مفهوم التعليم عن بعد ليس وليد اللحظة، بل كان مطروحا منذ سنوات، كونه يوفر الوقت والمسافة والأهم أنه لا يشترط تواجد المعلم في ذات المكان، بيد أن جائحة كورونا فرضت هذا النمط من التعليم كحل لابد منه، إنه البديل المثالي للتعليم في هذا الظرف بالغ الصعوبة. التكنولوجيا أتاحت للمتعلم الوصول إلى المعلومة بأيسر الطرق، لكنها باتت مسألة مطلوبة وملحة وخصوصا للعاملين في قطاع التربية والتعليم.
وبالنظر إلى تجربة وزارة التربية والتعليم في التعليم عن بعد خلال الفصل الدراسي الفائت، فإنّ المؤشرات التي أعلنتها الوزارة تؤكد أنها حققت نجاحا منقطع النظير. كان الهدف الأساس للتعليم عن بعد هو التأكد من حصول الطالب على الكفايات التعليمية وهو في بيته مع الالتزام بالمنهج المدرسي كما أشارت إلى هذا وزارة التربية، حيث استطاعت الوزارة عبر هذا النمط الحديث من التعليم استمرار التعلم بالرغم من توقف الدراسة في المدارس.
إنّ فكرة التعليم عن بعد كانت انطلاقتها متزامنة مع تدشين مشروع جلالة الملك حمد لمدارس المستقبل في العام 2005م، لإعداد أجيال جديدة تأسيسا لمجتمع المعلومات وبناء اقتصاد المعرفة، ولا نعرف على وجه التحديد لماذا كانت الوزارة مترددة في الأخذ بالتجربة منذ ذلك الوقت! الوزارة وجدت نفسها أمام التعليم عن بعد كبديل لا غنى عنه، والذي تجدر الإشارة إليه أنّ وزارة التربية والتعليم كانت قادرة على التحول باتجاه التعليم عن بعد بما تمتلك من كوادر تعليمية مؤهلة ومدربة، إضافة إلى توفر قنوات الاتصال بين الطالب والمعلم وولي الأمر عبر البوابة التعليمية والتي شهدت ثلاثة ملايين زيارة وتواجد آلاف المعلمين ومئة وسبعة وأربعين ألف طالب وسبعين ألف ولي أمر.
الذي نريد التأكيد عليه هنا أنّ تجاوب الطلبة كان مدهشا وفاق كل التوقعات رغم حداثة التجربة، وما التزام الطلاب بمتابعة الدروس والأنشطة عن بعد إلا دليل واضح على ذلك. أعتقد أنّ على مسؤولي التعليم التفكير جديا في الأعوام القادمة باستثمار هذه التجربة الناجحة بما يخفف عن كاهل الطلبة كحل الأنشطة، وكذلك للمعلمين بتفعيل حلقات النقاش وإنتاج الدروس الإلكترونية.