العدد 4833
الجمعة 07 يناير 2022
banner
ممنوع الدخول على المدير.. أجمل اللوحات عندهم
الجمعة 07 يناير 2022

سمعت الفيلسوفة الهندية القديمة “جارجي” بوجود عالم جليل عارف بالله في إحدى الغابات البعيدة، فرغبت في مقابلته، وبلغت مقره بعد رحلة شاقة، ثم سألت أحد تلاميذه أن يستأذن لها عليه، فعاد يبلغها أنه لا يستطيع استقبالها لأنه “سانیازي” العقيدة لا يقرب النساء، وهنا ابتسمت “جارجي” وقالت للتلميذ وهي تهم بالعودة من حيث أتت: حسنا، لقد انقضت بعد هذا رغبتي في رؤيته، ولما حمل التلميذ إلى أستاذه جوابها، لحق بها وسألها: كيف عزفت عن رؤيتي وقد تجشمت في سبيلها هذه الرحلة الطويلة؟ فقالت: لأنني عرفت أنك لست عارفا حقيقيا بالله. وعاد الرجل يسألها: وكيف عرفت ذلك؟ فأجابت قائلة.. لأن العارف الحقيقي بالله لا يفرق بين أحد من خلقه.
هذه القصة واضحة الملامح والقسمات، وتذكرنا ببعض المسؤولين والمدراء وغيرهم من أصحاب المناصب في مختلف جهات العمل الحكومية والخاصة، الذين يخيل إليك أنهم يمشون في خط مستقيم ولا يفرقون بين موظف وآخر، وكل ما يهمهم هو المصلحة العامة، بينما في حقيقة الأمر هناك اختراعات واكتشافات في علاقاتهم بالموظفين، فالذي لا يتوافق مع طبائعهم وميولهم وأمزجتهم، يركن على الرف كمزهرية يصيبها الذبول، ولا تتم الإشارة إليهم لا من بعيد ولا من قريب، بل ومن الأفضل أن يسدل الستار على هذه الفترة المزعجة، أما الذين يتوافقون مع طبائعهم وميولهم وأمزجتهم، فلهم الحب والاحترام والإجلال، وهم محميون داخل قفص حديدي لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه، وكأن هؤلاء الموظفين من عالم آخر. 
قد تسمع هذه النوعية من المسؤولين يتحدث عن أهمية إزالة الحواجز والحدود والسدود التي تفصل الموظف بالمسؤول، لكنك لو مشيت في دائرته لرأيت بيئة مختلفة وحواجز قد تصل السماء، وكلمة “ممنوع الدخول على المدير” مرسومة على الزجاج، وهي من أجمل اللوحات المعلقة عندهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية