+A
A-

متى تنقشع الغيوم فوق أسواق النفط؟

تلقت أسعار النفط الخام دفعة قوية بعد أن أعطت إدارة الغذاء والدواء الأميركية الضوء الأخضر للقاح Covid-19 من Pfizer، حيث قال مسؤولون حكوميون إن عدة مئات من مواقع التطعيم في جميع أنحاء الولايات المتحدة تم تزويدها باللقاحات منذ أمس الأربعاء.

غير أن التجار الذين كانوا يشترون عقود النفط والوقود الآجلة بحماس متجدد خلال الأسابيع القليلة الماضية، يستعدون الآن لتصحيح السوق.

وقال جون كيمب من وكالة "رويترز" في عموده الأسبوعي، إن "التجار من صناديق التحوط أبطأوا مشترياتهم من عقود النفط الخام والمشتقات"، مشيراً إلى أن هذا هو الأسبوع الخامس على التوالي الذي يشتري فيه المتداولون بنهم.

لكن على الرغم من ذلك، سيكون من الصعب الحفاظ على هذه الشهية حتى بعد بدء التلقيح ضد كورونا، وذلك لسببين رئيسيين: الوقت الذي سيستغرقه تطعيم السكان، وأساسيات سوق النفط، بحسب تحليل لـ Oil Price.

وكانت الموافقة التنظيمية على لقاح Pfizer-BioNTech من قبل الولايات المتحدة خطوة رئيسية في الاتجاه الصعودي للنفط، لكن لا تزال هناك تحديات تتعلق بكل من التوافر واللوجستيات. وقد ذكرت شبكة CNN يوم الاثنين، أنه بينما تم تطعيم أوائل العاملين في المجال الطبي، فإن الأمر سيستغرق شهوراً حتى يتم تطعيم معظم الأميركيين.

واشترت الحكومة الفيدرالية 100 مليون جرعة من لقاح Pfizer في وقت سابق من هذا العام، مما يعني أنه سيتم تطعيم 50 مليون شخص لأن اللقاح من جرعتين. وقالت شركة Pfizer إنها لن تتمكن من توفير كميات إضافية حتى منتصف العام المقبل!

باختصار، سوف يمر بعض الوقت قبل أن تبدأ الأمور في العودة إلى طبيعتها. فأوروبا أيضاً في وضع غير مؤكد بشأن التطعيمات، حيث تحذر الحكومات من جعل لقاح Covid-19 إلزامياً وسط شكوك متزايدة من قبل المواطنين في لقاحات Covid-19 قد تضعف الجهود المبذولة لتحقيق مناعة القطيع من خلال التطعيم.

عرض وطلب

ثم هناك مسألة العرض والطلب على النفط التي يمكن أن تزيل العجلات عن قاطرة الارتفاع الأخير في الأسعار، إذ تستعد "أوبك" لبدء ضخ نصف مليون برميل إضافي يومياً بدءا من يناير، فيما يرتفع إنتاج الولايات المتحدة بالفعل، وكذلك ليبيا التي زادت إنتاجها إلى 1.25 مليون برميل يومياً في وقت سابق من هذا الشهر.

في الوقت نفسه، خفضت "أوبك" الاثنين، توقعاتها للطلب على النفط لهذا العام. وتتوقع المنظمة الآن انخفاض الطلب بمقدار 9.7 مليون برميل يومياً منذ بداية العام، بمتوسط 89.99 مليون برميل يومياً. كما تم تعديل توقعات الطلب لعام 2021 بالخفض مع توقعات "أوبك" بأن يبلغ متوسط الطلب على النفط العام المقبل 95.89 مليون برميل يومياً، وهو ما سيكون تحسناً قوياً مقارنة بالعام 2020، لكنه لا يزال أقل بمقدار 410 آلاف برميل يومياً عن التوقعات السابقة.

وهناك إيران أيضاً، التي قالت الأسبوع الماضي إنها تتوقع تصدير 2.3 مليون برميل من النفط العام المقبل، وسط آمال في طهران بأنها قد تتوصل إلى اتفاق مع إدارة بايدن بشأن العقوبات التي تخنق صادراتها النفطية حالياً. هذه الصفقة ليست مؤكدة، فبينما أشار بايدن إلى أنه مستعد للتفاوض، أشارت إيران بدورها إلى أنها لن تكون أول من يقدم تنازلات.

من ناحية أخرى، لا تتطلع صناعة الطاقة الأميركية إلى هبوط آخر في الأسعار وقد تمارس بعض الضغط على الرئيس المنتخب.

مسألة وقت

في الوقت نفسه، فإن التعافي الآسيوي من الوباء يعني بالتأكيد صعوداً للنفط، كما هو الحال بالنسبة لخروج أوروبا من عمليات الإغلاق الثانية. ووفقاً لتقرير حديث لـ "بلومبرغ" ، فإن مخزونات الوقود تنضب بشكل مطرد، حيث أبلغت الهند والصين واليابان عن انتعاش في الطلب على البنزين.

وبالنسبة للعديد من المحللين، فإن الانتعاش ليس سوى مسألة وقت، مما يشكل ضغطاً تصاعدياً على الأسعار على الرغم من التحديات.

وقالت أمريتا سين من إنرجي أسبكتس، التي تحدثت إلى "بلومبيرغ": "مع طرح اللقاحات ببطء، نتوقع أن يبدأ المستثمرون في العودة إلى قطاع النفط وأن تستمر الأسعار في الارتفاع".

وقال محلل آخر، هو جيم ريتربوش من شركة ريتربوش أسوشيتس لـ "رويترز": "لقد تباطأ زخم الأسعار بشكل ملحوظ خلال الأسبوعين الماضيين، وبينما قد تكون هناك حاجة لبعض العناوين الصاعدة الجديدة أو غير المتوقعة للدفع نحو منطقة عالية جديدة، نلاحظ أيضاً أن السوق قد طورت مناعة ضد العناوين الهابطة".

بعبارة أخرى، بدأت الغيوم فوق النفط تنقشع.. قد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى تختفي تماماً، لكن الطلب في تحسن، وفي النهاية هذا هو العامل الوحيد الأكثر أهمية في الوقت الحالي.