العدد 5546
الخميس 21 ديسمبر 2023
banner
نعم.. أنت الهدف.. أنت الخبر
الخميس 21 ديسمبر 2023

بتعالي أعداد الصحافيين والمراسلين والإعلاميين الذين تستهدفهم آلة الدمار الإسرائيلية عمدًا وقصدًا، تتشكل الصورة أكثر وضوحًا ونصاعة بمدى أهمية الدور الذي يقوم به هؤلاء الصحافيون في الميدان، ومدى ما يوفرونه من شهادة تاريخية لا تود آمرة الجيوش أن تظهر وتتشكل لأن في هذا إدانة صريحة وموثقة لشهوة القتل والدمار المتصاعدة.
صحيح أن الكيان الإسرائيلي لا يبالي بالرأي العام العالمي في سبيل إنهاء ما عزم عليه من محاولة تركيع قطاع غزة، وصحيح أنه في الماضي تم توثيق ونشر آلاف الصور التي تبين ما يجري فعله في المدنيين، بل وحتى من يحملون سلاح المقاومة، بما يخرج عن كل المواثيق والأعراف الدولية، وصحيح أن القوى الدولية التي تساندهم عرقلت وتعرقل، وستفعل ذلك مجددًا، أي تحرك لاعتبار ما يجري من قبل الجيش الإسرائيلي عبارة عن جرائم حرب، كانت فيها مراوحة، أو تساور البعض شكوك في تسميتها، لكنها اليوم أوضح من أن تنكر، والصور أجلى من أن تستعير تسمية أخرى غير هذه التسميات التي لا مفر من استخدامها، مهما حاول البعض التلطيف واستعمال الدبلوماسية في هذا الشأن.. كل هذا لم يجر تأكيده إلا من خلال حضور الإعلام الفلسطيني والعالمي الشجاع في هذا الميدان الأكثر شراسة وعنفًا، حيث فاقت أعداد الصحافيين الذين اغتيلوا -على الرغم من ارتدائهم سترات الصحافة (PRESS)، وعلى الرغم من “ذكاء” الصواريخ، وعلى الرغم من الإقرار الضمني الإسرائيلي أنها تستهدفهم - أعداد من سقطوا في الحرب العالمية الثانية بطولها الزمني، وبـ “غباء” أسلحة ذاك الوقت.
في الدرس الصحافي للتغطية في مناطق النزاع، يجري الطلب من الصحافي أن يذهب ليأتي بالخبر، ولكن ليحذر حتى لا يكون هو الخبر، في قطاع غزة ينتفي هذا الدرس، إذ لا يفيد الحذر أحدًا، فالتنين الملقي بالحمم جريح بعدم النصر، وجريح ولو انتصر عسكريًا، لا يفرق بين فوهة الرشاشات، وفوهة الكاميرات، وربما الثانية أشد خطورة بالنسبة له لأنها تفضحه وتمنع نسيان جرائمه، لذلك ترى التنين الإسرائيلي يصرخ ويزمجر من شدة آلامه، فيدمّر كل ما يطاله ألمه. إذا عدّت غزة أبطالها من الأطباء، والممرضين، وسائقي سيارات الإسعاف، وفرق الإنقاذ... فإنها لن تستثني الصحافيين أبطالًا على الزمان.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية