العدد 2820
الإثنين 04 يوليو 2016
banner
اليمن وقد تحولت المفاهيم
الإثنين 04 يوليو 2016

ضاعت عملية الحساب واختلطت المعادلات في المباحثات التي ترعاها الأمم المتحدة في دولة الكويت لحل ما حل باليمن، فقد طالت تلك المباحثات طويلا كما توقعنا منذ بدايتها، وحتى الآن لا يتحدث احد عن تقدم تم إحرازه بشأنها أو قرب التوصل إلى حل للأزمة المفتعلة في ذلك البلد السعيد.
التمطيط الذي أحدثته الأمم المتحدة في الأزمة اليمنية عن طريق أمينها العام وممثلها “إسماعيل ولد الشيخ أحمد” أدى إلى نوع من التغيير في المصطلحات والمواقف التي تنتج عنها، فما نعرفه في الحقيقة والأساس أن الأزمة اليمنية بدأت عندما رفضت فئة من اليمنيين نتائج الحوار الوطني الذي جرى هناك ورفضت الالتزام بما اتفق عليه الشعب اليمني، ثم بدأت  استخدام القوة لتغيير الواقع الذي أراده الشعب اليمني واختار على أساسه رئيسا للبلاد، وتوافق ذلك مع عودة من رفضه الشعب اليمني، او بتعبير أدق نقول من طرده الشعب اليمني، ونعني به علي عبدالله صالح ليتحالف بالقوة مع من رفض التوافق على نتائج الحوار الوطني ليشكلا حلفا مناهضا لإرادة الشعب، وما نعرفه أن الشعب اليمني رفض ذلك التحالف وأصر على موقفه واختياره، هذه هي الأزمة التي نعرفها وتعرفها الأمم المتحدة والتي تحولت اليمن بسببها إلى ساحة حرب، بالتالي فإن ما يجري في الكويت يجب ألا يكون حوارا بين أطراف لكل منها وجهة نظر معينة في السياسة أو في غيرها، بل هو بين الشرعية والانقلاب، بين الإرادة الشعبية والعدوان الذي تم عليها، بين أصحاب حق في وطنهم ولصوص استولوا على ذلك الوطن بالقوة، فهل تريد الأمم المتحدة التعاون مع اللصوص والانقلابيين ورفعهم إلى مصاف الطرف المحاور وأن تراعي موقفهم إلى الدرجة التي تجعلنا نتشكك أكثر مما نحن متشككون في موقف هذه المنظمة وممثلها في الأزمة أم ماذا؟
مادامت الأمم المتحدة مصرة على معاملتهم باللين وأنهم طرف مفاوض له حقوق الأطراف ومتساوِ معها، مادام هذا هو الوضع في الكويت حاليا والذي تريد المنظمة الدولية السير عليه فإننا على يقين بعدم بزوغ فجر الحل الصحيح للأزمة اليمنية سياسيا، بل ربما تستمر المفاوضات لسنوات قادمة مادام الوضع سيظل على ما هو عليه دون تغيير ودون فعل إيجابي تتخذه المنظمة الدولية وتلزم به أعضاءها وتجبر الطرف الانقلابي، ليس الحوثيين ومعهم المخلوع علي عبدالله صالح وبعض القبليين المتحالفين معهم لمصالح مشتركة، بل من يقف وراءهم ويقوي عزيمتهم ويمدهم بما ينقصهم من مال وسلاح، بالتالي يكون المطلوب كما قلنا لمرات عديدة من قبل التعامل مع الجماعة الانقلابية كما تستحق وكما هي عليه، جماعة يجب أن ترضخ بالقوة التي قامت من خلالها وبها لواقع يراه الجميع صحيحا ومطلوبا وتراه هي ومن يقف معها ليس كذلك، هذه جماعة من الواجب محاكمة من يقف على أمرها بسبب الجرائم التي اقترفتها بحق الشعب اليمني والقتلى الذين سقطوا بيدهم وبسببهم فكيف يمكن التباحث مع من يده ملطخة بدماء الشعب اليمني ومن أرجع اليمن سنوات طويلة إلى الوراء.
الحقيقة المؤكدة من كل ذلك أن الحوار لن ينتج شيئا يفيد الشعب اليمني أو يكرس واقعا ديمقراطيا سعى له الشعب بحركته الجماهيرية عام 2011 وضحى بالكثير من أجلها، فالحوثيون من جهة وصالح من جهة أخرى يصرون على سرقة كل ذلك وإعادته إلى وضع مرفوض من قبله بالقوة، والأمم المتحدة تساهم في ذلك بتعاملها مع هذين الطرفين بالصورة التي تحدثنا عنها... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية