العدد 5235
الإثنين 13 فبراير 2023
banner
مجـرد رأي كمال الذيب
كمال الذيب
الميثاق كلحظة تاريخية لتجديد الذات
الإثنين 13 فبراير 2023

تعقيبًا على العمودِ السَّابقِ (تجديد لحظة الميثاق) سألني أحدُ الأصدقاءِ: “ما الذي بقيَ من الميثاق بعد 22 سنة من التصويتِ عليه؟”. قلت: إنني أنظر إلى الميثاق باعتباره مدونةً من المبادئِ والثَّوابتِ والقيمِ والرؤى التي حظِيَت بما يقارب الإجماع الوطنيِّ، ولذلك مهما تغيرت الأوضاعُ والأحوالُ، وتعددت الأفكارُ والاتجاهاتُ، فإن الميثاقَ سيظل يستوعبُ مجمل تطلعاتها المشروعةِ، وسوف يبقى مرجعًا صالحًا لأمدٍ بعيدٍ. 
صحيحٌ أنَّ تلك اللحظة كانت، بمعيارِ التَّاريخِ، لحظةً ارتقائيةً لتجديدِ الذَّات السياسيةِ والثقافيةِ والاجتماعيةِ للدَّولةِ والمجتمعِ معًا، وتحصينهما ضدَّ عوامــلِ الوهنِ المعطِّل لحيويةِ المجتمعاتِ، لكنها ليست معلقةً على لحظة التَّصويتِ والإجماع الوطنيِّ، بل هي ممتدة إلى اليومِ، يفترضُ أن تحتكمُ إليه الأفعال والأقوالُ جميعُها.
لقد أدْرَكَتْ أغلبُ القوى الحيّةُ في المجتمعِ تلك الحقيقةَ، فنظرت إلى الميثاق كمرجعية للإجماع والوحدةِ. والتاريخُ المعاصرُ يعطينا العديدَ مـن الشَّـواهدِ علـى صـدقِ هــذا الإدراكِ وأهميتِهِ. فالميثاقُ نقطةُ تحّولٍ مهمةٍ، بما يمثله من تطوير للحياة السياسية، وتعزيزٍ للشَّراكةِ الوطنيةِ من أجل بناءِ المجتمعِ الديمقراطيِّ تدريجيًّا، واستشرافِ تطوّرِ المجتمع وتطلعاتهِ نحو تعزيزِ الحقوقِ والحريَّاتِ وتوفيرِ سبل العيشِ الكريمِ، في مجتمعٍ حرٍّ متقدمٍ.
وباختصار مازلتُ أرى الميثاقَ استجابة ً “لنداء الواجب الوطنيِّ”، وتمثّلاً للحاضر والمستقبل، وإدراكًا لما تحمله التحوّلاتُ الدوليةُ والإقليميةُ من انعكاساتٍ ومخاطر واستحقاقاتٍ، وتأكيدًا على جدارة ِالشَّعبِ بحياةٍ سياسيةٍ ديمقراطيةٍ حقيقيةٍ، وإحاطة ممارستها بالضوابط والقواعد الدستورية والقانونيةِ التي تضمن لها أسباب النّجاح والاستمرارِ.
صحيحٌ أن التجربةَ واجهتها بعضُ التحدياتِ، نتيجةً لعوامل عديدةٍ داخليةٍ وخارجيةٍ، إلا أن مشروعَ التحديثِ والإصلاحِ، سوف يظلُّ هدفًا مشتركًا بين الدولة وقوى المجتمع، في سبيل استكمالِ بناءِ دولةِ الحداثةِ والمواطنةِ المتساويةِ، ضمن برامجَ وطنية يُسهم فيها الجميعُ على أساس مرجعية الميثاقِ، بالتمسكِ الوثيقِ بمكاسب الدولةِ الوطنيةِ العصرية، ومنظومة الحُقوق والحرياتِ والمسؤوليةِ المعززة بإنجازات ملموسة على الأرض، داخلَ منظومةٍ مرجعيةٍ موحدةٍ، سقفُها الحرية ُ والعدالةُ والعملُ من داخل المؤسساتِ، وتحصينُ الجبهةِ الداخلية ضدَّ أي اختراقٍ.
* كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية