العدد 2852
الجمعة 05 أغسطس 2016
banner
المجلس السياسي الانقلابي
الجمعة 05 أغسطس 2016

لم يكن من المتوقع أن تنجح جلسات الحوار بين الحكومة اليمنية الشرعية وبين الانقلابيين الحوثيين وحلفائهم، وذلك بسبب مناورات الحوثيين وحلفائهم وعدم مصداقيتهم أثناء حضورهم ومشاركتهم جلسات الحوار التي امتدت لنحو أربعة أشهر (أبريل ـ يوليو 2016م)، إذ إنهم يعتمدون على السيناريو الطهراني الذي يوجههم ويلقنهم التعليمات ويزودهم بالمعلومات التي لا تحقق التوافق بينهم وبين فريق الحكومة اليمنية الشرعية، الأمر الذي يؤدي إلى عرقلة ما يمكن أن يُحقق التوافق بين طرفي الحوار اليمني. وكلما بانت في الأفق ملامح أي اتفاق لإنهاء الصراع السياسي والعسكري بين الفريقين وضع الحوثيون وحلفاؤهم العصا لعرقلة سير دولاب المشاورات والجلسات التي استضافتها مشكورة دولة الكويت تحت رعاية صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت وبقيادة أممية لممثلها إسماعيل ولد الشيخ أحمد. حول هذا الموضوع كان النقاش بمجلس عائلة الدوي، وبحضور عميدها الوجيه إبراهيم بن يوسف الدوي الكائن بحالة أبي ماهر بمحافظة أم المدن المحرق الشماء، وتحدث عدد من بينهم كاتب المقال.
إن الإعلان الحوثي عن تشكيل المجلس السياسي لإدارة الدولة اليمنية قضى على أمل الوصول إلى أي توافق بين طرفي الحوار اليمني، فتشكيل هذا المجلس هو “السيناريو الإيراني الاحتياطي” الذي أعد حينما تصل جلسات الحوار اليمنية إلى الطريق المسدود بالنسبة إلى الحوثيين وحلفائهم، ولأن هؤلاء أوصلوا الحوار إلى هذه النهاية المأزومة وأدركوا أنهم أمام هزيمة عسكرية قادمة وسياسية وشيكة استخدموا هذه الورقة لعلهم يكسبون من الوقت شيئًا لتحقيق ما يربو إليه النظام الإيراني، فالحوثيون ديدنهم دائمًا (الإخضاع والاستبداد والتفرد). ففي مسارهم نقضوا كل أقوالهم ونقضوا كل شيء قالوه واتفقوا عليه مع الآخرين، فعلى سبيل المثال قالوا (إنهم لن يدخلوا صنعاء فدخلوها واحتلوها)، وقالوا (إنهم لا يرغبون في الحُكم فاستولوا عليه بالانقلاب وقوة السلاح)، وقالوا (إنهم سيلتزمون باتفاق السٍلمَ والشراكة ومبادئ الحوار فنقضوا ذلك).
وبسبب عدم مصداقيتهم في أقوالهم ونقضها في أفعالهم فإن الحوثيين وحلفاءهم غير جادين في العملية السياسية لا بعد الحوار ولا في أثنائه، وقد تبين ذلك من أفعالهم المتمثلة في استمرارهم في المراوغة في الجلسات الحوارية بدولة الكويت وامتناعهم عن تسليم أسلحتهم ورفضهم وقف الحرب، ومناهضتهم مبادئ وأسس الديمقراطية من مبدأ الأنا أولاً الذي يُقدمهم ويجعل الآخرين تابعين لهم. وبعد أن تيقن الحوثيون وحلفاؤهم أنهم وصلوا إلى نهاية النفق بدون بادرة ولا ضوء لتحقيق أجندتهم قاموا بإظهار ورقتهم المتمثلة بتشكيل المجلس السياسي، وهذا المجلس يؤكد استمرارهم إعلان الحرب على الدولة اليمنية وحكومتها الشرعية وعلى شعبها، واستباقهم لفشل المشاورات في الكويت، بحيث لا يكون الفشل قد حدث بسببهم، وعدم اعترافهم بالقرارات الخليجية والدولية الصادرة بشأن القضية اليمنية، وفرضهم لسلطة الأمر الواقع، ونيتهم في القضاء على أي أمل في الخروج بالبلاد من مأزقها السياسي والعسكري، وإفشالهم المفاوضات وكل مساعي السلام للخروج من الحالة المفروضة من قبلهم على اليمن وشعبه.
تتواصل الأزمة اليمنية بعد كل هذه الفترة الزمنية من المشاورات، ولا يزال الرأي العام العالمي يقف متفرجًا أمامها وغير مُبال بنتائجها، فالأطراف الدولية نأت بنفسها عن التدخل إلا من خلال المُمثل الأممي الذي لا حول له ولا قوة، والذي يتنقل من هذا الفريق إلى ذاك وفي دائرة مفرغة من أية نتائج تذكر. وهذا ما يؤكد أن هناك نوايا سيئة من قبل القوى الدولية باستمرار النزاع اليمني، كاستنزاف القدرات السعودية قائدة التحالف العربي ضد الحوثيين وحلفائهم وقدرات بعض أقطار الخليج العربي المشاركة في التحالف، وتشتيت قوة مجلس التعاون في الخليج العربي ووحدته وزيادة أمد الصراع اليمني وصولاً إلى تقسيمه إلى يمنين كما حدث للسودان. وهذا الوضع يُحقق جزءا من أهداف النظام الإيراني في تشكيل دولة يمنية يحكمها النظام الإيراني كما يَحكم العراق والجنوب اللبناني العربي ويحتل إقليم الأحواز العربي، وبالتالي ستكون اليمن بابًا ليلج منه النظام الإيراني إلى الأراضي السعودية وأقطار الخليج العربي من أجل زعزعة أمنها واستقرارها وصولاً إلى تحقيق مبتغاه في احتلال الأماكن المقدسة الدينية في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
إن المجلس السياسي هو مشروع إيراني أميركي صهيوني يهدف إلى تقسيم الأقطار العربية إلى كانتونات طائفية ضعيفة ومشلولة، كانت البداية في العراق ثم السودان واليوم اليمن وغدًا سوريا وباقي الأقطار العربية. وذلك بهدف السيطرة على الأقطار العربية والهيمنة على مقدراتها وسرقة ما تبقى من ثرواتها واستعباد شعبها، وتجريدها من ثقافتها العربية وهويتها القومية وسيادتها الوطنية.
إن الحكومة اليمنية الشرعية مازالت صامدة ومتمسكة بالعودة إلى طاولات الحوار واستمراره، من أجل وحدة الوطن اليمني ووحدة شعبه. والمجلس السياسي الحوثي لا يؤسس أية شرعية يمنية لأن الشرعية اليمنية موجودة في اليمن والمتمثلة في رئيسها وحكومتها المُعترف بها يمنيًا وخليجيًا وعربيًا ودوليًا. فهذا المجلس هو مناهض للشرعية وند لها. ونأمل جميعًا أن يستفيق الحوثيون من سباتهم ليعلموا أن اليمن هي الأرض الحاضنة لهم وأن النظام الإيراني يستهدفهم ويستهدف أرضهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .