العدد 5563
الأحد 07 يناير 2024
banner
2024.. عام المُعلم!
الأحد 07 يناير 2024

“قِف للمُعلم وَفِّه التبجيلا.. كاد المُعلم أن يكون رسولا”، هكذا وصف الشاعر العربي المُعلم من قبل أن يصفه الآخرون أو يبجلوه أو يكرموه، ليس هناك أفضل من “المُعلم”، فإذا أتقن أبدع، وإذا هدأت نفسه نجح في تربية الأجيال، وإذا توافرت لديه السبل والمناخات ملأ الدنيا علمًا وتقدمًا وبحثًا عن المستحيل.
المُعلم في سنغافورة مثلًا كان كلمة السر وراء نهضتها التعليمية، أخرج الدولة الصغيرة الفقيرة من الظلمات إلى النور، ومن الضياع إلى اليقين، ومن الفقر المدقع إلى الثراء الوفير، قاد التفكير والتنوير حتى أصبحت الجزيرة المحدودة في كل شيء دولة متقدمة في كل شيء، في الخدمات التعليمية والصحية واللوجستية، وغيرها.
في ماليزيا تكررت التجربة على يد مفكرها ورئيس حكومتها مهاتير بن محمد، فمنذ أن كان وزيرًا للتربية والتعليم، ومنذ أن أخضع إعلامه ومفكريه لتجربة البالون المتدحرج، وهو يفكر مع أمته في كيفية بناء سواتر إلكترونية، ومدينة للعلوم الرقمية تنافس بها الدول المتقدمة بل وتتفوق عليها في العديد من المجالات، عن طريق وادي السيليكون، وما كان يحمله هذا المشروع الحضاري من أفكار متقدمة وحلول تكنولوجية لمختلف معضلات التنمية، بل ولجميع مشكلات الواقع المتنامي سكانيًا والمتماهي ماليًا.
أدخل مهاتير بن محمد بلاده في زمرة الدول حديثة النمو، “النمور الآسيوية”، عبر إعادة تأهيل المُعلم، الارتقاء بوضعه الاجتماعي والاقتصادي والحياتي، نقله من “خانة” الإهمال والتخلي إلى آفاق الاهتمام والتميز، ليقود مع شعبه ثورة علمية ملء السمع والبصر.
العام 2024 يدخل علينا وأمامنا العديد من التحديات، وخلفنا العشرات من التجارب الملحمية، سنغافورة، ماليزيا، كوريا، اليابان، وغيرها من الدول التي أعادت للمُعلم قيمته، فأعاد لها كرامتها وهيبتها بين الأمم.
وها نحن في مملكة البحرين نمتلك من التراكم التاريخي ومن التجارب مع المُعلم ما يفوق القرن من الزمان، هو الذي كان الأساس الذي أطلقنا من خلاله التعليم الأولي النظامي بدءًا من الهداية الخليفية، وهو الذي كان بمثابة حجر الزاوية الذي تم البناء عليه حتى يستقيم بنيان التعليم المرصوص، وحتى تصبح بلادنا في طليعة بلدان المنطقة تعليميًا وثقافيًا وتجاريًا ومصرفيًا.
مَن منا لا يذكر أستاذًا فصيحًا تعلم على يديه، ليس في أمهات العلوم واللغة فحسب إنما في كيفية بناء العقلية المتفكرة، وكيفية الوقوف أمام الجمع الغفير لنتحدث إليهم بمنتهى الفصاحة واللباقة واللياقة والقدرة على التأثير، ومَن منا لا يذكر موقفًا خالدًا لمُعلم وهو يلقن ويفكر ويُدرس ويناقش ويحاور ويدافع عن تلاميذه الصالحين وهؤلاء الذين يجانبهم التوفيق في التعبير والتدبير واكتساب المهارات.
بكل تأكيد لدينا في البحرين من التجارب والتاريخ والذكريات ما يشجعنا على طرح العام 2024 على أنه عام المُعلم، عام التقدم، وعام النماء وعام الخدمات الممتازة من خلال الارتقاء بالمُعلم.
صحيح أن المُعلم البحريني حصل على العديد من الامتيازات بالآونة الأخيرة، خاصة بعد أن حظي التعليم الأساسي والتعليم الأكاديمي على اهتمام قادتنا، وكل رعاية مسئولينا، التبكير في قبول الطلبة المستجدين بالصفوف الأولى والمرحلة الابتدائية، وإعادة تنظيم الدوام الرسمي للطلبة، بما ساهم في علاج العديد من مشكلاتنا اليومية على الطريق، وإيجاد الحلول الناجعة للاختناقات المرورية أوقات الذروة.
ونحمد الله ونشكر فضله أننا ونحن في خضم هذا التلاقح الفكري والنهضوي بين المُعلم ومجتمعه، ثم بين المُعلم ووزارته، ثم بين المُعلم وطلابه، نستطيع أن نؤكد أنه في ظل الرؤية الجديدة التي تعمل من خلالها وزارة التربية والتعليم ومجلس التعليم العالي باعتبار كل أعضاء المنظومة التعليمية شركاء في الأداء والأخلاقيات والمسئولية، وكل أعضاء المنظومة التعليمية مساهمون في البناء والعطاء وإعادة المُعلم لهيئته الإنسانية والمجتمعية.
كل ذلك، ووزير التربية والتعليم رئيس مجلس أمناء مجلس التعليم العالي سعادة الدكتور محمد بن مبارك جمعة، والأمانة العامة لمجلس التعليم العالي، وكل المنضوين تحت مظلة هذا القطاع التنويري الواعد، يضعون نصب أعينهم على المُعلم ومنظومته التي يعمل من خلالها، هو ما يدفعنا لكي نأمل في أن يكون العام 2024 وبجدارة هو عام للمُعلم، عام لإعادة التهيئة والهيبة والرونق، وكل عام وتعليمنا بألف خير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .