إشادات بالتوجيهات الداعمة من سمو ولي العهد رئيس الوزراء
الصيادون يروون لـ “البلاد” تفاصيل مروعة لبطش خفر السواحل القطري
البحارة يطالبون بالإنصاف بعد التفنن القطري في قطع الأرزاق
أشادت مجموعة من البحارة البحرينيين بتوصيات واهتمام ومتابعة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، خلال ترؤس سموه مجلس الوزراء أمس الأول، للإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية لحصر الأضرار التي وقعت على البحارة البحرينيين وتعويضهم جراء الإجراءات التي اتخذتها السلطات القطرية، وتأكيد مجلس الوزراء أن أمن المواطنين وسلامتهم أولوية وأية تجاوزات بحقهم مرفوضة، وتوجيه مجلس الوزراء لوزارة الداخلية باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للإفراج عن كل المواطنين الموقوفين في دولة قطر.
وأعرب البحارة في تصريحات لـ “البلاد” عن جل شكرهم وتقديرهم للخطوات المهمة في إنهاء معاناتهم الطويلة التي عاشوا فيها وتكبدوا خلالها الكثير من الخسائر، منددين بجرائم السلطات القطرية ضد البحارة والصيادين البحرينيين، والمعاملة غير الإنسانية التي تلقوها في سجونهم خلال فترات السجن والتوقيف، التي قضوها في تلك السجون.
وأكد البحارة في حديثهم أن لقاءهم الأخوي بوزير الداخلية الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة الأسبوع الماضي أدخل الطمأنينة والثقة في قلوبهم، بتأكيده لهم جميعا أن البحرين لن تترك أبناءها وأن حقوقهم لن تضيع، مشيدين بتوجيهات جلالة عاهل البلاد بتعويض البحارة المتضررين جراء الإجراءات المتخذة من قبل السلطات القطرية، وأن تأمين سلامة البحارة، أولوية قصوى لدى الحكومة.
وأوضح البحارة أن قيادة خفر السواحل استقبلت جميع البحارة المتضررين وقامت بالاستماع إلى أقوالهم وحصر الأضرار التي تعرضوا لها؛ استعدادا لاتخاذ الإجراءات اللازمة لصرف التعويضات اللازمة لهم.
انتهاكات حافلة
يقول أمين سر جمعية الصيادين المحترفين فايز العريس “في البداية أقدم كل الشكر والعرفان لصاحب الجلالة الملك وكذلك سمو ولي العهد نائب القائد الأعلى رئيس مجلس الوزراء على توجيهاتهما السامية بتعويض البحارة البحرينيين المتضررين من الدوريات البحرية القطرية، وكذلك بالاهتمام والإسراع في معالجة ملفات وقضايا الصيادين الشائكة، وكذلك نثني على توجهات مجلس الوزراء للسعي بالإفراج عن البحارة البحرينيين والسفن والقوارب المحتجزة في قطر”.
كما أشاد بدعوة “وزارة الخارجية لإرسالها دعوة للجانب القطري لتسوية المخالفات العالقة، وفي الحقيقة أن قضايا الصيادين ومشاكلهم كثيرة ولا يسع المجال والوقت للحديث عنها بالمجمل في الوقت الحالي”.
وأوضح “حين نتحدث عن مشاكل الصيادين البحرينيين مع دوريات خفر السواحل القطرية فإننا بصدد الحديث عن تاريخ طويل من الانتهاكات الخطيرة لدوريات أمن السواحل والحدود القطرية، فاعتداءاتها متكررة على الصيادين البحرينيين من قبل ترسيم الحدود، وشملت هذه الانتهاكات حتى مسألة حقهم في الأمان الشخصي والتنقل وممارسة مهنتهم التي توارثوها من الآباء والأجداد، فتاريخ الانتهاكات والإجراءات التعسفية من قبل الدوريات القطرية وقيادتها ضد البحارة البحرينيين، تتمثل أحيانا في سحبهم من خارج الحدود القطرية، وحبسهم لمدة طويلة وفرض غرامات مالية كبيرة عليهم، وتوقيف قواربهم، ومصادرة معداتهم وقطع مصادر رزقهم الوحيد. وهناك سفن وقوارب مضى على توقيفها أكثر من عامين، ولم يتم الإفراج عنها حتى لو كانت هناك أحكام لأصحابها بتسلم القوارب والسفن البحرينية من قبل المحاكم القطرية، حيث واصلت السلطات القطرية اعتداءاتها خلال السنوات العشر الماضية باحتجاز آلاف الأشخاص والكثير من السفن والقوارب البحرينية”.
إطلاق النار
وأضاف العريس “وصلت الممارسات العدوانية للدوريات القطرية، حتى لعمليات إطلاق الأعيرة النارية على البحارة بشكل متعمد وبشكل غير مبرر، ما نتج عنه قتل وإصابة العديد من الأبرياء، منهم المرحوم محمد حيان الذي أطلقت عليه الدوريات القطرية النار العام 2009، وكذلك عادل الطويل، الذي تم إطلاق النار عليه مباشرة بالعام 2010 وإصابته واقتياده إلى قطر ومحاكمته وتخريب قاربه، وهناك العديد من الحالات المأساوية لصيادين بحرينيين تم اعتقالهم وتقييد حرياتهم ومحاكمتهم في قطر لاتهامات تتعلق بممارسة صيد الأسماك والأحياء البحرية فقط”.
وتمنى أن “تتوقف هذه الممارسات وألا يتم انتهاك حقوق الصيادين البحرينيين، وملاحقتهم واعتقالهم وإهانتهم، وقطع أرزاقهم، وأن نكون نحن وكل دول مجلس التعاون الشقيقة كالبنيان المرصوص، متحدين متعاونين في كل شيء يصب في مصلحة أبناء الخليج وأوطاننا الغالية، وأن يكون حوض الخليج العربي مفتوح للصيادين من كل دول المجلس”.
وأوضح أمين سر الجمعية “نحن في جمعية الصيادين المحترفين لدينا رؤية لإصلاح هذا القطاع ونحن على استعداد تام لمناقشتها مع الجهات الحكومية المختصة للإسراع في إصلاح القطاع بالشكل الذي يسهم بالمحافظة على المخزون السمكي من الاستنزاف، والحفاظ على حقوق وأرزاق الصيادين المحترفين، فلابد أن يكون للصيادين دور في إصدار القوانين واللوائح التي تنظم عملية الصيد، فالصيادون هم أحرص الناس على استمرار توافر الأسماك في بحرنا، وكذلك هم المتضرر الأول من العبث بالنظام البيئي القاعي الذي يدعم مواطن الأحياء البحرية”.
نريد الدعم
ودعا أمين سر الجمعية إلى “ضرورة الاستماع إلى أصوات البحارة والتعاون معهم في الحفاظ على مصدر رزق الصيادين محترفي الصيد، ولا ننسى أن الصياد البحريني يحتاج إلى رعاية، فالصيادون اليوم يشتكون من أمور كثيرة منها على سبيل المثال تقليص عدد العاملين على القوارب والبوانيش، ما أدى إلى عرقلة أعمالهم، وكذلك مسألة عدم وجود دعم، فهم محرومون حتى من علاوة الغلاء ودعم تمكين ولا يحصلون سوى على قروض من بنك البحرين للتنمية ذوات فوائد بسيطة، ولا يوجد دعم للبنزين بالنسبة للقوارب، كما أن مخصصات دعم الديزل بالنسبة للبوانيش لم تصرف منذ عام كامل، لذلك نتمنى من الجهات المختصة الإسراع في مراجعة أمور وقضايا الصيادين، وكلنا ثقة بالتفات قيادتنا الرشيدة لأبنائها الصيادين وحلحلة جميع مشكلاتهم، وإيجاد الحلول المنصفة لهم”.
إفلات احترافي
عضو جمعية “البحارة”، عبدالإله عبدالكريم قال إن التعويض يجب أن يشمل كل الصيادين لتضررهم جميعا من التصرفات القطرية، وليس فقط البحارة الموقوفين في قطر، مؤكدا تضرر كل من دخل البحر من البحارة المواطنين، سواء أكان من المحرق، أو المنامة، أو من عسكر، أو من سماهيج، أو من سترة، أو من الزلاق.
وأضاف “نحن البحارة، نعتمد على البحر، كمصدر رزق وحيد لنا ولعوائلنا، ولكن الانتهاكات القطرية حرمت البحارة البحرينيين من مصدر رزقهم، وعرضت حياتهم ومن معهم من أبناء أو مرافقين لخطر الموت والسجن والغرامة من دون سبب يستوجب ذلك”.
ويضيف “لي تجربة طويلة في البحر، وقد تعرضت كثيرا للمطاردة وفي كل مرة أخرج للصيد تطاردني القوارب القطرية ولكنهم لا يستطيعون اللحاق أو الإمساك بقاربي، لخبرتي المتراكمة والطويلة في البحر، وصغر حجم قاربي والقدرة على الدخول به إلى مناطق ضحلة، بحيث لا يتمكنون متابعتي واللحاق بي ويصعب عليهم الدخول إليها بقواربهم الكبيرة. تعرضت لمضايقات، واضطررت للبقاء فترات طويلة في المياه الضحلة للتأكد من مغادرة القوارب القطرية، خوفا على حياتي وحياة من معي والتي قد أخسر بسببها رزقي وقوتي”.
لن يرحموني
ويتابع قائلا “أنا أحد البحارة، وتم توعدي بالقبض عليَّ، وأنهم في حال الإمساك بي لن يرحموني، وهم يشعرون بغضب شديد لأنهم لم يستطيعوا الإمساك بقاربي، وهم يعرفون قاربي وينتظرون اللحظة التي أقع فيها بين أيديهم بسبب تمكني من مراوغة الدوريات القطرية والنجاة منهم في كل ملاحقة يقومون بها ضدي، ويفشلون باللحاق بي وبقاربي”.
ودعا لتعويض جميع البحارة “بسبب الأوضاع السيئة التي نمر بها بعد أن انقطع رزقنا، وألا يقتصر التعويض على من قامت السلطات القطرية بسجنهم أو توقيفهم؛ لأننا جميعا متضررون وكلنا خسرنا بسبب انتهاكات السلطات القطرية”.
ترك المهنة
ويقول عبدالكريم “إن الخسائر التي تعرضنا لها لا تعد ولا تحصى، فهناك الكثير من البحارة توقفوا عن الصيد والنزول للبحر والوصول إلى أماكن الصيد في أماكن كثيرة مثل فشت الديبل وشمال الديبل وأم العويشان وغيرها من المناطق التي لا نستطيع الدخول إليها، بسبب الانتهاكات القطرية، وبعضهم ترك مهنة البحر التي نشأ عليه وغيّر مهنته مثلي ومنهم من جلسوا في بيوتهم؛ لأن طراداتهم صودرت من قطر وتم تغريمهم أكثر من مرة ولا يجدون المال اللازم لشراء بديل عنها، وبعضه أصبح يبحث عن الإعانة والمساعدة، أو اللجوء إلى القروض ليعيشوا ويسدوا رمق جوع عائلاتهم”.
معاناة وإساءات
من جهته، يروي البحار عبدالمجيد خرفوش معاناته ومعاناة الكثير من البحارة بالقول “معاناة البحارة مع انتهاكات قطر والإساءة المستمرة في حقهم أصبحت معلومة للجميع”، الأمر الذي أدى إلى “عزوف” البحارة عن مهنتهم ومهنة آبائهم، بعد تعرضهم للمضايقات وتم مصادرة قواربهم وسجنهم، وتغريمهم، ولأجله لم يعودوا للبحر.
ويستعرض ما مر به بالقول “مشكلتي طويلة مع الانتهاكات القطرية، فقد تم توقيفي وسحب قاربي مني، ولم أتمكن من إرجاع القارب إلا بعد سنة، وكان القارب بمكينة واحدة، وقد تم أخذ كل الأجهزة التي كانت فيه، ما اضطرني لأخذ قرض والوقوع في ديون لشراء قارب صغير، ودفع أقساط للقروض، وكل ذلك بسبب قطع رزقنا، ما أثر على حياتنا ومعيشتنا ورزقنا ورزق أطفالنا، وكل ما قامت به قطر يعتبر إساءة كبيرة للبحارة، وهو انتهاك للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية”.
الاعتداءات القطرية على البحارة البحرينيين ليست وليدة اللحظة
مما لا شك فيه أن الاعتداءات القطرية على البحارة البحرينيين لم تكن وليدة اللحظة ولن تتوقف أبدًا! فقد كانت هذه الاعتداءات موجودة منذ عشرات السنين ولم يقتصر دورها على البحارة فقط، بل تعدى ذلك ووصل إلى حد الاعتداء على الركاب المرافقين من سياح وأُسر لم ترتكب خطأ سوى أنها خرجت للترفيه عن نفسها فلم تجد سوى البحر لتقصده ولكن للأسف الشديد لم تكتمل فرحتهم!
فالدوريات القطرية تتعمد استفزاز القوارب البحرينية وتلاحقها بل وتطلق النيران عليها لمحاولة إيقافها وتصطدم بها، وكم من حادث وقع ولكن ومع ذلك فقد اعتاد بحارتنا ودورياتنا على ضبط النفس وكانوا على قدر من المسؤولية!
ونظرًا لعلاقتنا الطيبة مع أهل البحر فقد كانوا يروون لنا ما كانوا يعانوه وما لمسوه من تهجم الدوريات القطرية عليهم والاصطدام بقواربهم وحجزها في قطر وتغريم ملاكها المبالغ الخيالية التي يعجز مالكها عن سدادها بل ومصادرة هذه القوارب.
والمشكلة تكمن في أن هذه الاعتداءات تسير وفق خطة ممنهجة ومعدة سابقًا بغية الإضرار بأي قارب بحريني لاسيما أن هذه الدوريات القطرية تتعمد مضايقة القوارب البحرينية وملاحقتها حتى دخولها المياه البحرينية وللأسف الشديد أن هذه الاعتداءات تتكرر يوميا، وآخرها ما حصل لبطل البحرين في كمال الأجسام سامي الحداد وغيره من البحارة الذي لم يسلموا من غدر هذه الدوريات، ناسين أو متناسين بأن البحرين جزء من منظومة مجلس التعاون الخليجي، وأن قطر من المفترض أن تكون كذلك ولكن كيف يتم السماح لهم بذلك.
ولا يختلف اثنان على ما قدمته وزارة الداخلية مشكورة سابقا وما تزال تقدمه من دعم لهؤلاء البحارة الذين ليس لديهم مصدر رزق سوى هذا البحر فقد خسروا الكثير الكثير.