دعانا دومًا لنبذ الخلافات وتذليل العراقيل
بالفيديو: محمد صلاح الدين: الأمير الراحل مثال للمودّة والأب الرحيم
مهما كتبت عن المغفور له بإذن الله صاحب السمو الأمير الراحل خليفة بن سلمان ال خليفة فإنّي لن أوفيه حقّه ولكن أجد لازمًا عليّ أن أعبّر في كلمة وفاء لما أكنّه من حب وتقدير واحترام لا حدود له إلى سموه.
قابلت سمو الأمير خليفة بن سلمان أول مرّة وأنا ابن العاشرة حيث كنت في لبنان وأخذني جدّي المرحوم الحاج أحمد بن حسن إبراهيم معه للسلام على سموه وأخيه المغفور له بإذن الله صاحب السمو الأمير الراحل محمد بن سلمان ال خليفة في منتجع “عاليه” حيث كانا يقيمان.
لقد تعلّقت صورة الفقيدين بمخيلتي منذ ذلك الوقت وحرصت طوال حياتي على زيارتهما والتواصل معهم دون انقطاع حتى توفاهما الله.
بعد عودتي من الدراسة وبداية عملي في مكتبي في السبعينات من القرن الماضي حرصت على زيارة سموه في مجلس سموه الأسبوعي في الرفاع وتطوّرت العلاقة إلى علاقة وطيدة وثيقة وخاصة أن سموه كان له معرفة بوالدي المرحوم المهندس صلاح الدين، حيث كان دائمًا يذكّرني بذلك ولقائهم الأخير في لندن في سنة 1957 وذلك قبل وفاة والدي بعدة أشهر.
مع مرور الزمن وحرصي على التواصل مع سموه رحمه الله في كافة المناسبات سواء في مجلسه أو في مكتب سموه في دار الحكومة اكتشفت أهمية وقيمة الأحاديث والمعلومات التي نسمعها من سموه أنا والحاضرون والتي كانت تشمل كافة الأمور العملية وأحاديث الساعة وتطور الأعمال الهندسية والبناء، حيث إن سموه كان ملمًّا بكافة تفاصيل مراحل البناء في مشاريع عديدة، وكان دائمًا يوجّه إلى ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات المطلوبة لوقاية العمال والمباني من أخطار الحريق وغيره وخاصة بعدما بدأ إنشاء المباني الشاهقة والتي أصبحت حقيقة واقعة، وكذلك بعد وقوع عدة حوادث في المباني المعنية، كما كان سموه يحث المسؤولين على تسهيل الاستثمار وتطوير العقار والحصول على رخص البناء.
كان سموه رحمه الله حريصًا على حضور وافتتاح المؤتمرات ورعاية المعارض بكافة أنواعها ودعم كافة الجمعيات الاجتماعية والخيرية وتمثيل مملكة البحرين في معظم المحافل الدولية والتي أكسبت المملكة الكثير من الاحترام والتقدير والذي انعكس على العلاقات الدولية مع كافة الدول التي زارها سموه.
إن مجالس سموه كانت مدرسة بمعنى الكلمة لا يمكن أن تخرج من أي منها ولم تتعلم شيْئًا، حيث إن أي مواضيع يتم طرحها يتم مناقشتها بكل أريحية لتعم الفائدة، كما كان سموه يحرص على مشاركة المختصين في المجالات المعنية في حديثه ويطلب من الحضور دائمًا إطلاع سموه على أي قصور أو متابعة مطلوبة في أي مجال.
إن مجلس سموه رحمه الله الأسبوعي لم يكن يخلو من الشعور بالمودة والأحاسيس الجميلة والسؤال عن أفراد العائلة والأبناء والمعارف وبعض المترددين الذين افتقدهم سموه منذ مدة ودائمًا ما كان يذكر بمواقف طريفة حدثت مع المقربين من سموه.
كانت المتابعة الدائمة لصاحب السمو رحمه الله لكافة أمور الدولة والاطلاع اليومي على ما يكتب في الصحافة لهو دليل على ما يتمتع به سموه من حسن بالمسؤولية الجسمية التي تقع على عاتق سموه، حيث يوجّه كافة المسؤولين إلى ما يجب عمله أو ما كان يجب أن يتم عمله لتفادي معظم الأمور التي تطرح لو حصلت على الاهتمام اللازم مسبقًا.
كان سموه رحمه الله يسعى دائمًا إلى لمّ الشمل وإلى التقارب ونبذ الفرقة خاصة في أوقات الانتخابات النيابية أو انتخابات غرفة تجارة وصناعة البحرين وكان يدعو دائمًا إلى مناقشة كافة العراقيل التي من شأنها تأخير الوصول إلى حلول معينة، والحمد لله من كان يسمع يقوم بإيصال رأي سموه إلى أصحاب الشأن حتى يبادروا بعمل ما يلزم ونقل وجهة نظرهم لسموه متى كان ذلك مطلوبًا.
كان سموه مثالاً للمودة والطيبة والرقي حيث كان مثالاً للأب الرحيم العطوف الذي يصل أبناءه المواطنين بزيارتهم في أفراحهم وأحزانهم ولا يخلو بيت في البحرين من صوره المعبرة والمؤرخة لتلك الزيارات، كما لا يفوتني أن أرفع أحرّ التعازي والمواساة إلى عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وولي العهد رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد ال خليفة، ونائب رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ علي بن خليفة آل خليفة، ومستشار سمو رئيس الوزراء سمو الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة، وسمو الشيخة لولوة بنت خليفة آل خليفة وأحفاد سموه الكرام والعائلة الحاكمة الكريمة.
https://albilad.s3.me-south-1.amazonaws.com/images/news/2020/11/320101430_3827.jpg
إن رحيل سموه فاجعة لنا جميعًا وعزاءنا أن كافة من عرف سموه رحمه الله عن قرب تعلّم منه الكثير، حيث كان سموه المثل الأعلى لنا جميعًا.
نتوجّه بصادق الدعاء إلى المولى العلي القدير أن يحمي مملكة البحرين ويرعاها تحت قيادة عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وولي العهد رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة.
رحم الله الفقيد الكبير بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته
{إنا لله وإنا إليه راجعون}
بقلم: محمد صلاح الدين
رئيس مجلس إدارة مؤسسة محمد صلاح الدين للاستشارات الهندسية