إننا في أشد الحاجة لكل ثانية في "دولاب" العمل، لأننا دولة مازالت تنمو ومازالت تحتاج لكل ساعد من سواعد أبنائها الأشداء، لكل دقيقة عمل منتج وليس لإهدار الوقت بحجة أن الصيام يُجهد البدن، وأن العمل يزهق الطاقات ويبدد الهمم، إن ذلك مردود عليه، لأن في الصيام عشرات الفوائد، حيث يقال "صوموا تصحوا"، هكذا هي نصيحة الأطباء للقضاء على التخمة الطويلة، على السمنة المتراكمة، فرصة لاسترداد الصحة، وإعادة اللياقة البدنية إلى سابق عهدها، إلى شبابها الذي لا يسقط بالتقادم، ولا يضيع بمرور الوقت.

إنها نعمة إلهية يمن الله عز وجل بها على كل مؤمن متقٍ، على كل مثابر وصابر ومهموم بشئون بلاده وناسه ووطنه، وكل عام وأنتم بخير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .