+A
A-

رئيس كتلة التوافق النيابية ل”البلاد”: تقييد منح الجنسية “واقع فعلاً ومطبّق عمليًا”

البلاد - راشد الغائب
قال رئيسي كتلة التوافق الوطني البرلمانية النائب عيسى تركي لصحيفة “البلاد” إن من ميزات قانون الجنسية البحرينية أنه أول تشريع منظِّم للجنسية بدول الخليج العربي حسب المفهوم الحديث.
وذكر تركي، وهو أول مدير للجنسية بوزارة الداخلية قبل نيله الثقة الشعبية للجلوس بمقعد بالبرلمان، أن قانون الجنسية متوافق مع القانون الدولي ويعالج مشاكل الجنسية التي تعاني منها الكثير من الدول، والتي من بينها ازدواج أو انعدام الجنسية، مع المحافظة على الهوية البحرينية، والمصلحة الوطنية العليا.
ولم يؤيِّد تقييد أو تقنين عدد من يجري منحهم الجنسية في القانون أسوة بما قررته بعض الدول الشقيقة.
وأضاف: “هذا التقنين والتقييد واقع فعلا ومطبق عمليا، وإن ما يثار بين فترة وأخرى هو مبالغة في الأرقام، وعدم دقة في الإحصاءات، الهدف منها تسييس ملف منح الجنسية”.
ورأى أن التقييد والتقنين سيمنع منح الجنسية البحرينية لأبناء البحرينية وزوجات البحرينيين.

واعتبر أن التعاون فيما بين البرلمان والحكومة متباين، مردفا أن مسؤولين يظهرون التعاون وآخرون يتراخون بعدم الرد على الأسئلة البرلمانية في المدة المحددة وعدم التعاطي الواقعي والشفاف والموضوعي مع المقترحات برغبة.
ولفت إلى أن اقتراح التعديلات الدستورية الأخيرة التي قدّمتها الكتلة لتحصين المكتسبات التقاعدية “لا تعتبر تعديلات تأزيم”. وفيما يلي نص الجزء الأول من الحوار مع النائب عيسى تركي:

مكتسبات المتقاعدين
- تقدّمت كتلة التوافق باقتراح تعديل دستوري لتثبيت الحقوق التقاعدية دستوريا، فما هو توقعك لمصير هذا التعديل الدستوري؟ وألا ترى أن برلمان 2014 شهد إسرافا في تقديم التعديلات الدستورية (هذا هو الاقتراح الثالث)؟ ولماذا لم يجرِ التحرّك على تقديم اقتراح بقانون بدلا من التعديل الدستوري؟
- بلا شك أن المتقاعدين لهم دور أساس في بناء الوطن ونهضته، وأن الموظفين بالقطاع العام من مدنيين وعسكريين والعاملين بالقطاع الخاص هم سواعد تنمية البلد.
ومن واجبنا الدفاع عنهم ومنع أي مساس بمكتسباتهم وحقوقهم وامتيازاتهم التقاعدية، كما لهم الحق في تقاعد يتسم بالعدالة والكرامة بعد سنوات من الجهد والعطاء، مع أن الدفاع عن هذه الحقوق قد يعتبر تراجع عما كنا نتطلع إليه وندعو له سابقا، فقد كان هدفنا وغايتنا منح المزيد من المزايا والحقوق لهذه الفئة التي تستحق منا بذل كل الجهود لتحسين مستواها المعيشي، وذلك انطلاقا مما كفله الدستور من تحقيق وتقديم التأمين والضمان الاجتماعي والرعاية الصحية للمواطنين ووقايتهم من براثن الجهل والفاقة.
تبنت كتلة التوافق الوطني مقترح لتعديل المادة (5/ج) من الدستور، وذلك بالتعاون مع مجموعة من النواب، وكما هو معلوم فإن أي تعديل دستوري يستوجب حسب المادة 92 من الدستور أن يقدم التعديل من 15 نائب، وبالتالي فإنه يتطلب لنجاح تمرير هذا المقترح موافقة 6 أعضاء إضافيين فقط، وهذا مؤشر إيجابي مبدئي بأن مقترح التعديل سيكون مصيره التوفيق والنجاح، وإن كان قد يستغرق ذلك بعض الوقت.
وهذا التعديل الدستوري ليس هو الأول، فقد سبق لكتلة التوافق الوطني أن قدمت أيضا مقترح لتعديل المادة 91 من الدستور ليكون من صلاحية وحق أعضاء مجلس الشورى توجيه أسئلة للوزراء أسوة بحق وصلاحية أعضاء مجلس النواب؛ وذلك لتعزيز دور السلطة التشريعية، فنحن كمجلسين نمثل سلطة واحدة ويتعين أن نعمل بانسجام وتكامل وتناغم وإن أي نجاح يحقق من قبل أي مجلس هو نجاح للسلطة التشريعية وللبحرين وللبحرينيين.
أما بخصوص جزئية السؤال فيما يتعلق بأن برلمان 2014 شهد إسرافا في تقديم التعديلات الدستورية، أزعم أن كثرة التعديلات الدستورية بأي بلد تخدش قوة ومصداقية وسمو الدستور، ولا تخدم الاستقرار التشريعي، لهذا تتصف بعض الدساتير بالجامدة، ولكن هذا لا يعني أن تطور الظروف وتغيرها يحول أحيانا من مراجعة الدساتير بين فترة وأخرى ودراستها بتأن بعيدا عن الإخلال بالثوابت وبمنأى عن التأزيم.
ولهذا أنا أجزم بأن التعديلات التي تقدمت بها كتلة التوافق الوطني جاءت نتيجة ظرف خاص استلزم مثل هذه الأداة.
ولا تعتبر تعديلات تأزيم بقدر ما هي تعزيز لحقوق كفلها الدستور بالأساس وأنها جاءت لتحصينها وضمان عدم المساس بها، وهذا هو النهج الذي كرسه مشروع جلالة الملك، ولم تنل التعديلات المبادئ الأساسية أو كما يسميها المشرعون الثوابت الوطنية أو المواد الصماء.
كما أن طبيعة الحق ونوعية الحماية ومستوى الحصانة المنشودة تجبرنا أحيانا للجوء إلى التعديل الدستوري بدل أي أداة تشريعية أخرى، وذلك من مبدأ سمو القاعدة القانونية.

بالكيف وليس الكم
- تضمن المؤشر التشريعي لك تقديم 6 اقتراحات بقوانين، والمؤشر الرقابي تقديم 5 أسئلة برلمانية، واستجوابين، وطلبًا واحدًا للمناقشة العامة، فيما خلا الدور السابق من توقيعك على أيّ طلب لتشكيل لجان تحقيق برلمانية، فلماذا هذا العزوف عن تفعيل هذه الأداة الدستورية؟
- قناعتي بأن هناك أمورًا لا تقاس بعددها وكثرتها وإنما بنوعيتها وجودتها والجدوى منها. ويجب أن أترجم برنامجي الانتخابي ورؤيتي ومتطلبات واحتياجات المواطنين في المقترحات التي أقدمها، فهي الوسيلة الرئيسة لتحقيق كل ذلك.
خلال دور الانعقاد الأول تقدمت بـ13 مقترحًا بقانون، و8 مقترحات برغبة وبـ8 أسئلة برلمانية، وإن المجلس أحال بدور الانعقاد الثاني أحد مقترحاتي بقانون للحكومة بعد أن وافق عليه والمتعلق بتعديل المادة 11 من المرسوم بقانون رقم 16 لسنة 2002 بشأن ديوان الرقابة المالية، وكذلك أكثر من مقترح برغبة، مثال ذلك مقترحي بتخصيص دعم شهري للطلبة الجامعيين الدارسين على حسابهم الخاص ومقترحي بتغطية البحرين بشبكة مراقبة أمنية ذكية وغيرها من المقترحات.
أما بهذا الدور فقد تقدمت بتعديلين دستوريين وبـ6 مقترحات بقانون وبـ9 مقترحات برغبة وبـ5 أسئلة برلمانية واستجوابين.
ولم يكن من بينها تشكيل لجان تحقيق، وأسباب عزوفي عن تشكيل لجان التحقيق عدة، من بينها أن طلب تشكيل لجان التحقيق حق مقرر لأكثر من جهة بالمجلس، فهو مقرر لمكتب المجلس وللجان أو بناء على اقتراح مقدم من 5 أعضاء على الأقل، وبالتالي فإن ممارسة هذا الحق يكون بأكثر من صورة، إلى جانب ثقتي بأن إخواني النواب أكثر مني تخصصًا وإلمامًا في المواضيع والأمور التي استدعت تشكيل لجان التحقيق. ولكن لدي سؤال بأنه هل تبعتها أدوات دستورية تشريعية ورقابية أخرى؟

مدير وقانون الجنسية
- قبل نيلك الثقة الشعبية ودخول قبة البرلمان، كنتَ مديرا لإدارة الجنسية بوزارة الداخلية منذ العام 2006، فما مبادراتك التشريعية لإصدار قانون جديد للجنسية ليحل محل القانون القديم الساري حاليا؟
- نلت شرف حمل مسمى أول مدير جنسية بمملكة البحرين، ولم يكن ذلك بوظيفة بالنسبة لي بل رسالة وواجب وتكليف وطني وأمانة وطنية وثقة غالية أعتز بها.
وتسنى لي من خلال هذا المنصب المشاركة في أعداد العديد والكثير من المشاريع بقانون بشأن الجنسية والتي كان من بينها مشروع تعديل بعض أحكام قانون الجنسية الذي قدم للسلطة التشريعية بالفصل التشريعي الثاني، ومشروع بقانون آخر بشان منح الجنسية لأبناء البحرينية؛ وذلك تنفيذا لتوصيات حوار التوافق الوطني في العام 2011، إضافة إلى مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الجنسية، والذي صدر لاحقا بصورة قانون (القانون رقم 21 لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام قانون الجنسية البحرينية للعام 1963) إضافة إلى العديد من المشاريع بقوانين المتعلقة بقانون جوازات السفر أثناء عملي كرئيس للشؤون القانونية بشؤون الجنسية والجوازات والإقامة، والتي صدرت فيما بعد بقوانين.
وأعتقد أن هذه المشاريع بقوانين مرجعية تشريعية لأي تعديل مقترح لقانون الجنسية.

أول قانون
- مقارنة مع التشريعات المماثلة في دول عربية وأجنبية، فما أبرز ميزات قانون الجنسية المعمول به حاليا، وذلك انطلاقا من خبرتك المهنية؟
- يتميز قانون الجنسية البحرينية بأنه أول قانون منظم للجنسية بدول الخليج حسب المفهوم الحديث.
وأزعم بأن الجنسية هي ولاء وانتماء وعلاقة قانونية تنشئ حقوق وواجبات بين الفرد والدولة فمن واجب الدولة حماية الفرد ورعايته على أن يقوم الفرد بواجبه تجاه دولته في الولاء لها واحترام سيادة القانون.
وإن قانون الجنسية البحرينية متوافق مع القانون الدولي ويعالج مشاكل الجنسية التي تعاني منها الكثير من الدول والتي من بينها ازدواج أو انعدام الجنسية، مع المحافظة على الهوية البحرينية، والمصلحة الوطنية العليا.

تقييد التجنيس
- هل تؤيد أن يتضمن التشريع الجديد للجنسية تقنينا لعدد من يجري إكسابهم الجنسية سنويا أسوة بما قررته دولة الكويت بتحديد عدد لا يزيد عن 4 آلاف شخص لمنحهم الجنسية سنويًا؟
- لكل بلد له خصوصية، ولا يوجد تشريع متكامل ومثالي وغير قابل للتقييم والتعديل، وليس من المعيب أن تتم مراجعة أي قانون قائم، ولكن لا أميل إلى تقييد أو تقنين عدد من يجري منحهم الجنسية في القانون أسوة بما قررته بعض الدول الشقيقة.
هناك مطالبات برلمانية بتنا نسمعها بين فترة وأخرى بتلك الدول لرفع الحد الأعلى لمن يتم منحهم الجنسية، فالتقييد خلق مشكلة.
كما أن هذا التقنين والتقييد واقع فعلا ومطبق عمليا، وإن ما يثار بين فترة وأخرى هو مبالغة في الأرقام، وعدم دقة في الإحصاءات، الهدف منها تسييس ملف منح الجنسية.
هذا فضلا عن أن مثل هذا التقييد والتقنين سيمنع منح الجنسية البحرينية لأبناء البحرينية وزوجات البحرينيين.
كما أن الأمانة تحتم علّيَّ أن أبين أن مملكة البحرين من الدول المعدودة التي لا توجد بها ظاهرة البدون (عديمي الجنسية) لا قانونا ولا واقعا وهذه حقيقة وقصة نجاح من ثمار المشروع الإصلاحي لجلالة الملك.

تعاون وتراخٍ
- ما تقييمك لمستوى تعاون مختلف المسؤولين في السلطة التنفيذية مع مجلس النواب وما تحمله من مطالب المواطنين تحت القبة؟
- نحن دولة القانون والمؤسسات، والمادة 32 من الدستور رسمت إطار العلاقة ما بين السلطات فهي ليست قائمة على الفصل المطلق وإنما “الفصل مع تعاونها” وبالتالي أقيّم مستوى التعاون ما بين المسؤولين في السلطة التنفيذية مع مجلس النواب من خلال ما حدده الدستور واللائحة الداخلية من صور لهذا التعاون، ومدى الشفافية.
وأرى أن مستوى التعاون يتباين بين جهة وأخرى، فهناك من المسؤولين من أظهر هذا التعاون وعززه فلهم مني كل الشكر والتقدير، وهناك من تراخى في التعاون، ولديّ صور توضح هذا التراخي، والتي منها عدم رد بعض الوزراء على الأسئلة البرلمانية في المدة المحددة، وكذلك في عدم التعاطي الواقعي والشفاف والموضوعي مع المقترحات برغبة.
هذه قناة برلمانية كاشفة تبين مدى جدية التعاون من عدمه، وإنها فرصة لتطوير الخدمات الحكومية وتحسين أداء وإنتاجية القطاع العام ورفع مستوى رضا المواطنين.