العدد 5567
الخميس 11 يناير 2024
banner
منّا.. ليسوا فينا
الخميس 11 يناير 2024

يحار المرء حين يقارن المواقف العربية والغربية مما يجري في غزة بالتحديد. فإذا جاز لنا تفهم المواقف السياسية للدول والحكومات العربية الآخذة في اعتبارها المصالح القومية، والحنكة الدبلوماسية، وتوازن القوى، والمصالح المتشابكة، والمعاهدات الموقعة، والاتفاقات التي على الطرفين الالتزام بها.. نحاول التفهم، ولكن ما لا نفهمه: مواقف أناس وكأنهم يؤيدون من طرف خفي إبادة الفلسطينيين في غزة، وإنهاكهم في القطاع، وجميع الأراضي المحتلة.
إن ما يبعث على الخجل، والعجز عن التبرير هو هذه الحميّة عن بني جنسنا، وعِرقنا، وديننا، لدى قطاع واسع من غير العرب والمسلمين الذين يتظاهرون أسبوعيًا، ويدعون إلى إضرابات شاملة، ويشاركون فيها، ويقفون لأعضاء حكوماتهم في كل مرصد، يلاحقونهم بالكلمات والصور والشعارات التي تدعوهم للشعور بالعار مما يفعلونه ويقررونه إزاء شعب يباد في العشرية الثالثة من الألفية الثانية من تاريخ البشرية، ويطالبون بوقف تمويل آلة القتل والدمار الإسرائيلية. هل هؤلاء كل الأوروبيين والأميركيين؟ هل هم القطاع الأوسع في مجتمعاتهم؟ ربما وربما لا.. لكننا نرى من بين من نعرف، بوجههم وأسمائهم وألوان جلودهم وسحناتهم، وهم يقفون ضد كل فعل احتجاجي، يثبطون كل همّة، يقللون من فائدة الكتابة والنشر عما يجري، يدّعون أن لا علاقة لنا بفلسطين وأهلها، يكذبون بأنّ “عرب الشمال” أغيار، لذلك ما الذي ينبغي أن يفعلونه لهم؟! يروّجون بأن بلادهم و “بس”. يشيرون إلى أن “حماسًا” أيقظت التنين من سباته، من طلب منهم ذلك؟ وكأن “التنين” نام ليلة من دون التهام جثث ضحاياه! إذا قيل لهم: “هذه العلامة التجارية تحت بند المقاطعة لأنها أعلنت بكل صراحة ووضوح وقوفها، وتمويلها الجيش الإسرائيلي في حربه الدائرة الآن في غزة”، رأيتهم يبحثون عن هذه المنتجات تعمدًا لشرائها وكأنهم يخرجون ألسنتهم لك ولأشباهك من ذوي البوصلات السليمة صحيحة المؤشرات.
لا يمكن إنكار أنهم منّا... لكن يمكن بسهولة القول إنهم ليسوا فينا.. وليسوا في طائفة الإنسانية، فذلك الجنوب أفريقي الذي رفع الأمر إلى المحكمة الجنائية الدولية، وذاك الأميركي الذي سار الشوارع هاتفًا بحرية فلسطين، وتلك الفتاة التي عصبت رأسها بالكوفية الفلسطينية ودموعها تملأ عينيها وهي تلعن نفاق العالم.. أقرب إلينا منكم.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .