جمعيات خيرية: رغم التحديات .. الشعب معطاء والبحرين بخير
أكد عدد من رؤساء وإداريي جمعيات خيرية واجتماعية أن العمل الخير في المملكة بخير، موضحين أن ثقافة المجتمع تتضح جلية في البذل والعطاء للمحتاجين، وفي أوقات الشدة يظهر البحريني مبادرا في لتحقيق التكافل الاجتماعي، رغم ظروف العمل الاجتماعي التي تشهد ظروفا صعبة تتطلب مبادرات رسمية لحلحلتها ولتطوير واقع العمل الخيري، والانتقال به إلى بر الأمان لاستدامة العمل الخيري بتنوع انشطته.
وبهذا الخصوص، قال رئيس جمعية النويدرات الخيرية عبدالنبي جاسم إن المجتمع البحريني ساهم بشكل كبيير وملحوظ في دعم الجمعيات الخيرية من خلال عطائه اللامحدود ودوره الفعال في تمكين الجمعيات من مواصلة تقديم الدعم المتنوع للمحتاجين وتحقيق التكامل والتكافل الاجتماعي.
وأكد أن السنوات الأخيرة شهدت ارتفاع وتيرة الاهتمام بمفهوم التطوع والعمل الخيري؛ نظرا لإدراك المجتمع آثاره على المستوى الشخصي والاسري، موضحا العمل الخيري في البحرين يشهد تطورًا في بعض جوانبه؛ وذلك لإدراك القائمين عليه والمجتمع أهمية تطويره لكونه مدخلًا مهمًا لمبدأ التكامل والتكافل الاجتماعي.
وبين جاسم أن واقع العمل في البحرين يحتاج إلى الكثير من الدعم من المؤسسات الرسمية لينتقل من واقعه الذي يقوم على تقديم الخدمات والمعونات المادية للمحتاجين، إلى الالتفات إلى الجانب التعليمي والتثقيفي والعمل على المساهمة بشكل فعال في إعداد وتنمية الموارد البشرية والمشاركة بشكل عملي في مسيرة التنمية المجتمعية من خلال توفير البرامج والمشروعات التي تمكن العمل الخيري ومؤسساته من تفعيل الشراكة المجتمعية بين الأفراد والمؤسسات.
وأوضح أن عدم وجود مصادر تمويلية ثابتة من الصعوبات التي تواجه الجمعيات الخيرية ما يجعلها تحت وصاية التبرعات، كما تواجه عزوف الخبرات الشابة عن الانخراط في ميادين العمل الخيري، مضيفا أن عن عدم وجود الشفافية اللازمة بين مؤسسات العمل الخيري وأفراد المجتمع، وصعوبة الحصول على ترخيص جمع المال، من الصعوبات التي تواجه العمل الخيري، فضلا عن دعم مساندة وسائل الإعلام للتعريف بخدماتها وانشطتها، وعزوف الكثير من المؤسسات الاقتصادية عن توفير الدعم المالي اللازم لمؤسسات العمل الخيري، الأمر الذي يبطئ من مسيرة العمل الخيري نحو التطور المنشود.
وأفاد بأن الجمعيات الخيرية في المملكة تسعى عبر البرامج والخدمات والأنشطة إلى تحسين طرق وآليات تحقيق التطوير الذي يتطلبه العمل الخيري في الوقت الحاضر، وهذا ما اتضح خلال جائحة كورونا، موضحا أن تطوير عمل الجمعيات الخيرية يتطلب التركيز على مشروعات التنمية البشرية والتنوع في مجالات العمل الخيري، وتفعيل الشراكة المجتمعية بينها وبين أفراد المجتمع ومؤسساته.
وأضاف أن تطوير العمل الحالي يتطلب إيجاد مصادر تمويلية ثابتة، وبرامج تساهم في تكاتف المجتمع، فضلا عن تنمية المهارات الشخصية العاملين في هذا المجال، وتوفير فرص التفاعل والمشاركة بين المتطوعين وأفراد المجتمع والجمعيات، والعمل على زيادة الثقة بالنفس لدى المتطوعين في العمل الخيري، واستغلال طاقات الشباب وتحفيزهم لدخول مجال التطوع.
من جانبه، أفاد رئيس جمعية مدينة عيسى التعاونية مجدي النشيط بأن العمل الخيري في البحرين بخير، فالمجتمع معطاء يحب الخير ويقدر التطوع ويلبي ويستجيب للتبرعات التي تقوم على الحملات يشاركها فيها كل المجتمع، مشيرا إلى تطور كبير في مجال استخدام التقنيات الإلكترونية ووسائل التواصل وطرق الدفع والتبرع.
وأضاف يشهد العمل الخيري ثبات الكوادر العاملة فيه وتتكرر ذات الوجوه فيه، ونسبة التغير تكاد لا تذكر، كما أن هذه الكوادر تعمل في مؤسسات عدة وليست مؤسسة واحدة، في المقابل تعزف الطاقات الشبابية عن هذه العمل، إلا في الحملات الموسمية نرى مساهمة واضحة للكوادر الشبابية كحملات التبرع بالدم أو حفلات تكريم المتفوقين، إلا أن استمرار وجودهم في العمل الخير على مدار العام قليل جدا.
وبين النشط أن العمل الخيري شاق جدا، إذ يتعرض العاملون في العمل الخيري خصوصا المسؤولين عن التقصي والبحث عن طلبات المساعدات ولعدم الشفافية في تقديم المساعدات، للتخوين والتشكيك، وقد تطالهم الشتائم في حال رفض طلب المساعدة لعدم توافر شروط ومعايير الحصول عليها.
وأضاف أن واقع العمل الخيري يحتاج إلى دافع قوي ودعم من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية فضلا عن حاجته لإعداد أكبر من الكوادر العاملة، موضحا أن الأعداد الحالية العاملة في مجال التنمية لا تتناسب وحجم المؤسسات الخيرية وعملها.
ودعا النشيط إلى إعطاء العاملين في المجال التطوعي والخيري حوافر لتشجيع الانخراط في هذا العمل كحصولهم على بطاقات تخفيض لبعض الرسوم الحكومية أو خصومات في العيادات والمراكز الصحية الخاصة، معتبرا أن الكوادر العاملة كنوز يجب المحافظة عليها، كما أن هذه الحوافز لا تنتقص من عملهم، فضلا عن أن نظام الحوافر يعمل به في قطاعات أخرى ومن شأنه تقدير جهود العالمين في هذا المجال والتي تساند عمل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في تلبية احتياجات المجتمع.
وأشاد بعمل الكوادر النسائية المهم في المحال الخير والتي تعمل إلى جنب الرجال ويتحملهن الكثير من الضغوطات لالتزاماتهم الأسرية، إلا أن جهودهم ملموسة في هذا الجانب مقدرا كل من يساهم في تلبية احتياجات المجتمع.
من جهته، أوضح نائب رئيس جمعية أبوقوة الخيرية حسن مال الله أن من شأن العمل التطوعي الخيري منح العاملين فيه إحساسا بالسعادة؛ لما فيها من مساعدة للمحتاجين وإن كانت قليلا إلا أن فيها الثواب الكبير لقضاء حوائج الناس، موضحا أن هناك الكثيرين ممن يشجعون العمل التطوعي ويبذلون أموالا وجهودا لتقدير العاملين فيه، إلا أن هناك شريحة بسيطة في الجهة المقابلة تتهم العاملين وتشكك في نواياهم، الأمر الذي يؤثر سلبا بشكل ما على العاملين في المجال التطوعي.
وأضاف أن العاملين في المجال التطوعي يعملون دون مقابل ويبذلون قصارى جهدهم وعلى حساب مصالحهم وعوائلهم وراحتهم ويحاولون قدر الإمكان أن يساعدوا العوائل المتعففة شفافية، إلا أن التشكيك فيهم يبعد بعضهم عن العمل التطوعي.
ولفت مال الله إلى أن عمل الجمعيات الخيرية يواجه صعوبات منها تأخر استصدار تراخيص جمع المال، وعدم وضوح القانون بالنسبة للاستثمارات العقارية والاستثمار في التعليم، مفيدا بأن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية الزمت الجمعيات بتقديم قائمة المترشحين لإدارة دعم الجمعيات قبل الجمعية العمومية بمدة طويلة، كما أنها ترفض بعضهم، الأمر الذي يزيد معاناة الجمعيات بسبب ابتعاد الأكثرية عن الترشح والعمل التطوعي ككل.
وبين أن الجمعيات الخيرية تحتاج مزيد من تذليل للصعوبات، مقترحا على وزارة العمل أن تشتري أسهما في الشركات العاملة في البحرين أو خارجها ويتوزع إيرادها سنويا على الجمعيات الخيرية، ليكون رافدا ماليا دائما للجمعيات من الدولة للجمعيات، وطالب بتوفير توفير للجمعيات وإلغاء فواتير الكهرباء والماء عن الجمعيات.
وكسابقيه، أكد رئيس جمعية دمستان الخيرية الاجتماعية عبدالحسين ضيف أن العمل الخيري في البحرين بخير ويعتبر الأفضل كما كوادره على مستوى الدول المجاورة، مؤكدا أن هذه الجمعيات تخلق المستحيل في مجال العمل الخيري والاجتماعي والإنساني وتسطر أروع الإنجازات، واتضح ذلك جليا في ظروف جائحة كورونا وغيرها من الظروف التي تتصدى لها.
وأرجع إنجازات الجمعيات الخيرية لكرم وسخاء شعب البحرين المعروف بعطائه اللامحدود، والمبادر بامتياز والذي تعول عليه أنشطة وإنجازات الجمعيات والمؤسسات الخيرية، فضلا عن دعم بعض أصحاب الأيادي البيضاء من التجار والشركات والبنوك وبهذه التوليفة تتضح الشراكة المجتمعية التي تمتع بها شعب البحرين وبين القائمين على إدارات الجمعيات الخيرية والداعمين له.
ودعا ضيف إلى فتح باب الاستثمار أمام القطاع الخيري لتطوير عمله وتوسيع خدماته وأنشطته، مؤكدا أن هناك مؤهلين في هذا الجانب من الكوادر ويمكن الاستعانة بهم، مؤيدا الاستثمار في مجال التعليم وهو ما كانت متاحا للجمعيات سابقا وعلى غرار المعمول له في الدول المجاورة والتي تعود استثماراتها على الفئة المستهدفة من الجمعيات، كما أن هذه الاستثمارات تخلق فرص عمل خاصة لأبناء الأسرة المتعففة.
ولفت إلى أن من معوقات العمل الخيري خسارة الكوادر المتميزة وأصحاب الخبرة في المجال الخيري والاجتماعي والإنساني بعد الفلترة، والتي بلغت نسبتها في بعض الجمعيات أكثر من 70 %، الأمر الذي سبب إرباكا في عمل إدارات الجمعيات، مطالبا بتسهيل التصريح لجمع المال، بما لا يؤثر سلبا على الموارد المادية التي تخسرها الجمعيات ويتأثر بالتالي المحتاجون والأسر المتعففة، مؤكدا أن الجمعيات تقدم تقارير دورية لحساباتها السنوية وتعتمدها الوزارة ولا تغيب عنها شاردة أو واردة.
ودعا ضيف أصحاب القرار لمنح الجمعيات الخيرية المصرحة أراضي لبناء مقرًا لها عوضًا عن المقار المستأجرة وإعفائها من رسوم الكهرباء والماء والبلدية التي تحتسب بكلفة التعرفة التجارية، مبينا أن “أملنا كبير بقيادتنا الرشيد التي هي دائمة الحرص على دعم العمل الخيري والاجتماعي والإنساني بالدرجة الأولى وكل ما يمس حاجة الأسر المتعففة التي هي في أمس الحاجة للمساعدة والرعاية الأبوية من قبل جلالة الملك والد وأب الجميع في هذا الوطن العزيز على قلوبنا جميعًا”.