العدد 5297
الأحد 16 أبريل 2023
banner
الحرب وأبعادها على الخليج
الأحد 16 أبريل 2023

هل الحرب الروسية الأوكرانية نزاع مسلح بين بلدين لخلاف عرقي أو حدودي بينهما؟ أم أن الواقع له أبعاد تتجاوز مساحة 600 كيلو متر مربع حيث يدور القتال؟ وهل هي حرب تقليدية ينطبق عليها مصطلح النزاعات المتعارف عليها وفق القوانين الدولية؟ أم أنها حرب تتجاوز معاييرها الجيوغرافية السياسية ليمتد لهيبها ليشمل العالم بأسره سواء الدول القريبة من حدود الصراع أو الدول النائية؟
إن تداعيات هذه الحرب وسيناريوهاتها اليومية بدت واضحة المعالم والأبعاد، فهي لن تنحصر في محيطها الجغرافي على الآلة العسكرية فحسب، بل هو صراع عالمي بين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأميركية، عنوانه كسر عظام قطب عالمي، خطط له منذ تفكك الاتحاد السوفياتي في بداية تسعينات القرن الماضي، الولايات المتحدة تريد إسدال الستار على المعاهدات والاتفاقات الدولية التي تم التعهد بها بعد الحرب الثانية، وتغيير ميثاق الأمم المتحدة حيال السلام والأمن الدوليين.
انعكاسات هذه الحرب ستكون عبئاً ثقيلاً على البشرية جمعاء، لأنها ستأخذ أبعاداً تهز استقرار العالم من نواحٍ متعددة: اقتصادية وغذائية وتضخم وانهيار الأسواق العالمية، إلى جانب صراع الطاقة، والممرات البحرية، والأهم إنهاك الصناديق السيادية للدول التي لديها وفرة مالية، والسيطرة على تلك الموارد، لمواجهة النمو المخيف للصين، ولن يتأتى لأميركا البقاء كقطب أوحد إلا بحصار روسيا عسكرياً وحصار الصين اقتصادياً.
وبنظرة واقعية على سرد الأحداث التي شهدها العالم خلال ثلاثة عقود مضت، تتكشف الأمور لدى المتابعين للتغيرات التي طرأت منذ سقوط سور برلين أواخر العام 1989، واختلال التوازن بتفكك حلف وارسو، وما تلاها توسع الناتو شرقاً، إلى الحرب على يوغسلافيا وتقسيمها حتى غزو العراق وأفغانستان، كل هذه سلسلة متواصلة للحرب الأوكرانية الروسية.
إن ما يهمنا كدول خليجية وعربية أن نلقي الضوء على أبرز محاور هذا الصراع على رأسها التحالفات والتكتلات القادمة إلى جانب الاقتصاد والأمن الغذائي والطاقة، والممرات البحرية، والصناديق السيادية وهذه العناصر هي وقود هذه الحرب، فدول الخليج تمتلك وقود هذه الحرب التي تقودها أميركا، وستجرّ إلى هذا الصراع، ليس بالضرورة عسكرياً، ولكن أهم عناصر التغيير الدولي وفق خطة واشنطن، متوافرة لدى دولنا وهي الطاقة بكل عناصرها والممرات البحرية ووفرة السيولة.
ومن هذا المنظور ينبغي على دولنا، البحث عن آلية مستحدثة تغير مسار السلحفاة الذي انتهجته عبر أربعة عقود منذ إنشاء مجلس التعاون، ويأتي هنا دور مراكز الدراسات والباحثين الإستراتيجيين، لوضع هذه المخاطر والمتغيرات في الحسبان، أياً تكن نتائج وتداعيات هذه الحرب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .