تأتي دعوة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش في 12 يونيو الجاري 2023 للخبراء والعلماء في العالم بخطوات عملية لمواجهة خطر الذكاء الاصطناعي في وقت مهم جدًا، وتستند إلى مبررات قوية تدفع للاهتمام بها في ضوء ما نشاهده من أضرار ومفاسد مست كل جوانب الحياة، بل وتجاوزت كل الخطوط الحمراء، لدرجة أفزعت بعض المتخصصين والخبراء الذين حذروا في دراسة قانونية لكلية أستون للقانون في جامعة كوينز بلفاست وكلية القانون في جامعة نيوكاسل البريطانية من إمكانية استخدام ما يسمى بالشبح الآلي لإعادة تكوين شكل أو صوت أو حتى السمات الشخصية لأفراد ماتوا، سواء عبر تطبيقات محادثة الذكاء الاصطناعي أو الهولوغرام أو فيديوهات التزييف العميق، ما يعني أن خطر الذكاء الاصطناعي لم يسلم منه حتى الأموات.
أما عن الأحياء، فقد وصف غوتيريش الذكاء الاصطناعي بالتهديد الوجودي للبشر، منبهًا إلى أن التحذيرات الأقوى تأتي من مصممي تلك التقنيات الذين وصفوا الذكاء الاصطناعي بأنه خطر وجودي يهدد البشرية يضاهي خطورة الحرب النووية، ما يوجب ضرورة التعامل بجدية مع تلك التحذيرات. وكونه مسؤولاً عن المنظمة الأممية المعنية بمراقبة وإحلال الأمن والسلم والتنمية في العالم، فقد رأى غوتيريش أن المنصات الرقمية تحولت من مصدر أمل لبعض الفئات وفي بعض الأوقات إلى مصدر خوف لما تنشره من أكاذيب وما تسببه من نشر للكراهية والعنف وتهديد للديمقراطية وحقوق الإنسان والصحة العامة والمناخ وغيرها، داعيًا إلى عمل دولي منسق كي يكون الفضاء الرقمي أكثر أمنا وشمولا، وصياغة مدونة قواعد سلوك تجبر الحكومات وشركات التكنولوجيا على عدم استخدام المعلومات المضللة والابتعاد عن خطابات الكراهية، وتضمن الأمان والخصوصية في جميع منتجات المنصات الرقمية.
إن عالم الذكاء الاصطناعي عالم كبير مليء بالإيجابيات والمنافع للبشرية كلها، إلا أن إطلاقه دون قيود أو حدود يزيد تغوله وانتهاكه حياة وقيم وأعراف البشر وخطره عليهم بعد وفاتهم، ما يعطي فكرة تأسيس كيان دولي خاص بموضوع الذكاء الاصطناعي التي يرحب بها الأمين العام للأمم المتحدة مشروعية وأهمية كبيرة لتكون بمثابة الإطار الملزم المنظم للذكاء الاصطناعي، فهل تتحمس الدول الأعضاء بالأمم المتحدة لهذه الفكرة؟.
* كاتب مصري