العدد 1322
الإثنين 28 مايو 2012
banner
الرئاسة المصرية فوق صفيح ساخن
الجمعة 03 مايو 2024

عجيب جدا ما جرى في مصر، فالانتخابات الرئاسية خرجت في مرحلتها الأولى نزيهة وشفافة مئة بالمئة،ومع ذلك تجد نصف المصريين، إن لم يكن أكثر، يشعرون بالذهول بسبب ما تمخضت عنه هذه الجولة من نتائج، فبعد عام ونصف من الثورة، وجدوا أنفسهم بين أمرين أحلاهما مر.
وكأن الثورة لم تقم، لأن عليهم أن يختاروا من جديد بين الحزب الوطني المنحل أو لنسميه المحظور، وبين جماعة الإخوان التي لم تعد محظورة.
المشهد هو ذات المشهد الذي كان موجودا في كل الانتخابات التي سبقت الثورة، ولا جديد سوى أن كلمة محظورة تحولت من المؤنث للمذكر، فجماعة الإخوان كانت محظورة ولكن الآن الحزب الوطني أصبح هو المحظور، وكان الحزب الوطني يهيمن على كل شيء ويطارد الجماعة ويضيق عليها، وكانت الجماعة تمارس العمل السياسي وتدخل الانتخابات وهي محظورة تحت غطاء معين، والآن تبدلت المواقع فالحزب الوطني المحظور أصبح يمارس السياسة تحت غطاء أيضا من خلال دعمه للمرشح أحمد شفيق.
الشيء الوحيد الثابت في المشهدين هي غالبية الشعب المصري التي كتب عليها أن تظل بعيدة عن المشاركة في الحكم، رغم أن الثورة قامت على أكتاف كثير منهم.
هذا هو التفسير المنطقي لحالة الإحباط التي يشعر بها قطاع كبير من المصريين بعد أن انحصر الصراع على كرسي الرئاسة بين محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين، الرجل الذي كان مجهولا حتى وقت قريب،وهو رجل يفتقد للكاريزما والقبول الشخصي، وبين الفريق أحمد شفيق، الذي يطلق عليه خصومه مرشح النظام السابق أو مرشح الجيش كما قال أحد أعضاء جماعة الإخوان لقناة الجزيرة مساء يوم السبت الماضي.
فمن من المرشحين سينجح في تهدئة خواطر المصريين وإقناعهم بأنه الأنسب للمرحلة القادمة؟ هل هو مرشح جماعة الإخوان التي أساءت إدارة المرحلة الانتقالية وجلبت على نفسها الكثير من الكراهية بسبب مواقفها المتقلبة وتنكرها لبقية القوي الوطنية التي صنعت الثورة وقامت بها من قبل أن تخرج هي إلى الميدان؟ أم سيفعلها الفريق أحمد شفيق الذي يتعرض لحرب تشويه شرسة من الإخوان على مدار الساعة ويوصف بأنه من رجال مبارك وأن مجيئه للحكم سيكون بمثابة شهادة وفاة للثورة وأنه سيعيد إنتاج النظام القديم؟
هل سينجح الخطاب العدائي الانفعالي، الذي يمارسه الإخوان المسلمون منذ إعلان نتائج انتخابات المرحلة الأولى؟ أم سينجح الخطاب الودي الذي يمارسه شفيق ووعوده بعدم العودة للوراء وعدم إعادة النظام القديم؟
في كل الأحوال سوف تكون المعركة غاية في الشراسة بين الطرفين وسوف تستخدم فيها كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة وسوف ترتفع حرارة المشهد السياسي في مصر خلال الأسبوعين القادمين بشكل لم يسبق له مثيل.
ولكن أخطر شيء يتعلق بهذا المشهد هو عدم قبول قوى معينة بنتائج الانتخابات والتهديد بالنزول للشارع مجددا أو العودة إلى نقطة البداية والقيام بثورة جديدة.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .