العدد 5505
الجمعة 10 نوفمبر 2023
banner
تاريخ الصدفة والغباء
الجمعة 10 نوفمبر 2023

الكتاب اسمه تاريخ الصدفة والغباء.. للكاتب إريك درتشميد، ترجمة محمد حبيب وصادر عن دار المدى في أكثر من 400 صفحة. هذا الكتاب يكشف لنا كيف أن تاريخ الانتصارات والهزائم والأحداث الكبرى عموما لا يرتبط طول الوقت بمهارة القائد وذكاء صاحب الاستراتيجية، لكن كانت نقاط التحول في كثير من الأوقات مرتبطة بتفاصيل قائمة على الصدفة أو على غباء أحد الأطراف.
مصير الحرب الصليبية كان سيتغير لو أن قائد الجيوش استمع جيدا لرأي قمص طرابلس الذي قال له لا تجبر جيشك على عبور هذه الأراضي القاحلة، سيهلكون بسهولة وسينقض علينا صلاح الدين في الصحراء، إلا أنه رفض الاستماع لرأي شخص أدرى بالمنطقة وبصلاح الدين الأيوبي لمجرد أن القائد لم يكن يحب قمص طرابلس بوشاية من آخرين في الجيش قالوا له إنه خائن، أما سور برلين فقد كانت شرارة هدمه جملة عابرة خرجت لا إراديا من الناطق الرسمي للجنة المركزية للحزب الحاكم في ألمانيا الشرقية، في ليلة ما وفي حفل موسيقي في مدينة ليبيزيغ تجرأ الموسيقي الشهير كورت موزارت وقال أمام المئات دون سابق تخطيط (لا نستطيع الاستمرار هكذا)، بعدها بيومين كان هناك خمسون ألفا في الشارع، وبعد أسبوع أصبحوا أكثر من مئة وخمسين ألفا، اشتعل الموقف وأصبح الشعب في الشارع على وشك أن يهدم سور السجن الذي يحول بينه وبين أوروبا الحديثة وفي لقاء على الهواء على هامش الحدث مع الناطق الرسمي للحزب سأله أحد المراسلين (متى سيسمح للمواطنين بحرية السفر؟) فقال دون أن يفكر (يستطيعون أن يغادروا متى أرادوا ولن يمنعهم أحد)، حركت الجملة العالم كله لدرجة أن أهل ألمانيا الغربية زحفوا باتجاه السور واعتلوه في انتظار فتح الأبواب أمام أهل ألمانيا الشرقية، كانت قوات الشرطة التي تحرس البوابات متربصة بحشد ألمانيا الشرقية ومدججة بالسلاح وكانت تعلم أن الجملة كانت للاستهلاك الإعلامي، فهي لم تتسلم أوراقا رسمية بالسماح بالسفر، ورابطت في أماكنها إلى أن أخطأ أحد الجنود الذين كانوا يبعدون الحشود، شعر باختناق فقام بفتح البوابة ليبتعد عن الحشد من أجل بعض الهواء فاندفعت الحشود من هذه الفتحة الصغيرة، اعتقدت حراسة بقية البوابات أن الأوامر وصلت ففتحوا البوابات أمام الحشود فانهار الجدار.
كاتب مصري
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .