العدد 5229
الثلاثاء 07 فبراير 2023
banner
المطلوب حلول عاجلة للبطالة
الثلاثاء 07 فبراير 2023

امتازت مملكة البحرين خلال العقدين الماضيين بنسب منخفضة من البطالة عموما وبطالة الخريجين خصوصا، حيث كانت هذه النسبة تتراوح بين 4 و5 % وفقا للبيانات الرسمية المنشورة، وكان ذلك أمرا إيجابيا يعكس مؤشرات وجود نمو اقتصادي، ونجاح الاستثمار في الثروة التي توفر المزيد من الوظائف.

ومع ذلك وفي الواقع العملي كانت البطالة محسوسة، خصوصا ما اصطلح عليه باسم "بطالة الخريجين"، ومازلنا نتذكر الجهود التي بذلت لتوظيف الآلاف من العاطلين في القطاعين العام والخاص اللذين حاولا استيعاب تلك الأعداد أو الجزء الأكبر منها بصعوبة بالغة مع استمرار وزارة العمل بتوفير صرف بدل التعطل وفقا للضوابط القانونية المعلنة، ما خفف سلبيات ظاهرة البطالة نسبيا.

أما اليوم فإن الظروف التي تمر بها مملكة البحرين في ضوء تداعيات كورونا والبرامج المتخذة للتقشف والتحكم في الاقتصاد للحد من الاختلال في الميزانية العامة للدولة، كان من نتائجها المباشرة تقليص نسبة التوظيف في القطاع الحكومي العام، والذي يفضله الخريجون البحرينيون بالدرجة الأولى لأنه مصدر للأمن يساعدهم على بناء مستقبلهم وتكوين أسرة، أما الوظائف في القطاع الخاص فإن أغلبها لا يتسم بالاستقرار فضلا عن انخفاض الرواتب إلى مستويات متدنية لا يمكنها أن تعيل عائلة أو أسرة حتى إن كانت صغيرة، أو أن تجعل المواطن قادرا على بيت.

وعلينا أن نعترف في هذا الإطار صراحة بأن لدينا مشكلة بطالة، خصوصا مشكلة الخريجين، فلا يوجد بيت في البحرين تقريبا إلا وفيه خريج أو أكثر عاطل عن العمل تصرخ عائلته بأعلى صوتها وتنادي وتناشد لتوفير فرصة عمل لابنها أو بنتها، فهؤلاء الخريجون لا لأنهم لا يريدون العمل، إنما لأنهم لم يجدوا عملا يتوافق مع شهادتهم العلمية والأكاديمية التي أنفقت في سبيلها الدولة والأسرة آلافا مؤلفة من الدنانير، وعندما نعترف صراحة بأن لدينا أزمة بطالة متفاقمة ومتسارعة سنبدأ بمعالجتها بشكل موضوعي وفوري وسريع ووضع الخطط المستقبلية لاستيعاب الخريجين من خلال برنامج إصلاحي يشمل التعليم والتعليم العالي والتدريب والقطاعات الإنتاجية كلها، ولا بد أيضا في هذا الإطار أن ننوه بأن الحلول الترقيعية والجزئية لم تعد تنفع لمواجهة هذا الملف الخطير والجدي الذي بينت التجارب في جميع البلدان أنه إذا تراكم يتحول إلى قنبلة قد تنفجر في وجه الجميع في أي وقت، وأن الإعلان عن أعداد العاطلين الذين تم توظيفهم لا يحل المشكلة.

لنكن صريحين وصادقين مع أنفسنا بأن الحلول الترقيعية التي تمت تجربتها لم تفد كثيرا، وأن التصريحات التي تم الإعلان فيها عن أعداد العاطلين عن العمل الذين تم توظيفهم من خلال وضع الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب تبين مع الزمن أنها لم تساعد على حل مشكلة البطالة.

إذا ما اعترفنا بوجود مشكلة من ناحية وأوقفنا الحلول الترقية المعروفة والبيانات غير المفيدة يكون من الممكن وضع خطة جديدة وحقيقية قابلة للتنفيذ تشمل إعادة هيكلة التخصصات في الجامعات الحكومية والخاصة بما يخدم سوق العمل في الحاضر والمستقبل، والتركيز على التخصصات التكنولوجية والرقمية أكثر كالذكاء الاصطناعي والطاقات المتجددة والوظائف الصحية المساعدة والتخصصات الدقيقة التي يشغلها خبراء ومتخصصون من الوافدين، ومراجعة شروط التوظيف وتعديل بعض القوانين والتشريعات المرتبطة بسوق العمل بما يعزز فرص البحرينيين في الحصول على الوظائف ذات الدخل المتوسط والعالي مثلما أشارت إلى ذلك رؤية البحرين 20/30 بأن يكون البحريني الخيار الأفضل لسوق العمل.

إن مشكلة البطالة مشكلة صعبة ومعقدة وتأثيرها على المجتمع ثقيل وصعب عندما يرى الآباء والأمهات أبناءهم يجلسون في البيوت ولا يجدون الوظائف المناسبة وهذا أمر غريب وغير مسبوق خصوصا أن التوظيف الحكومي مصدر أمان للمواطن.

صحيح أن الصعوبات الاقتصادية والمالية التي تواجهها الدولة وأغلب دول العالم تقف حجر عثرة أمام برامج التوسع في التوظيف في القطاع الحكومي، ومع إقرارنا بأهمية الحفاظ على توازنات الدولة المالية، فإننا نعتقد اعتقادا جازما بأن الالتفات إلى ملف البطالة بالجدية اللازمة وحسمه يعد أمرا لا يقل أهمية عن هذا التوازن المنشود والله من وراء القصد.

 

كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .