+A
A-

رئيسة البرازيل تمنى بهزيمة منكرة وتقترب من مساءلتها - تحليل -

برازيليا ـ رويترز: منيت رئيسة البرازيل اليسارية ديلما روسيف بهزيمة منكرة في تصويت أجراه مجلس النواب يوم الأحد على مساءلتها وبات من شبه المؤكد أنها ستضطر لترك منصبها قبل شهور من استضافة البلاد لدورة الألعاب الأولمبية.
وأضاءت الألعاب النارية السماء مساء أمس في ساو باولو وريو دي جانيرو بعد أن نجحت المعارضة في الحصول على أكثر من أغلبية الثلثين اللازمة لبدء محاسبة روسيف أمام مجلس الشيوخ فيما يتصل بخرق قوانين الميزانية.
وعبر أعضاء بمجلس النواب عن فرحتهم ولوحوا بأعلام البرازيل بينما حمل العشرات منهم النائب الذي أدلى بالصوت رقم 342 الذي حسم الأمر بعد مناقشات حامية استمرت ثلاثة أيام.
وجاءت النتيجة النهائية بتصويت 367 نائبا لصالح مساءلة روسيف مقابل اعتراض 137 نائبا وامتناع سبعة نواب عن التصويت. ولم يحضر نائبان التصويت من الأساس.
وسرت توقعات بأن تفتح الأسواق البرازيلية على ارتفاع اليوم الاثنين بعد التصويت الذي يمثل خطوة كبيرة نحو إنهاء 13 عاما من حكم حزب العمال اليساري في تاسع أكبر اقتصاد في العالم.
وإذا صوت مجلس الشيوخ بأغلبية بسيطة في أوائل مايو أيار على المضي قدما في مساءلة روسيف كما هو متوقع فسيتم وقفها عن ممارسة مهام منصبها وسيحل محلها نائبها ميشيل تيمر ليكون قائما بأعمال الرئيس لحين انتهاء محاسبتها. وإذا أدينت روسيف فسيشغل تيمر منصب الرئيس لحين انتهاء فترة ولايتها الحالية في 2018. وتسببت معركة مساءلة روسيف والتي بدأت أثناء أسوأ فترة ركود تعاني منها البرازيل منذ الثلاثينيات في انقسام البلاد التي يسكنها 200 مليون نسمة بصورة أكبر من أي وقت مضى منذ نهاية حكم الديكتاتورية العسكرية في 1985.
كما أثارت الأزمة أيضا معركة مريرة بين روسيف (68 عاما) ونائبها تيمر (75 عاما) وهو ما يمكن أن يتسبب في زعزعة استقرار أي حكومة مستقبلية ويدفع البرازيل للانزلاق إلى غموض سياسي يستمر شهورا.
وعلى الرغم من الغضب بسبب ارتفاع نسبة البطالة فإن من الممكن لحزب العمال الذي تقوده روسيف أن يعتمد على دعم الملايين من الطبقة العاملة البرازيلية الذين ينسبون الفضل في إخراج أسرهم من الفقر خلال العقد الماضي لبرامج الرعاية الاجتماعية التي وضعها.
وقال جوزيه جيماريس زعيم حزب العمال في مجلس النواب “المعركة ستستمر الآن في الشوارع وفي مجلس الشيوخ... خسرنا لأن دعاة الانقلاب كانوا أقوى.”
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أكثر من 60 بالمئة من البرازيليين يؤيدون مساءلة روسيف أول سيدة تتولى الرئاسة في البرازيل بعد أقل من عامين من إعادة انتخابها في 2014.
وعلى الرغم من عدم اتهام روسيف بالفساد فإن حكومتها وصمت بفضيحة فساد كبرى في شركة بتروبراس النفطية المملوكة للدولة إضافة للركود الاقتصادي.
وخرج مئات الآلاف من المتظاهرين من الجانبين إلى الشوارع في المدن والبلدات في مختلف أنحاء البرازيل في احتجاجات سلمية. وشاهد الملايين التصويت على الهواء مباشرة عبر شاشات التلفزيون في الحانات والمطاعم أو في بيوتهم أو على شاشات عملاقة في الشوارع مثلما يحدث عادة عند إذاعة مباريات كرة القدم المهمة.
وفي حديقة خارج مقر الكونجرس فصل حاجز أمني ارتفاعه متران وامتد لأكثر من كيلومتر بين مؤيدي المعسكرين وهو ما يعبر عن الانقسام السياسي في واحد من أكثر مجتمعات العالم معاناة من نقص المساواة. وبانتهاء التصويت جلس المئات من مؤيدي روسيف بحزن على أعلام حمراء ولافتات على العشب. واحتضن زوجان شابان بعضهما البعض بينما أوشكا على البكاء.
وعلى الجانب المؤيد للمساءلة من الحاجز غنى متظاهرون ورقصوا والتقط بعضهم صورا في احتفال بقرار قال الكثيرون إنه انتصار على الفساد.
وقالت أليساندرا دانتاس (28 عاما) وهي موظفة “المساءلة تبعث برسالة واضحة مفادها أنه يجب تطهير الساحة السياسية في هذا البلد.”
وأصابت معركة مساءلة روسيف عمل الحكومة في برازيليا بالشلل قبل انطلاق دورة الألعاب الأولمبية بمدينة ريو دي جانيرو في أغسطس وفي الوقت الذي تكافح فيه الحكومة تفشي فيروس زيكا الذي جرى الربط بينه وبين إصابة حديثي الولادة بعيوب خلقية.
ويقول منتقدو عملية المساءلة إنها أصبحت استفتاء على شعبية روسيف التي تقل عن عشرة في المئة حاليا مما سيشكل سابقة مثيرة للقلق تتمثل في الإطاحة بزعماء لا يحظون بشعبية في المستقبل.
ويشير هؤلاء إلى أن روسيف التي ستصبح أول رئيسة للبرازيل تتم مساءلتها منذ أكثر من ثلاثة عقود متهمة بخرق قوانين الميزانية وهي ممارسة شائعة بين الكثير من المسؤولين المنتخبين في البرازيل.
وبينما اهتم البرازيليون بالتصويت الذي بثه التلفزيون على الهواء مباشرة ندد المشرعون بالفساد والركود الاقتصادي فيما صوتوا ضد روسيف. لكن عددا قليلا منهم ذكر المزاعم المتعلقة بالميزانية.