العدد 3302
الأحد 29 أكتوبر 2017
banner
360 درجة أيمن همام
أيمن همام
قنابل على جانب طريق التنمية
الأحد 29 أكتوبر 2017

من يمعن النظر في العملية الإرهابية الدنيئة التي استهدفت حافلة الشرطة أمس الأول يجد أنها جريمة بشعة ارتكبت في حق البحرين كلها، وليست فقط ضد رجال الأمن الذين عاهدوا الله على حماية أمن وطنهم والذود عن حياضه وتقديم أرواحهم فداء لترابه الغالي ودفاعا عن شعبه العظيم.

الإرهابيون ومن يدعمهم ويشجعهم يسعون في الأساس إلى عرقلة مسيرة التنمية في البحرين، وكذلك هو الحال في جميع الدول التي اكتوت بنار الإرهاب، حيث يكون المواطن البسيط هو المتضرر الأول من هذه الجرائم الأثيمة، التي تستهدف الأمن باعتباره أساس الحياة والمحور الرئيس للتنمية.

رد الفعل الطبيعي والمتوقع بعد أي عملية إرهابية هو تشديد الإجراءات الأمنية والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بأمن الوطن والنيل من مقدراته، فمن دون الأمن لا يمكن الحديث عن خطط وبرامج تنموية وعمليات تطوير وبناء تخدم المواطن الكادح وتؤمن له ولأبنائه حياة كريمة.

عندما طل الإرهاب بوجهه القبيح على دولنا أصبحت محاربته ودحره والعمل على اجتثاثه على رأس الأولويات والشغل الشاغل للحكومات، التي كلما ضيقت عليه الخناق ازداد فحشا، فتزداد الإجراءات صرامة بما تحمله من أعباء يدفع ثمنها الجميع، حكومات وشعوب وفي مقدمتهم رجال الأمن البواسل والمواطنون البسطاء.

مصر وتونس تمددان بشكل متواصل العمل بقانون الطوارئ. هل يخدم ذلك القانون خطط التنمية في البلدين؟ بالطبع لا، ولكن هل هناك بديل آخر؟ بالقطع لا، فعندما تتعرض قوات الجيش والشرطة للاستهداف ويصبح الأمن والاستقرار على المحك، لا يمكن أن تجد إنسانا عاقلا يعترض على قانون الطوارئ كونه يؤثر سلبا على جذب الاستثمارات أو يعطل الحياة السياسية! فمع غياب الأمن والأمان يصبح الحديث عن الاستثمارات والخدمات بمثابة رفاهية ومضيعة للوقت والجهد.

الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها البحرين بمشاركة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب والتي تهدف إلى استئصال الإرهاب وتجفيف منابع تمويله لن تؤتي أكلها بين عشية وضحاها؛ فالحرب على الإرهاب طويلة وساحاتها غير موجودة على الأرض وإنما في العقول، التي يسعى رعاة الإرهاب إلى تخريبها واستمالتها واستخدامها كقنابل يفجرونها عن بعد على جانب طريق التنمية.

دعاة الموت استطاعوا بمكرهم أن يحولوا بعضا مما تزخر به دولنا من طاقات شبابية إلى قوى ظلامية يسخرونها لتنفيذ مخططاتهم الإجرامية، متبعين غزو العقول كإستراتيجية أقل كلفة وأكثر نجاعة لمن لا يملك شجاعة الإقدام على غزو الأرض، لكنهم سيفشلون؛ لأنهم يواجهون شعوبا أبية عجز كل الغزاة عبر التاريخ عن إخضاعها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية