رحل الأخ العزيز والصديق المخلص محمد بهلول "بوعبدالله" عن هذه الدنيا الفانية بعد صراع طويل ولسنوات عديدة مع المرض، حيث أصيب الراحل بفشل كلوي قبل سنوات حاول خلالها الحصول على علاج أو استبدال كلية من خلال مراجعة العديد من المستشفيات داخل البحرين وخارجها، لكنه لم يوفق فاضطر إلى اللجوء إلى عملية غسيل للكلية بمعدل ثلاث مرات في الأسبوع، واتباع نظام غذائي صارم حسب تعليمات وتوصيات الأطباء واستبدال مكان سكنه ليكون قريبا من المستشفى.
رحل محمد بهلول تاركا وراءه حزنا وألما وحرقة بين أهله وأحبته وأصدقائه وزملائه، لأن الراحل لم يكن بالنسبة لنا مجرد صديق، إنه كان نموذجا طيبا يحتذى به، نموذجا للإنسان البحريني الطيب البسيط الذي يحب الخير للجميع لا يفرق بين أحد. تعود معرفتي بالراحل محمد بهلول إلى بدايات عام 2005، عندما تعرفت عليه في أحد المقاهي التي كنا نرتادها كل ليلة ومنذ ذلك الوقت لم ينقطع التواصل بيننا، فكان حريصا على التواجد كل ليلة تقريبا حتى في بداية مرضه، فقد كان حريصا على السؤال عن الجميع، فإذا لم يحضر أحد من رواد المقهى يسأل عنه أو يتصل به للاطمئنان عليه، فلما اشتد عليه المرض اضطر في البداية إلى الحضور بشكل متقطع ثم انقطع تقريبا، لكن لم ينقطع التواصل بيننا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصا في المناسبات والأعياد، حيث نتلقى منه التهاني بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك وعيد الفطر وعيد الأضحى، وسوف تذكرنا هذه المناسبات بالصديق الراحل محمد بهلول رحمه الله.
اتسم الراحل بالعديد من الصفات الطيبة، فهو حسن الخلق والمعاملة، وقد كان صديقا للجميع متواضعا بسيطا يحترم الكبير والصغير، ويمد يد العون للفقراء والمتعسرين، كريما شهما يتصدق على المحتاجين بسرية تامة حتى لا تعلم يساره ما تصدقت به يمينه، وخلال شهر رمضان وطوال الشهر الفضيل يأتي بالسحور لرواد المقهى، ولا يتردد في مساعدة الناس سواء كان يعرفهم أو لا، لا يرد من يلجأ إليه طالبا المساعدة، وعندما أتذكر بوعبدالله فإنني لا أتذكر إلا الطيبة والأخلاق الحسنة فهو من الناس الذين لم تغرهم المادة ولا الماديات ولا مغريات الحياة، رغم أن الله أنعم عليه، لذلك كان بسيطا لم يتكبر على الآخرين متواضعا محبا للفقراء عاطفا عليهم، يتكفل بالمحتاجين، فهو من الرعيل الأول من جيل البسطاء والطيبة من رجالات البحرين الذين تربوا على حب الناس واحترام الجميع، فقد مثل رحيله خسارة كبيرة، لكنه ترك وراءه ذكريات طيبة ستبقى محفورة في قلوبنا نحن أصدقاؤه ومعارفه، ولن ننساها ولن ننسى ذكراه الطيبة العطرة.
عندما رأيته آخر مرة في مجلس الأخ نبيل أجور كان في صحة جيدة، رحب بي أجمل ترحيب وسأل عن الجميع وأحوال الأصدقاء والإخوة، ولمته لماذا انقطع عنا فقال إن وضعه الصحي لا يسمح له، ومع ذلك وعد بالتواصل، إلا أن إرادة القدر كانت أسرع، حيث وافته المنية في الوقت الذي كنا ننتظر تواصله معنا.
هذه هي الدنيا محيا وممات، فكل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذي الجلال والإكرام، رحم الله محمد بهلول وأسكنه فسيح جناته داعين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويلهم أهله وذويه ويلهمنا جميعا الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.
كاتب بحريني