العدد 2858
الخميس 11 أغسطس 2016
banner
أحمد عمران
أحمد عمران
مواقف مزعجة توتر الأجواء
الخميس 11 أغسطس 2016

تصادفنا أحيانا مواقف مزعجة في حياتنا اليومية قد نتذمر منها تذمرا شديدا، ونتمنى حينها العيش في مكان آخر مع أناس مختلفين يحترمون النظام، نظراً لتضررنا من تصرفات وسلوكيات البعض من السواق العشوائيين في الشوارع والطرقات. فالسياقة فن ومهارة، فأما الفن فهو في التعامل مع الآخرين أثناء القيادة، والمهارة تكمن في الانضباط وحرفية التعامل مع السيارات المجاورة ومراعاة أن للآخر حقا في الطريق. هؤلاء العشوائيون لا يأبهون لمبادئ وﻻ أخلاقيات، ولا يحترمون الذوق العام، ورغم كوننا مجتمعا ينتمي للدين الإسلامي الذي يحث على إماطة الأذى عن الطريق؛ إلا أن هناك أناسا هم أساسا أذى بالطريق. وفي الواقع نشاهد العديد من السواق ممن لا يحترمون حقوق الطريق ويعتبرون الشارع العام ملكا لهم، يوقفون سيارتهم متى شاءوا وفي أي مكان، وربما أوقفوا سيارتهم خلف سيارة أخرى وذهبوا لقضاء حوائجهم دون أن يفكروا في مشاعر صاحب سيارة ربما يقف طويلا “وهو ينتظر عديم الذوق حتى يفك حصاره”. منهم أيضا من يوقف سيارته في وقت متأخر من الليل أمام بوابة أو كراج أحد المنازل القريبة من سكنه أو سكن أحد أقاربه وعندما ينوي صاحب المنزل الخروج يفاجأ بأنه محتجز داخل فناء منزله؛ ليبدأ رحلة التفكير في حل للخروج من هذا المأزق وبالتالي يجد نفسه حائرا ما بين أمرين إما أن  يطرق جميع أبواب المنازل والشقق الموجودة في العمارات المجاورة بحثا عن صاحب تلك السيارة، أو أنه يبادر بالاتصال باﻹدارة العامة للمرور، لإبلاغهم بالمخالفة المرتكبة ضده. فأنانية البعض والنرجسية التي يتعامل بها هؤلاء في احتكار الطريق تؤدي إلى ضياع وتعطيل مصالح الآخرين، ولو فتشنا في المشاكل والمنازعات التي تحصل بين الجيران فإننا سنجد أن أغلبها تبدأ بسبب مواقف السيارات. لذلك فمن غير المعقول أن يحرم الجار جاره حقه الطبيعي في الوقوف أمام منزله لمجرد انه يمتلك أكثر من سيارة، والنظام في الأصل يتيح للجميع الوقوف أينما شاءوا وفق القواعد العامة والقوانين المرورية، فليس لصاحب المنزل الحق في أن يمنع أحدا أن يوقف سيارته أمام منزله لأنه لا يوجد قانون يعطي صاحب المنزل حق التصرف في جزء من الشارع وإن كان هذا الجزء يمر أمام منزله. ولكن في حال تم الوقوف بقصد تعطيل صاحب المنزل بحيث قام هذا الجار بإيقاف سيارته عمدا أمام الموقف (الكراج) الخاص بسيارة صاحب المنزل يتم في هذه الحالة سحب السيارة وإعطاؤه مخالفة مرورية. وكذلك نرى الكثير من الأشخاص يكتبون على جدرانهم الخارجية “موقف خاص” أو “ممنوع الوقوف” فنحن نتعجب من الذي أعطى هؤلاء الأشخاص حق الكتابة على الجدران أو وضع الأعمدة والسلاسل لحجز هذه الرقعة العامة تحت مسمى موقف خاص ولاسيما أن القانون لا يعطيه هذا الحق.
ليس من المعقول أيضا أن تتولد الضغينة والبغضاء بين الجيران بسبب موقف سيارات، لذا يتوجب على الجميع مراعاة حقوق الجيران ولاسيما أن الرسول (ص) أوصانا بالجار وجعل الإحسان إلى الجار من شروط الإيمان. نحن مقبلون على أزمة مواقف حقيقية في المناطق السكنية في السنوات القادمة بسبب الزيادة المضطردة في عدد السيارات وكذلك ارتفاع عدد السكان والذي بدوره سيؤدي إلى التوسع في البناء العمودي، وعندها ستحتدم المنافسة بين الجيران للحصول على المواقف وسينتج عنها نشوب الخلافات والمشاكل بينهم. فالتخطيط العمراني له دور كبير في تفادي هذه المشكلة خصوصا في المناطق والمدن الحديثة، أما في المناطق المكتظة فيمكن أن تتم إعادة تأهيل للمواقف الحالية أو المساحات الخالية واستغلالها الاستغلال الأمثل مما سيفسح المجال لوقوف أضعاف عدد السيارات التي كانت تقف في المواقف الحالية، وستساهم بشكل كبير في حل أزمة المواقف إلى جانب ذلك فإنها ستعطي جمالية ومنظرا حضاريا ناهيك عن سهولة إيجاد مكان لركن المركبة.
وهنا نتساءل أما آن الأوان لاتخاذ خطوات من شأنها توفير أفضل السبل لحل مشكلة المواقف بشكل عام، وضعا في الحسبان أنها قد تتفاقم وتتعقد مستقبلا، هل المطلوب إبقاء الوضع على ما هو عليه أم أن هناك توجهات أخرى ستطرح قريباً تترجم هذه الأماني إلى واقع ملموس.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .