العدد 5602
الخميس 15 فبراير 2024
banner
أنت وحدك
الخميس 15 فبراير 2024

كما قلنا سابقًا، وفي هذا المكان، كما قال غيرنا أيضًا، إن القوات المحتلة ستعتمد على عامل الوقت، فكلما طال الأمد، ارتخى حبل كان مشدودًا في يد الناس، إذ عاد أكثرهم إلى حياته الطبيعية، وخفت بريق المقاطعة بعض الشيء، ومن كان يستحرم اللهو البريء قبل أسابيع، أخذ بداية يتردد على هذه الأماكن على استحياء وخجل، لكنه يرى الناس جميعًا مثله، رافعين ظهورهم، فلم لا يفعل فعلهم؟! فقوات العدو كانت تقوم بضربات صاعقة خاطفة، حتى لا يجدي معها الصراخ والعويل، إذ تكون المهمة قد تمت، وتأكدت على الأرض شروط جديدة. ولكنها في مشروع كبير كغزة، فمن المهم أن تتأكد من دكّ المكان كاملًا بالأشبار، وتتأكد أنه قطاع سيكون غير قابل للعيش فيه، لا من قبل أهله ولا من غيرهم، إذ هناك صيغ ومخططات أخرى جديدة له، سبق وأن تم وضعها، ولم يبق إلا التنفيذ الذي تأجل بفعل صمود شعب هذا القطاع الأبيّ، ولكن.. “للصبر حدود”!
في ظل هذا التراجع الكبير، والمتوقع من بعد كل ذلك الاندفاع، سيكون من السيء أن يتلفت الواحد منا حوله ليطالع الآخر ويشعر أن الكثرة قد انفضت فليفعل هو أيضًا، فمازلنا لا نقدم إلا القليل، ومازلنا لا نكلف أنفسنا شيئًا، لا ننفق، ولا نبذل، لا أرواح، ولا دماء، لا مجهودات عضلية، ولا زمنية، ولا ذهنية نبذلها بما يكفي، ولا بقدر الألم والحدث، فلماذا نصاب بالوهن سريعًا؟ لماذا أصحاب الباطل لديهم جلد وصبر على أكاذيبهم وباطلهم، وأهل الحق تنخرهم الأقاويل المثبطة، ويعمل البعض منا، من خاصتنا، من أهلينا، على تبنيها وترويجها ليبيعوا آخرتهم مجانًا بدنيا غيرهم! أليس (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) (المدثر:38)؟ أي محاسبة بما فعلت، فما بال قومي يأملون الخير في الدنيا والآخرة وهم يتنكبون طريقه، يخضعون للقوة قبل أن يصمدوا ليعذروا أمام الله، وأمام أنفسهم، وأمام عيالهم بأنهم فعلوا ما بوسعهم، ولم يرضوا قط بهذه الإهانة التي جرت على الرغم منهم، بدلًا من القول إنها تمت بأيديهم ورضاهم؟! الحياة مواقف، قد تخذلنا لياقتنا ساعة في اتخاذ الأنسب منها، ولكن أبواب العودة مفتوحة دومًا لمن أراد.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .