+A
A-

اقتصاديون وتشريعيون يدعون إلى مزيد من التقشف

دعا اقتصاديون ونواب وشوريون الحكومة إلى مزيد من التقشف واتباع سياسة انكماشية للحفاظ على الوضع الاقتصادي للمملكة في ظل تراجع أسعار النفط وزيادة حجم العجز في ميزانية 2017/2018.

وأحال مجلس الوزراء مشروع الميزانية العامة للدولة لعامي 2017 – 2018 ، إلى مجلس النواب بعجز كبير بلغ 2.5 مليار دينار للعامين.

وقدرت الميزانية الجديدة سعر برميل النفط عند 55 دولارًا في حين تحتاج البحرين للوصول إلى التوازن 119 دولارًا في 2017 و114 دولارًا في 2018. وتوقع مشروع الميزانية عجز العام 2017 حوالي 1.3 مليار دينار وهو يشكل 10.9 % من الناتج المحلي الإجمالي، العام 2018 قرابة الـ1.2 مليار دينار بواقع 9.9 % من الناتج المحلي الإجمالي.

وقال وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة إن الحكومة ستمول العجز عن طريق الاقتراض، والاستعانة بأموال صندوق احتياطي الأجيال.

من جهته، أكد رئيس اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الشورى خالد المسقطي أن اللجنة لا تنظر للعرض الإجمالي للميزانية رغم أهميته، فهي تصب اهتمامها أيضًا على كيفية الوصول إلى  التفاصيل لمعرفة مدى تأثيرها على الوضع الاقتصادي الحالي، (...) نسعى إلى مراجعة وتحليل مكوناتها والوصول إلى كيفية خفض المصروفات وزيادة الإيرادات.

وأعرب عن تفاؤله بأن تكون الميزانية التي سيخرج بها المجلس تعكس التطلع نحو الأفضل، وتكون قابلة للتحقيق، وأن يتحمل الجميع المسؤولية الملقاة على عاتقه حتى نصل بالنهاية إلى بر الأمان، خصوصًا وأن الوضع الاقتصادي الحالي صعب ويعتمد على المتغيرات وعلى الظروف الإقليمية والعالمية، وبطبيعة الحال على تطور أسعار النفط. 

من جانبه، أوضح النائب أحمد قراطة أن الميزانية العامة للدولة “2015 – 2016 تعتبر أفضل من ميزانية 2017 – 2018 من جهة الإيرادات.

وأضاف “لقد قدمنا اقتراحًا بقانون يقضي بدخول كافة الإيرادات الحكومية إلى الميزانية العامة للدولة بما فيها نحو 17 هيئة ومؤسسة حكومية، إضافة إلى 48 شركة، أي ما يعادل 64 هيئة وشركة منها 15 تمتلك فيها الحكومة حصة  50 %، و23 شركة أقل من 50 %”. متوقعًا أن تحقق مداخيل هذه الهيئات والشركات نوعًا من التعادل بين الإيرادات والمصروفات، لأن عكس ذلك يعني مزيدًا من الاقتراض، وبالتالي زيادة الدين العام.

وأكد قراطة ضرورة وجود سياسات تصحيحية، واتباع “سياسة انكماشية” أكثر في هذه الفترة، وكل هذا يقابله تحديات عديدة منها تراجع أسعار النفط، والظروف الإقليمية.

وبلغ الدين العام حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري نحو 8.95 مليار دينار، وهو يشكل 74 % من الناتج المحلي الإجمالي تقريبًا.

وكان المصرفي والاقتصادي مراد علي مراد قد اشار في تصريحات سابقة إلى أن الدولة حتمًا ستلجأ إلى الاقتراض لتغطية العجز المتوقع في ميزانية 2017/2018 ما يعني زيادة الدين العام.

وتوقع أن تبقى أسعار النفط على حالها، متدنية لمدة طويلة نسبيًّا.

وأكد أنه كان من باب أولى بدء العمل على ميزانية 2018/ 2019، بدلاً من تضييع الوقت على موازنة العام 2017 التي شارفت على الانتهاء

من جانبه، قال المحلل الاقتصادي جعفر الصائغ إن الحكومة ستتجه - كأجراء طبيعي - إلى خفض المصروفات المتكررة كونها أحد أكبر وأهم أسباب العجز في الميزانية، ولهذا فإنه من المتوقع أن يجري خفض أكبر في حجم المصروفات العامة الحكومية، وعند بناء الميزانية على أساس سعر النفط  55 دولارًا للبرميل فهذا يعني استمرار العجز وتفاقم الدين العام، خصوصًا وأن الإيرادات غير النفطية لازالت متدنية، وعلى الرغم من أن الحكومة وضعت رسومًا جديدة ورفعت بعضها، إضافة إلى وضع فرض الضرائب لكن تبقى الإيرادات غير النفطية نسبتها ضئيلة إمام الإيرادات النفطية.

وقدرت الإيرادات غير النفطية (دون الإعانات)، في الميزانية بمبلغ 475 مليون دينار للسنة المالية 2017، ونحو 537 مليون دينار لـ 2018، بينما تم تقدير إيرادات الإعانات بمبلغ 28 مليون دينار لكل من السنتين الماليتين 2017 و2018.

وأضاف الصائغ “عندما نسقط هذه الصورة على الاقتصاد الكلي سوف نلمس خلال السنتين المقبلتين استمرار الركود الاقتصادي وانخفاض في السيولة العامة، خصوصًا وأن مجمل القطاعات الاقتصادية تعتمد اعتمادًا كبيرًا على التدفقات النقدية من خلال مصروفات الدولة.

وقال إن ارتفاع الدين العام يعني بالضرورة تراجع ثقة المستثمرين في الاقتصاد، نظرًا لوجود تفاقم في الدين العام، وتأثر مقدرة الدولة على تمويل النشاط الاقتصادي والمزيد من الاقتراض مما يؤدي  إلى زعزعة الثقة الاقتصادية  لدى المستثمرين، ويؤدي إلى تدخل منظمات ومؤسسات دولية من خلال توصيات اقتصادية، و تراجع رتبة البحرين في التأمين المصرفي ما يؤدي سلبًا إلى خفض الائتمان المالي.

وتابع “استمرار ارتفاع الدين العام سيؤدي إلى بحث المستثمرين عن فرص استثمارية خارج البلاد، وأن عدم القدرة في جذب استثمارات جديدة يؤدي أيضًا إلى اضطرار الحكومة إلى الاقتراض من مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي مما يعني فرض شروطه والتدخل في السياسة الاقتصادية للبلد، والذي يفضي بنهاية الأمر لاستمرارية الركود الاقتصادي وتراجع النشاط الاقتصادي. 

وأعرب الصائغ عن أمله ألا يؤثر هذا الوضع في عدم قدرة الاقتصاد على خلق وظائف للمواطنين، وتوفير فرص عمل مناسبة لهم.