العدد 4974
السبت 28 مايو 2022
banner
كيس الأفكار
السبت 28 مايو 2022

كثيرًا ما أجتمع مع شباب ورواد أعمال يتحدثون أمامي عن كثير من الأفكار بحماسة، أناقشهم وأعطيهم عصارة تجاربي ونصائحي، بل أصبح متحمسا لفكرتهم أكثر منهم، لكن كثيرا ما أندم عندما ألتقي فيهم بعد أشهر وأرى أنهم لم يحرّكوا ساكنا، بل أرى بعضهم وقد أرسل سيرته الذاتية باحثا عن أي وظيفة، فقررت أن أضع خلف باب مكتبي كيسًا، وأسأل رائد العمل: هل اتخذت خطوات على أرض الواقع لاختبار أو تنفيذ فكرتك؟ فإذا قال لا، طلبت منه أن يرمي بها في “كيس الأفكار”.

إن أحد أكثر الأسئلة التي تطرح مرارًا وتكرارًا هو أيهما أكثر أهمية الإبداع أم العمل الجاد؟ وفي الحقيقة أن ريادة الأعمال عملية موازنة بين الأمرين، فالعمل الجاد وحده من الممكن أن يحقق نتائج غير مهمة، كما أن الإبداع يمكن أن يولد أفكارا عظيمة، لكن ما لم تعمل بجد، فلن تصبح هذه الأفكار حقيقة وستبقى مجرد أفكار إلى الأبد.

أغلب الموظفين ورواد الأعمال يعملون بما لا يقل عن 8 ساعات يوميًا، لكن النتائج تأتي مختلفة، فالبعض يفني حياته في نفس الوظيفة إلى أن يتسلم شهادة شكر مع مكافأة بسيطة للتقاعد، والبعض الآخر يحقق ما لا يستطيع تحقيقه آلاف رواد الأعمال من مكافآت وامتيازات وعوائد مالية، من ناحية أخرى.

يعتقد الكثيرون أن التفكير الإبداعي شيء من الممكن أن يمتلكه الشخص أو لا يمتلكه، ولكن هذا ليس أمرًا واقعيًّا، صحيح أن الإبداع يأتي لبعضنا بسهولة أكبر من الآخرين، لكن في بعض الأحيان يتعلق الأمر فقط بتدفق الأفكار والاهتمامات والأولويات.

في شركتي، نقوم بما نسميه أسبوع “النفضة” أو إعادة الترتيب، والفكرة منها الحصول على وقت فراغ خالٍ من الانقطاع للتركيز في حل مشكلة واحدة معقدة ظهرت من خلال العمليات والخدمات التي نقدمها للعملاء، فعلى سبيل المثال واجهنا مشكلة في عدم تقبل مشتركي الدورات على منصة تدريب “هب” للعروض المقدمة، وبعد التحليل والاستطلاع اكتشفنا أن المشكلة الحقيقية هي عدم فهم العروض المقدمة، وبالفعل بعد أسبوع “النفضة” وتفكير في حل مشكلة فهم العروض فقط دون الانشغال ببقية المهام، استطعنا الوصول لطريقة توضيحية للعروض عن طريق محاضرات مجانية توضح قيمة الدورات والعروض.

لقد ساهمت أسابيع النفضة في بعض أهم ابتكاراتنا، شيء مدهش للغاية ما يمكن لعقلك أن يأتي به بمجرد التخلص من مخاوف المشاكل اليومية، فهذه الأسابيع وفرت للموظفين ذوي الرؤى والخلفيات المختلفة التعلم من بعضهم البعض، فالإبداع لا يأتي من فراغ، قد يكون أسبوعًا كاملًا من العمل على حل مشكلة بسيطة يبدو أنه مضيعة للوقت، لكن هذا الوقت يساهم في وضع حلول إبداعية بدلا من الحلول السريعة الترقيعية، فالإبداع يحتاج للإلهام، والإلهام أمر يحدث لجميع البشر بدون استثناء متى ما توافرت الظروف، فقط امنح نفسك الوقت والمساحة للتفكير، والتحدث مع الأشخاص داخل وخارج مجال عملك، والقراءة من مجموعة متنوعة من الكتب والمقالات، وستندهش في قدرتك في توليد الأفكار الإبداعية.

رسالة للسلبيين

أكثركم للأسف لا يرى عيوبه ويعتقد بأنه أفضل من الجميع، لدي تحدٍّ بسيط من الممكن أن يغير طريقة تفكيرك، افتح برنامج اليوتيوب وراجع آخر 10 فيديوات شاهدتها، ثم افتح برنامج تويتر وشاهد أول 10 تغريدات تشاهدها، ثم الانستقرام وشاهد أول 10 منشورات في الإكسبلور، الخوارزميات لا تكذب، كل ما ظهر لك هو ما تغذي عقلك به وهو ما يمنع عنك التفكير الإبداعي والحافز للعمل الجاد، فالمقاطع غير المفيدة والأخبار السلبية لن تجعل منك شخصًا ناجحًا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية