العدد 4401
الأحد 01 نوفمبر 2020
banner
التسامح الديني
الأحد 01 نوفمبر 2020

العالم الإسلامي وهو يحتفل بذكرى المولد النبوي الشريف شعر بالقلق تجاه ما تقوم به بعض الدول الأوروبية ــ الدانمارك سابقًا والآن فرنسا ــ من إساءة إلى النبي محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم، ومع الأسف الشديد يتم اعتبار ذلك من مبادئ حرية الرأي والتعبير، وحقيقة الأمر أنه لا يعدو إساءة لمفهوم الحرية ورؤية سلبية للرأي والتعبير.

إن الأديان السماوية مصدرها واحد، وإن اختلفت طقوسها إلا أن هدفها واحد وهو عبادة الله سبحانه وتعالى، والإيمان بأي دين يتطلب احترام الأديان الأخرى وإجلال أنبيائها واحترام رموزها، فهل التعرض لأي دين يُمثل صراعًا بين المعتقدات أم أنه صراع سياسي؟ لقد دعت جميع الأديان السماوية والأرضية إلى إقامة صلات وثيقة بينها وبين مُريديها، علاقات محبة ورحمة مليئة بالوشائج الإنسانية لتجعلهم معًا في ميدان التسامح والتعايش مع الآخر.

فالذين يتعرضون للأديان والأنبياء بالإساءة لا يؤمنون إيمانًا كاملًا بما أنزلته السماء من أديان، ويفتقدون ثقافة التسامح، ولا يُحبذون التعايش مع الآخر، ويقصون كل واحد مُختلف عنهم في الدين والعِرق واللغة، وهُم بعيدون عن قيم التكافل الاجتماعي والإنساني.

إن تعدد الأديان والمذاهب يهدف إلى التقارب لا الابتعاد، التوحد لا الإقصاء والمحبة لا العداء، فتواجد المسجد والكنيسة في جغرافية واحدة يمثل لوحة فسيفساء جميلة تسرُ الناظرين في جميع الدول، وتُجسد كل المعاني الإنسانية والاجتماعية والاعتقادية للأديان، وتُجسد مبادئ التسامح الديني وقيم التعايش السلمي بين الجميع.

إن موسى وعيسى ومحمد “عليهم السلام” جميعهم أنبياء الله، وبُعِثوا لهداية العالمين، ونادت هذه الأديان إلى التواصل بين الإنسان وربه والتقارب والمودة بين بني البشر، والتسامح والتعايش مع الآخر، وزراعة الخير في قلب الإنسان وفي أرض الله، فبالمحبة يتعاظم العطاء ويزيد السخاء، وبالمودة تتسع القلوب للآخر. ومثلما يحب الآخرون أديانهم وأنبياءهم، كذلك المسلمون أينما كانوا يُقدسون مُعتقدهم الديني ويجلون نبيهم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم ويؤمنون بما أرسل الله من أنبياء وبما أنزل مِن كُتب سماوية، والعقلاء منهم لا يَردون على الخطيئة بالخطأ، وشيمة أهل العقل الحكمة والتبصر في جميع الأمور، وعلاج الأمر بالغضب تكون نتيجته سلبية دائمًا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .