العدد 4580
الخميس 29 أبريل 2021
banner
شهر رمضان والترشيد الاستهلاكي
الخميس 29 أبريل 2021

الصوم مدرسة روحية عظيمة تربي النفس، حيث تتجلى المشاركة التامة بين الغني والفقير، ومن أفضل مظاهر شهر رمضان تقليل الإنفاق وترشيد الاستهلاك وتجنب الإسراف، وهناك علاقة طردية بين شهر رمضان والاستهلاك، ففي الشهر الفضيل تكثر المشتريات من جميع أنواع الأطعمة المُتعلقة بشهر رمضان، وكأن محلات بيع الأغذية بعيدة عن البيوت، فالكثير من الأطعمة التي يتم شراؤها وإعدادها في البيوت يوميًا لا تستهلك كلها، بعضها يتم توزيعه والذي لا يؤكل يتم رميه في الحاويات، وهذا النهم الاستهلاكي مُضر صحيًا واستهلاكيًا وماديًا. والكثير من الأفراد يركضون نحو دائرة الاستهلاك الكثير والمصحوب بآلة رهيبة من الدعاية والإعلانات والمهرجانات التسويقية التي تحاصر البيوت في كل مكان وبأكثر من وسيلة، ومنها وضع الإعلانات على أبواب البيوت يوميًا قبل وأثناء شهر رمضان، ومما يساهم في زيادة الاستهلاك أن كل فردٍ في الأسرة لديه حالة استهلاكية معينة وبكمية يُحددها، وتأتي نهاية شهر رمضان والكثير من المشتريات الرمضانية تظل في مخزن المطبخ، وبذا تتحول البيوت إلى مخازن لسلع التجار التي لم تستهلك، وهذا يتطلب ميزانية مالية بسبب مضاعفة الاستهلاك. سفرة شهر رمضان المبارك جميلة بما عليها من أطباق لذيذة، فحتى لا يكون النهار صومًا والليل طعامًا واستهلاكًا مُفرطًا علينا بالاعتدال، الاعتدال في المشتريات والاستهلاك، وهي معادلة تحقق التوازن المالي، وذلك تجسيدًا لقوله تعالى “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا” ـ الأعراف 31. إن اختصار وجبات الطعام اليومية من ثلاث وجبات إلى وجبتين في شهر رمضان يخفض من الاستهلاك والإنفاق، خصوصا أن الكثير من الدول الإسلامية تستهلك أكثر من إنتاجها وتستورد أكثر من تصديرها، وهما عاملان اقتصاديان يُسببان التراجع في الموازنات العامة وموازين المدفوعات.

في هذا الشهر علينا الاعتدال بالإنفاق والاستهلاك والتصدي للعادات التي تهدد حياتنا الصحية والاقتصادية، وخيرُ ذلك في الكفاية، فلا تقتير ولا إسراف، وما يُنفق من مال زائد على السلع الزائدة هناك من هُم بحاجة إليه، فالمال مال الله ويجب أن تعود منفعته علينا وعلى الآخرين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .