العدد 5033
الثلاثاء 26 يوليو 2022
banner
د.حورية الديري
د.حورية الديري
فقاعة الراحة
الثلاثاء 26 يوليو 2022

الصفات الشخصية من أهم ما يميز العلاقات بين البشر، وهي نعمة ربانية أوجدها الله سبحانه وتعالى لتيسير عملية التفاهم والصلات، لذلك تشترك معظم أنماط الشخصيات الإنسانية في العديد من الصفات، لكنها تتفاوت من شخص إلى آخر لاعتبارات كثيرة، كما في حديثنا اليوم المتعلق بشخصية تصر أن تعيش في منطقة الراحة بسبب معاناتها الشديدة وتدني تقدير الذات لديها. إنها الشخصية المترددة التي تعادي نجاحها وتقدمها في الحياة، والأسباب كثيرة في ذلك، سنعرفها إن اتفقنا بأن صفة التردد موجودة لدى الجميع ولكن بنسب متفاوتة، فمن الطبيعي أن نتساءل عن فعل أو تصرف ونتردد في اتخاذ قرار معين لحماية النفس وعدم إيذاء الآخرين، لكن من غير الطبيعي زيادة التفكير والخوف من اتخاذ القرار في أبسط الأمور، لأن مسألة التفكير في الأمر مرارًا، وأيامًا، وشهورًا، مؤشر على فرط التفكير، ينجم عنه التردد الذي يحرم الإنسان من عيش الحياة التي يتمناها، والهروب من مواجهة تحديات الحياة، واستغراق الوقت الطويل في الوصول إلى الهدف، والميل إلى الروتين والبعد عن التجارب الجديدة، والعزوف عن تحمل المسؤولية.
نعم أعزائي القراء إنها شخصية “فقاعة الراحة” التي تنأى عن تحمل مسؤوليتها في الحياة، وتتقوقع من أجل راحتها المزعجة ربما بسبب تنشئة أسرية أو اضطرابات نفسية، أو ظروف بيئية وتجارب حياتية قاسية أدت بها لجلد الذات ومحاسبتها.
هذه الشخصية من وجهة نظري تحتاج إلى وقفة ومحاسبة للنفس لفرقعة تلك الأوهام التي تراكمت فصنعت حاجزًا ضوضائيًا عن الحياة، والحل يتمثل في الوعي الذاتي أو اللجوء إلى متخصصين، للعمل على تنمية المهارات الخاصة والقدرات الكامنة، والاعتراف بها لرفع مستوى الثقة بالنفس من خلال العمل على تجربة أشياء جديدة في الحياة، والتدريب على تتبع الشغف والأحلام، وبذلك يمكن البدء باتخاذ قرار حول الخيارات اليومية البسيطة ووضع قائمة القرارات والمهمات المطلوبة، والالتزام بجدول زمني محدد للتعود على التنظيم والدقة، حتى تنضج مهارة التفكير السريع وتحفيز الذات وتتجاوز مسألة الإفراط في التردد للوصول إلى الاحتفاء الدائم بالمبادرات والنجاحات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .