العدد 1430
الخميس 13 سبتمبر 2012
banner
رفقا بوزيرة التنمية
الجمعة 03 مايو 2024

لقد هالني جدا الهجوم الضاري الذي بدأه بعض النواب على الوزيرة المجتهدة فاطمة البلوشي،ليس لأن هذه الوزيرة أو غيرها فوق النقد أو المساءلة،ولكن لأن ما قرأناه ليسا نقدا بأية مقاييس،ولكنه فاصل انفعالي اعتمد على مفردات وجمل لا تناسب وزارة التنمية الاجتماعية،إلا إذا كانت هذه الوزارة في الحكومة السورية أو في حكومة من حكومات البطش المعروفة عبر التاريخ!
يمكننا أن نفترض أن البسطاء وعامة الناس لا يعرفون نظام العمل في وزارة التنمية،ولكن لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نفترض أن السادة النواب يجهلون شيئا عن الوزارة ومواردها وأسس العمل بها.
ونعرف أن من طبائع النواب أن يبينوا للناس ،وبخاصة الفقراء ،أنهم معهم وأنهم يقاتلون من أجلهم،ونرى في كل أنحاء العالم خطبا نارية في المجالس النيابية حول حقوق الفقراء ومعاناتهم،سواء كان ذلك عن إخلاص أو كان من باب دغدغة عواطف الناس وكسب تأييدهم.
ومن المقبول جدا لدى أي شخص أو جهة أن يدافع الإنسان عن حقوق الفقراء سواء في البرلمان أو في خطبة الجمعة أو في مادة صحافية لأن رعاية الفقراء شيء دعا إليه الله سبحانه وتعالى ودعا إليه الرسل وأصحاب الرسالات السامية في هذه الحياة،ولذلك فنواب الشعب يسعون من هذا الباب المضمون إلى الدخول دون تأشيرة إلى قلوب الجماهير.
ونحن لا نرفض أبدا أن يقف نائب في وجه الحكومة ليل نهار من أجل الفقراء وأن يبني لنفسه قصرا في قلوب الفقراء وأن يسعى بقدر ما تسمح بها موارد الدولة المالية لأخذ نصيب الفقراء كاملا.
ولكننا نرفض بشدة أن يقوم بعض السادة النواب بتوزيع الاتهامات والمسئوليات على شخص لم يقصر في إدارة ما أوكل إليه من موارد من قبل الدولة لرعاية من يستحقون هذه الرعاية.
وزارة التنمية الاجتماعية ليس لها مصلحة في التقتير أو عدم التقتير على الناس طالما أن الحكومة وفرت لها الموارد اللازمة لرعاية الناس،ومن المنطقي أن وزارة التنمية شأنها شأن باقي الوزارات تريد أن تثبت لنفسها نجاحات معينة في ظل ما لديها من موارد،هذا بشكل عام.
أما الوزيرة فاطمة البلوشي بشكل خاص فالجميع يعرفها،فهي نموذج للاجتهاد ولم تأخذ منصبها كوجاهة ولكنها حصلت عليه من باب الاجتهاد فقط ،وهو الباب الذي دخلت من خلاله كل النساء اللاتي أصبحن وزيرات في العهد الميمون لجلالة الملك المفدى.
أنا لا أصدق مطلقا أن ينقلب وزير على التوافق الحكومي النيابي في شأن من الشئون مهما كان جبروت هذا الوزير،وحتى لو انقلب الوزير على التوافق النيابي،فكيف ينقلب على التوافق الحكومي وهو جزء من الحكومة؟!
كيف يتحمل وزير تبعات السير في الاتجاه المعاكس للبرلمان وللحكومة التي يتشرف بالانتماء إليها؟! وما هي مصلحة وزيرة التنمية في الانقلاب على معايير صرف العلاوة التي قررتها الدولة من ميزانيتها؟
هذا ليس دفاعا عن الوزيرة فاطمة البلوشي،ولكنه رفض للظلم ودعوة لوضع الأمور في حجمها الطبيعي دون مزايدة أو محاباة لأحد.
فالهجوم على الوزيرة كانت مفرداته غاية في القسوة والتحامل ،فإذا كانت معايير صرف علاوة معينة قد وضعت واتفق عليها من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية،فما معنى وصف بعض النواب للوزيرة بأنها فشلت في تطبيق هذه المعايير؟؟
إذا كنا نريد أن نكون جنودا مخلصين لهذا البلد وللمشروع الإصلاحي لجلالة الملك،فإن علينا أن نقول للمحسن أحسنت بنفس الدرجة التي نقول بها للمسيء:قف من أنت.
ليس معنى كلامي أنه لا يجب مساءلة الوزيرة أمام المجلس المنتخب طالما أن ذلك سيتم بالآليات والشروط المعروفة، وبعيدا عن مفردات التهديد والوعيد والشتيمة ،فليس هناك أحد فوق القانون،ونحن نرحب بما يريده بعض النواب لأننا واثقون أنه سيكون فرصة للوزيرة لتوضيح إنجازات الوزارة وإبراز نجاحاتها وليس شيئا آخر.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .