العدد 2851
الخميس 04 أغسطس 2016
banner
ماذا يُريد النظام الإيراني من اليمن؟
الخميس 04 أغسطس 2016

تقع اليمن في الجزء الجنوبي من جزيرة العرب، وغالبية أهل اليمن من المسلمين وتنتشر بينهم المذاهب (الزيدية، الإسماعيلية، الشافعية، الإمامية الاثني عشرية والحنفية)، وتبلغ الزيدية في اليمن نحو (28 %) وينتشر أصحابها في شمال اليمن وفي الحدود الشمالية المتاخمة للمملكة العربية السعودية وبعض مناطق اليمن الشرقية. وتبلغ نسبة أتباع المذهب الاثني عشري (2 %)، ويتواجد أكثرهم في مدينتي عدن وصنعاء وفي عدد من المدن والقرى اليمنية الأخرى. وتتوزع باقي النسب بين المذاهب الإسلامية الأخرى.
وفي اليمن لا توجد مراقد للأئمة، لأنها تتركز في العراق والقليل منها في سوريا، فإذا كانت حجة تواجد الحرس الثوري الإيراني في العراق وسوريا الدفاع عن الأضرحة والأماكن المقدسة الشيعية فما هي حجة النظام الإيراني لتواجده في اليمن؟ لقد أقحم النظام الإيراني نفسه في ورطة الصراع اليمني ووقف بجانب الحوثيين، ويدرك هذا النظام بأن جماعة الحوثي فاشلة سياسيًا ومهزومة عسكريًا، ولن تكون قادرة على التواجد بدون قوة السلاح. وهذه الحجة الإيرانية تعطي فرصة ذهبية لتنظيم القاعدة لتقديم نفسه كجهة تحمي المسلمين السُنة. وهذا ما يبتغيه النظام الإيراني في التهاب الصراع بين المسلمين السنة والشيعة في اليمن، وصولاً إلى تحويل اليمن إلى كانتونات طائفية وإلى دولة فاشلة تعشعش فيها التنظيمات المتأسلمة المتشددة. ونجح النظام الإيراني في إحداث الصراع السياسي والعسكري الدامي بين أبناء السنة والشيعة في العراق، وبذلك أصبح مُسيطرًا بنسبة (100 %) على كل الأمور السياسية والعسكرية والأمنية في العراق. والآن يقوم من أجل تحقيق ذات الهدف في سوريا بدعمه جيش النظام السوري وتأييده النظام الحاكم في سوريا. إن ما يُريده النظام الإيراني من اليمن هو: أن تكون أرض اليمن بؤرة للصراع الطائفي بين المسلمين كما يحدث الآن في العراق، وما الحوثيين في نظر هذا النظام إلا وسيلة لتحقيق مآربه وأطماعه الطائفية، فهو يوفر لهم السلاح والمال بدون مقابل، ولكنه سيقبض ثمن ذلك بالهيمنة والتدخل في شؤونهم ويحتل اليمن ويُدمرها كما احتل العراق ودمرها.
 محاولة النظام الإيراني في السيطرة على سواحل اليمن الواقعة على البحر الأحمر عند مدخل باب المندب، وهو من الممرات المائية الأكثر ازدحامًا في العالم. يبتغي من اليمن أن تكون أرضية إيرانية للتوجه نحو أراضي المملكة العربية السعودية، وبما يُمَكِّنها من التدخل في شؤون أقطار الخليج العربي تحت مظلة دعائية فجة من حماية الشيعة في المنطقة. تحقيق هدف الانفصال بين شطري اليمن اللذين توحدا في عام 1990م، وتشكيل دولة في الشطر الشمالي من اليمن.
إن النظام الإيراني بعد حرب 1994م اليمنية أبدى رغبته في تقديم الدعم التنموي لليمن، وتشكلت على إثر ذلك لجنة وزارية مشتركة بين البلدين، إلا أنه تبين بعد ذلك أن النظام الإيراني كان غير جاد في تقديم أي دعم لليمن، وأن كل ما كان يُقدمه النظام الإيراني لليمن مجرد وعود كاذبة، لكون هذا النظام يعمل فقط من أجل تحقيق مصالحه السياسية الخاصة من خلال التعامل مع فئات معينة متعاطفة مع نهجه الطائفي وسياسته العدوانية. إنه نظام ماكر خادعٍ وغادر ومتصيد في الأزمات، ويأتي إلى فرائسه بمختلف الصور والأشكال حتى ينقض عليها ويحقق مآربه منها. وخلال فترة هيمنته وتسلطه يفرض رؤاه وتصوراته في رسم المستقبل الذي يتوافق مع أجندته الفارسية.
 وهذا ما فعله النظام الإيراني في العراق واليوم في سوريا ويريد أن يفعله في اليمن وبموقف مضاد كليًا للتوافق السياسي في البلد الذي يتواجد فيه، خصوصا أن النظام الإيراني يدرك أن نظام الأسد ساقط لا محالة بسبب ما يرتكبه من ذبائح ومجازر بحق الشعب السوري، لذا فإنه يبحث عن مناطق نفوذ جديدة وبديلة، ووجد ضالته في اليمن كبديل عن سوريا. إلا أنه بسقوط الأسد والحوثيين سيُحرق أوراق هيمنة وأطماع النظام الإيراني ونشاطه الهدام في إثارة النزاعات السياسية وإذكاء الصراعات الطائفية في المنطقة العربية بغرض تمزيقها مذهبيًا وسياسيًا.
لذا ولأجل صد هذه الأطماع وحماية أقطارنا العربية من العبث الإيراني الأسود لابد من اليقظة الوطنية والقومية لمواجهتها، وأن تعمل جميع الأقطار العربية بالاتجاه المعاكس للهيمنة الفارسية التي تسعى لخلق توازنات على مقاس أهدافها الاستراتيجية بمنطقة الشرق الأوسط من خلال ميليشياتها المصطنعة لتحقيق هذه الأهداف. وعاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية كانت الصعقة غير المتوقعة، وكأحد أوجه حماية الخليج العربي والأمة العربية من سموم الأفعى الفارسية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .