العدد 5308
الخميس 27 أبريل 2023
banner
فن السوشال ميديا
الخميس 27 أبريل 2023

سحب مشاهير السوشال ميديا في واقع الأمر البساط عن الممثلين نوعاً ما، بما يقدمونه من محتوى يومي سهل الوصول، ولا يكلف المشاهد إلا خدمة متوفرة لديهم أساساً ألا وهي خدمة الإنترنت، وهو ما يضيف من وجهة نظري الخاصة إلى قائمة الفنون المعروفة فناً جديداً لم يكن موجوداً بالسابق، ألا وهو فن السوشال ميديا.
لا وجه للمقارنة بين فنان متمرس، يتبع قواعد التمثيل الأساسية، ويضيف من إبداعاته وإحساسه إلى الشخصيات التي يقدمها ضمن قصص مدروسة لها أسسها وقواعدها التنفيذية والفنية، ومواقف أو مشاهد قد تكون عشوائية أو ربما مخططة أحياناً، لكنها وليدة لا يكتمل نموها، ولا يمكن لها الخلود، لكننا في الوقت ذاته لا يمكننا أن ننكر بأن السوشال ميديا أصبح فناً قائماً بذاته، بغض النظر إن كان الأساس العفوية أو المواقف المرتبة، فالكل يعرف بأن ما يجري هو تمثيل في المجمل، ولا يمت إلى الواقع بصلة.
من الملفت حقيقة أن مشاهير السوشال ميديا أصبحوا ينافسون الممثلين من ناحية الشهرة والمتابعة، وهو ما دفع كل الممثلين الذين يريدون البقاء في الساحة لأن تزداد شهرتهم وأعداد معجبيهم لتسجيل حضورهم في السوشال ميديا، وذلك بنشر حياتهم اليومية على الملأ أسوة بما يصنعه مشاهير السوشال ميديا، لكن المعضلة في نشر كل تفاصيل الحياة الخاصة بقدر مبالغ فيه، والأدهى من ذلك إن كان الهدف الرئيسي الحصول على (الترند) باستفزاز الناس من خلال طرح ما هو غير ملائم أو جدلي، أو أن تصيب هذه المواقف الأخلاقيات، ومنها أمور قد تكون للرائي بسيطة، لكنها عظيمة في حق مجتمع له قيمه المتأصلة.
ولم تدفع إلى خوض غمار السوشال ميديا زيادة المتابعين والشهرة فقط، بل الأجور التي يستلمونها، وهي أجور ليست هينة مقابل تصوير سريع لا يتعدى الثواني أو الدقائق المعدودة، وهو الأمر الذي دفع الممثلين إلى أن يكون السوشال ميديا مصدر دخل إضافيا لهم، بل وربما رئيسيا لدى البعض منهم، كما دفع ببعض المنتجين لتطعيم بعض الأعمال الدرامية بهؤلاء المشاهير بغية رفع أعداد المشاهدات وضمان البيع حتى إن كانوا لا يصلحون لهذا العمل.
وينقسم هذا العمل كما هو ملاحظ إلى قسمين، القسم الأول المتضمن للحراك الذي يجعل من المحتوى متابعاً بشكل مستمر ويزيد من عدد المتابعين، والقسم الثاني الذي يشكل وقود هذا الاستمرار، وهي الإعلانات التي أخذت طابعاً جديداً في العرض، اختلف كثيراً عن الطريقة الاعتيادية للإعلانات التجارية، وهو ما يرصد له التجار مبالغ كبيرة، وهم في اطمئنان باسترداد أموالهم لحجم الإقبال الكبير الذي يشهدونه من إعلانات بعض المشاهير، بيد أنهم يصدمون في بعض الأحيان مع من يتراءى لهم بأنهم مشاهير؛ لسبب عدم تمكنهم من تعويض حتى 1 % مما دفع لهم، إما لضعف المتابعين أو اختلاف فئاتهم واهتماماتهم.

كاتب وأكاديمي بحريني

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية