العدد 1318
الخميس 24 مايو 2012
banner
إيران ومصر والخليج العربي
الجمعة 03 مايو 2024

المواقف الإيرانية تجاه الدول العربية تبين مدى الدهاء والخبث الذي تتسم به السياسة الإيرانية بشكل عام.
فقبل أيام تدخل نواب ومسؤولون إيرانيون في شأن دولة عربية ذات سيادة، وهي البحرين، بشكل أقل ما يوصف بأنه سخيف، واليوم تعرب إيران على لسان أحد مسؤوليها الكبار عن استعدادها التام لاعطاء مصر جميع أنواع التقنيات والتكنولوجيا النووية والصواريخ بلا شروط لأن إيران ومصر من نفس النسيج حسب قول وزير خارجيتها علي أكبر صالحي.
إيران لم تحترم إرادة شعب البحرين وعروبته وسيادته على أرضه، ومع ذلك تسعى لصداقة شعب عربي آخر، فهل هذا منطقي ومقبول؟ أم أن هذا نوع من الاستخفاف بعقول الشعوب العربية؟ كيف يسيؤون إلى مشاعر شعب عربي كامل هو شعب البحرين، باستثناء عملاء إيران بطبيعة الحال، ثم يتوددون في نفس الوقت للشعب المصري؟
ولماذا في هذا التوقيت بالذات صرح وزير خارجية إيران باستعداد بلاده لتقديم العون النووي لمصر دون سواها، ولماذا قال في نفس السياق إن حكومته على استعداد للجلوس مع أي دولة عربية حول سوريا خاصة مصر؟
لماذا ظهر هذا الكرم الإيراني المفاجئ، ولماذا اكتشفت إيران فجأة الآن أنها هي ومصر نسيج واحد؟ الحقيقة العارية أن إيران تشعر بعزلة دولية في الوقت الحالي وتريد أن تغازل مصر وشعبها بعد أن أساءت لجيرانها جميعا بتصريحات نوابها ومسؤوليها الرعناء.
وهل تريد إيران أن تقدم التكنولوجيا النووية لمصر حقا؟ أم تسعى لدق إسفين كبير بين مصر وبين شقيقاتها الخليجيات؟
ليس هناك أدنى شك في أنها تريد دق هذا الإسفين وتسعى جاهدة منذ انطلاق الثورة المصرية لربط نفسها بمستقبل الأحداث في مصر، فإيران تتبع نفس النهج الذي تتبعه إسرائيل تجاه مصر لفصلها عن محيطها العربي كمرحلة أولى على طريق تفتيت الأمة العربية كلها، فهي تعلم مدى حساسية دول الخليج تجاه أي تقارب يحدث بين مصر وإيران، وبالتالي فهي توجه سهامها من جديد لتضر بعلاقات مصر مع دول الخليج العربي، خاصة بعد فشلها في إشعال نار الفتنة بين مصر والسعودية خلال الأيام الماضية على خلفية أحداث السفارة السعودية في القاهرة وسعيها لاستغلال الموقف في اغتيال السفير السعودي.
وليس هذا فقط، فإيران تريد أن تضرب عصافير أخرى بنفس الحجر، فهي تريد أن تلفت الأنظار إلى مصر وتجرها تدريجيا للصدام مع الغرب لتخفف عن نفسها الضغط الشديد الذي يمارس عليها بسبب برنامجها النووي.
ولكن الأسئلة الأهم من كل ذلك، هل ستنجحح إيران في سعيها الدؤوب منذ قيام الثورة المصرية في التقارب مع مصر والاساءة إلى علاقات مصر بشقيقاتها الخليجيات، وفي خلق روابط مع النظام المصري الذي تتشكل أركانه حاليا؟ أم أن وقوف السعودية إلى جانب مصر في محنتها سوف يحبط هذا الكيد الايراني.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية