ما أعلن عنه وزير شؤون الإعلام علي بن محمد الرميحي، عقب قرار مجلس الوزراء الموقر “بالموافقة على إنشاء وتنظيم مركز للاتصال الوطني، بحيث يتولى - وفق منهجية وآلية متطورة ومتكاملة - رصد وتجميع المعلومات، وتوحيد الخطاب الإعلامي الحكومي وزيادة فاعليته داخليًا وخارجيًا”، أعقب أخباراً تظهر منذ أكثر من عام عن قيام خبراء أميركيين بإنشاء هذا المركز، والإشراف عليه، واصطفاء من سيعمل فيه.
حينها تذكرت الاجتماعات التأسيسية لإنشاء واحدة من الصحف التي صدرت، كان الخبير الأسترالي يحاول أن يسوّق – من خلال الشركة التي جلبته – عدداً من الأفكار التي يمكن للصحيفة أن تنطلق من خلالها بقوّة، وكأيٍّ من بائعي الكلام، أخذ ينفش الأوراق، والرسومات البيانية، ومعدلات النجاح المحتملة فيما لو تم الأخذ بنصائحه، والخسائر المؤكّدة إذا ما تجاهلت الصحيفة ما يقول، ولم يعلق في بالي من ذلك العرض إلا استراتيجية التسويق التي أسماها “التزاحم”، وهي أن تؤجّر الصحيفة أعداداً كبيرة من الشباب يتوزعون على مراكز التسوق، ليعملوا ازدحاماً عند رف بيع الصحف، فيجلبوا انتباه المتسوقين الذين سيقودهم فضولهم حتماً ليروا سبب الازدحام، ليجدوا هؤلاء الشباب يشترون ويقرأون ويناقشون ما في الصحيفة الجديدة، فيمدواّ يدهم لشراء نسخة.
هذه الاستراتيجية، إضافة إلى ما فيها من سذاجة مفرطة لا تتناسب مع “خبير”؛ فإنها إن صلحت في أستراليا ربما لن تصلح في البحرين، إذ سرعان ما سيتعرف متسوق على أحد الشبان المستأجرين، ليقول سبب تواجده، وتنتهي المسألة، هكذا ببساطة.
فالجهاز الرسمي في البحرين يحتاج إلى خطاب إعلامي جديد محلياً وخارجياً، يكون هادراً نعم، ولكن يكون مقنعاً أيضاً، يكون سريعاً نعم، والأهم يكون فعّالاً، يكون قاطعاً الشك باليقين. خطاب جديد يقدّم الأهم على المهم، ويلغي الأقل أهمية، يعيد ترتيب الأولويات لدى الناس، يعرف أنه لم تعد مصادر البيانات، والمعلومات، والتحليلات، محصورة في مكان، ولا هي مقصورة على أحد، فلا سبيل للمعلومات الغامضة، لأن هناك دائماً من هو مستعد للإتيان بما ينقضها، وتبدأ مساحات سوء الفهم.
إذا ما أجّلنا الخطاب الخارجي حيناً؛ فالخطاب المحلي يحتاج إلى وجه محلي، ونَفَسٍ محلي، ولمسة محلية، تعرف ما الذي يمسّ الناس ويتفاعلون معه، فلا تكفي هنا النظريات والتجارب التي طبقت في مجتمعات مختلفة، بل سيكفي لو خرج أحدهم ليقول معلومة صحيحة ومنطقية.