ماذا يعني أن يستحوذ أصحاب الثروات الشخصية التي تقدر بالملايين على حوالي 68.8 % من الثروة، في حين يبقى الآخرون في النسبة المتبقية وهي ضئيلة، بالطبع إن عدد الأثرياء بالعشرات، وربما بالمئات، وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال، هل ثمة مساهمة حقيقية أو أي دور لهم في تنمية المجتمع؟ الحقيقة أنّ عدد من لهم إسهامات على الصعيد الاجتماعي والإنساني لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، لكن المؤسف أنّ الفئة الأكبر ليس لديها أي دور حقيقي.
ولو أننا وضعنا مقارنة بين ما يتبرع به أصحاب الثروات في غالبية بلدان العالم والعالم الإسلامي، فإن المقارنة ليست في صالحنا البتة، قبل سنوات أعلن الملياردير بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت ورئيسها التنفيذي عن تبرعه بمبلغ كبير من ثروته الهائلة للجمعيات الخيرية، وعندما سئل كيف يتبرع بهذا المبلغ الضخم كانت الإجابة “الأكفان ليست لها جيوب”، وهي ذات دلالة بليغة. إن الإشارة التي تحملها مقولة بيل غيتس أنّ الثروة التي كونها طوال سنوات حياته لن يحملها معه إلى القبر الذي سيوارى فيه، وبالطبع ليس بيل غيتس وحده من أعلن تبرعه، بل هناك آخرون تبرعوا بنصف ثرواتهم للأعمال الخيرية.
أليست بلداننا العربية والإسلامية أجدر بأن نجد فيها ظاهرة مشابهة لما أقدم عليه أثرياء العالم؟ خصوصا أنّ تعاليم ديننا الإسلامي تدعو إلى الإنفاق والتصدق والقرآن الكريم يتضمن العديد من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تحث على التصدق. ولا أعتقد أنّ أحدا لا يدرك ما يعيشه العالم الإسلامي من فقر مدقع، وهذا بالطبع مبعث قلق لدى المسؤولين فيه، ومن هنا فإنّ أغلبية الدول النامية وضعت بين أولوياتها مكافحة الفقر التي لا تنحصر في توفر “الضروريات اللازمة للبقاء، بل الحصول على المعرفة والتواصل وفي حدود معينة يعني احترام الذات والآخرين”.
الذي يدعو إلى الأسف بل الاستهجان أنه في الوقت الذي يحجم فيه الأثرياء عن إقامة أي مشروع إنساني أو خيري نشاهد أن بعضهم لا يترددون عن التبذير في مشروعات تافهة وغير ذات جدوى. تراودنا أمنية أن يقوم نفر من أصحاب الثروات الأسطورية بتنمية مجتمعاتهم والإنفاق بنسبة من أموالهم مصداقا للآية الكريمة “وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم”.