العدد 5511
الخميس 16 نوفمبر 2023
banner
ضريبة الحقوق
الخميس 16 نوفمبر 2023

والحديث لا ينتهي في كل مجلس وتجمع عمّا يحدث في أرض غزة، ويجري الاتفاق العام على الجريمة النكراء من جانب جيش الاحتلال، والشعور بالألم والغصة والحزن والأسى لحال المدنيين بين قتيل، وجريح، ومهجّر، وبطبيعة الحال يكون هناك تركيز أكبر على الفئات الأضعف في المجتمع، والأكثر هشاشة، ولكن... ينثني الحديث تالياً لتحليل ما جرى ويجري، ويبدأ الخلاف يدب.
واحدة من الحجج التي تطرح في هكذا نقاشات، وبصيغة فيها كم كبير من اللوم والاتهام “ألم تحسب حماس للتبعات التي ستحدث فيما لو قامت هي بالمبادرة بهذه العملية؟!”. وهذه الحجة - على ما فيها من الصحة، وعلى ما لها من وجاهة - فإن “حماس” أو أي فصيل فلسطيني مسلح كما كان سابقاً، إن كان سيحسب أن دولة الاحتلال سوف لن ترد على أي تحرك عسكري من طرفه، سيكون ساذجا وواهما، وسيكون أكثر سذاجة ووهما إن اعتقد أن الرد سيكون بمقدار الفعل، كما هي القاعدة الميكانيكية المشهورة؛ لأن هذا الكيان سيرد رداً قاسياً جداً، وخارجاً عن حدود “الثأر” وحسب، وصولاً إلى التنكيل، ليرسل بذلك رسالة إلى هذا الفصيل، وغيره من الفصائل: أن إياكم أن تفكروا في مجرد “الدوس” على ظل هذه الدولة، فالرد سيكون في أقصى صوره، وأقسى أشكاله.
لقد حفظ كل الفلسطينيين أن اصطناع الأدب والمسكنة، وإظهار الضعف والتذلل لسلطة محتلة سوف لن يجدي نفعاً، بل ستزداد وطأة الأحذية الثقيلة التي لا حدّ لشهوة تسلطها واستعلائها الراسخ في عقيدتها وتعاليمها. ولقد علمت الفصائل الفلسطينية - بل والشعب كله، ومن خلال خبرات وتجارب السنوات الخمس والسبعين الماضية، وما تقلبت عليه الأحوال، من عصابات صهيونية مدعومة من السلطات البريطانية، إلى إنشاء البؤر الاستيطانية، إلى المذابح والتشريد غير المبرر أساساً، إلا لأن المحتل كان يرى الفلسطينيين (وغيرهم من أجناس العالم) أنهم أقل شأناً ودرجة - أن الحقوق لا تُعطى، وإنما “تُنتزع”، مع ما في الانتزاع من ألم، وهذا ما تفهمه الآلة الصهيونية جيداً، لذلك فهي ترش الألم على الجميع، لأنها تدرك أنها ليست في مواجهة فصيل، بل في مواجهة إرادة.
كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية