العدد 5221
الإثنين 30 يناير 2023
banner
عملة نادرة
الإثنين 30 يناير 2023

الحياة قائمة على المتغيرات، مع وجود بعض الاستثناءات الكونية بالطبع، والإنسان متغير بطبيعته، خلق ليكون في صراع مع نفسه ومحيطه، بيد أنه شتان ما بين التغير والتغيير؛ فالأول إذعان دون محاولة أو تخطيط، والثاني على العكس من ذلك تماماً، فتكون الإرادة هي سيدة الموقف، ومؤثرة فعلية على النتيجة.


الغريب في الأمر، أن أشخاصاً يفنون حياتهم لسنوات بل لعقود من الزمن، ولا يتغيرون، فيبقون على ما وجدوا عليه، بنفس التصرفات ونمط التفكير وأسلوب الحياة، فلم يحل أي تغيير على شخصهم وحياتهم! وفي واقع الأمر، هناك تغيرات إيجابية، وأخرى سلبية، فالأمر يعود إلى الشخص وتربيته وإرادته ومستوى ذكائه ورؤيته إلى المستقبل، فإما أن يحدث التغيير إلى الأفضل، أو إلى الأسوأ، أما أن يبقى على ما هو عليه طوال الزمن، فذلك أمر يبعث إلى الاستغراب التام!


ليس من الطبيعي حقيقة أن نرى شخصاً بعد انقطاع سنوات طويلة، ونتوقع منه أن يبقى ذلك الشخص الذي عهدناه، بيد أن الصدمة في بقائه كما كان؛ فلم تجر عليه أية تغييرات لا بالإيجاب ولا السلب، رغم ذلك فإنه من الجميل جداً، أن يبقى الإنسان على حال جيدة، ثابت على مبادئه واعتقاداته الطيبة والحكيمة، وألا تنجسه صعوبات الحياة وظروفها، بل يبقى صامداً بسماته وأخلاقياته، وهي قدرة عظيمة لا تتوفر لدى أي شخص.


ما يفرق بين الطفل والشخص الناضج، هو أن الطفل يتسم دائماً بالبراءة والعفوية، لكن كلما اختبرته الحياة وطال به العمر وكبر، تتبلور شخصيته حتى يجد نفسه إما محارباً شرساً للتغلب على الظروف والمشكلات، أو مستسلماً للمضي في السوء، وبالتالي فإنه من غير المألوف ألا يتغير شخص بعد مرور سنوات، أما الباقون على صفائهم ونقائهم فهم عملة نادرة، من الضروري ألا نخسرهم إذا ما سمحت لنا صدف الحياة لقاءهم.

* كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية