العدد 4591
الإثنين 10 مايو 2021
banner
“يونسكو”... الخبرة الإنسانية الشاملة
الإثنين 10 مايو 2021

من لم يستفد من الخبرة الإنسانية الشاملة للكاتب والأديب المسرحي الفرنسي العظيم “يوجين يونسكو” ستنشف مياه أنهاره وسيجد نفسه في سماء بلا ساحل، فمن روائع يونسكو فكرة نظافة الفن المطلقة، حيث يؤكد أن الشاعر غير مرتبط بالمجتمع، فالارتباط يعطله ويمنعه من الانفتاح، ومن وجهة نظر يونسكو فإن الأدب لا ينبغي بل لا يستطيع حتى إن أراد، أن يقوم بأي دور في المجتمع، فدوره حسب رأيه يتحدد بتصوير ما لا يمكن التعبير عنه ببساطة، بل إن الأمر يصل بيونسكو حد أن يعلن احتقاره الكتاب الذين يعترفون بدور الأدب الاجتماعي، ويسميهم تحت السیاسيین.

الناقد الفرنسي “دبيليتش” أوضح أن انعدام التسييس عند يونسكو ليس بريئا كما يبدو، فإن رفض يونسكو إنما هو نمط مريح لنفي الثورة ورفض التقدم والآيديولوجيات التقدمية، فلماذا نناضل ونحاول تغيير الحياة إذا كانت النتيجة في كل الأحوال هي الموت، دون أن نعرف سر الكون؟

إن يونسكو يثير التشاؤم، مؤكدا أن الشر أمر لا حد له ولا نهاية، وأن العالم سيظل أبدا “حديقة حيوانات تجد فيها الحيوانات شيئا من الحرية”، ولن يكون هناك أمل في الانتصار على الخوف من الموت والوحدة والمرض والحنين. يونسكو يتمسك بنظرية باتت اليوم موؤدة في المجتمع، وهي النظرية التي تقوم على انعدام الآيديولوجيات، وطبقا لرأيه، فلا يوجد في عالم رأس المال استغلال، ولا يوجد أفراد يعانون منه، طبعا، وليس ثمة أبطال وجبناء، ولا شرفاء وأنذال، ثمة فقط أناس تعتصرهم لامعقولية الحياة، ووحشية التاريخ والجهل.

لقد كتب يونسكو في إحدى مقالاته المبكرة تحت عنوان “لا” يقول..”إن مهمتي واحدة وهي إثارة الضوضاء”، ولعل هذا الاعتراف مميز بالنسبة ليونسكو، فالأفكار التي يوحي بها للفن المستحدث ما هي إلا إعادة لمبادئ فلسفة وجماليات عصر الفن للفن وهذه مخاضة ردمها الفن العالمي المعاصر منذ زمن بعيد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية