+A
A-

أشرس أنواع السرطان يهاجم فتاة بعمر 17 عاما

إعداد‭: ‬حسن‭ ‬فضل

الحوار‭ ‬مع‭ ‬محاربي‭ ‬السرطان‭ ‬حديث‭ ‬غني‭ ‬بالتجربة،‭ ‬وهو‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تحتاجه‭ ‬النفوس‭ ‬المتعبة‭ ‬من‭ ‬جرعات‭ ‬أمل‭ ‬وتحد‭ ‬وإيجابية،‭ ‬ونواصل‭ ‬توثيق‭ ‬تجارب‭ ‬المتعافين،‭ ‬كنحلة‭ ‬تنتقل‭ ‬من‭ ‬زهرة‭ ‬إلى‭ ‬زهرة؛‭ ‬لنقدم‭ ‬خلاصة‭ ‬تجاربهم‭ ‬الثرية‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إيجابي‭.‬

بطلتنا‭ ‬اليوم‭ ‬محاربة‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬آخر،‭ ‬شاءت‭ ‬الأقدار‭ ‬أن‭ ‬تواجه‭ ‬أشرس‭ ‬أنواع‭ ‬السرطان‭ ‬وأندرها،‭ ‬وهو‭ ‬الساركوما‭ ‬إيوينج‭. ‬وهو‭ ‬نوع‭ ‬نادر‭ ‬من‭ ‬السرطان‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬العظام‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الأنسجة‭ ‬الرخوة‭ ‬حول‭ ‬العظام،‭ ‬وغالبًا‭ ‬ما‭ ‬يبدأ‭ ‬في‭ ‬عظام‭ ‬الساق‭ ‬والحوض،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬السرطان‭ ‬القابلة‭ ‬للانتشار‭ (‬المتنقل‭). ‬فيمكنه‭ ‬الانتشار‭ ‬إلى‭ ‬أماكن‭ ‬أخرى‭ ‬كالرئتين‭ ‬وسائر‭ ‬أنواع‭ ‬العظام،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬العلاج‭ ‬والتعافي‭ ‬منه‭ ‬أمرًا‭ ‬شديد‭ ‬الصعوبة‭.‬

تجلت‭ ‬بطولة‭ ‬بتول‭ ‬السيد‭ ‬شبر‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬النادر‭ ‬والشرس‭ ‬لتتغلب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الظروف،‭ ‬وتتمسك‭ ‬بالقدر‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬أمل‭ ‬الشفاء‭ ‬وتواصل‭ ‬النضال‭ ‬دون‭ ‬استسلام‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ظروف‭ ‬العلاج‭ ‬الصعبة،‭ ‬وتدخل‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬حقيقي‭ ‬بين‭ ‬الحياة‭ ‬والموت،‭ ‬صراع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البقاء،‭ ‬فعاشت‭ ‬لحظات‭ ‬يأس‭ ‬عارمة،‭ ‬وهاجس‭ ‬الفقد‭ ‬والموت‭ ‬كان‭ ‬يلاحقها،‭ ‬حتى‭ ‬استعاد‭ ‬الأمل‭ ‬عنفوانه‭ ‬وبدد‭ ‬كل‭ ‬أسراب‭ ‬اليأس،‭ ‬فانتصرت‭ ‬إرادة‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ظروف‭ ‬المرض‭ ‬الاستثنائية‭ ‬ولحظات‭ ‬العلاج‭ ‬الكيماوي‭ ‬المرهقة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬صعوبتها‭ ‬وقسوتها‭ ‬إلا‭ ‬مرضى‭ ‬السرطان‭. ‬بتول‭ ‬السيد‭ ‬شبر‭ ‬انضمت‭ ‬لقافلة‭ ‬المتعافين‭ ‬من‭ ‬السرطان،‭ ‬كعودة‭ ‬المحارب‭ ‬المنتصر،‭ ‬عادت‭ ‬لتستعيد‭ ‬خطواتها‭ ‬وتكمل‭ ‬طريقها‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬فقد‭ ‬أكملت‭ ‬الدراسة‭ ‬الثانوية‭ ‬وحصلت‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬البكالوريوس‭ ‬بتخصص‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية،‭ ‬وتزوجت‭ ‬وأنجبت‭ ‬طفلين‭ ‬جميلين‭. ‬وكان‭ ‬‮«‬لصحتنا‮»‬‭ ‬هذا‭ ‬اللقاء‭ ‬معها؛‭ ‬لتروي‭ ‬لنا‭ ‬كيف‭ ‬هزمت‭ ‬أشرس‭ ‬أنواع‭ ‬السرطان‭.‬

كيف‭ ‬كانت‭ ‬حياتك‭ ‬قبل‭ ‬الإصابة‭ ‬بالسرطان؟‭ ‬

كانت‭ ‬حياتي‭ ‬منتظمة‭ ‬وطبيعية‭ ‬وصحية‭ ‬جدًا،‭ ‬كنت‭ ‬مهتمة‭ ‬بقراءة‭ ‬الروايات‭ ‬والكتب‭ ‬وأمارس‭ ‬الرياضة‭ ‬التي‭ ‬منها‭ ‬كرة‭ ‬السلة،‭ ‬وكنت‭ ‬متفوقة‭ ‬في‭ ‬الدراسة،‭ ‬ولكن‭ ‬القدرة‭ ‬الإلهية‭ ‬تفوق‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬والحمد‭ ‬لله‭ ‬دائمًا‭ ‬وأبدا‭. ‬

 

متى‭ ‬أصبت‭ ‬بالمرض‭ ‬وكيف‭ ‬تم‭ ‬تشخيصه‭ ‬وما‭ ‬نوعه؟‭ ‬

أصبت‭ ‬به‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة،‭ ‬ولكن‭ ‬تم‭ ‬تشخيصه‭ ‬بوقت‭ ‬متأخر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وصل‭ ‬المرحلة‭ ‬الرابعة‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2012‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الاختصاصي‭ ‬والاستشاري‭ ‬طبيب‭ ‬العظام‭ ‬د‭. ‬فريد‭ ‬سلوم،‭ ‬وكان‭ ‬نوعه‭ ‬واسمه‭ ‬ساركوما‭ ‬إيوينغ،‭ ‬وأصابني‭ ‬في‭ ‬عظم‭ ‬ركبتي‭ ‬اليسرى‭. ‬ولقد‭ ‬شخص‭ ‬الطبيب‭ ‬المرض‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬17‭ ‬سنة‭ ‬ولكنه‭ ‬يرجح‭ ‬أن‭ ‬الإصابة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬16‭ ‬سنة‭.‬

 

كيف‭ ‬تلقيت‭ ‬خبر‭ ‬الإصابة‭ ‬وماذا‭ ‬تبادر‭ ‬إلى‭ ‬ذهنك‭ ‬في‭ ‬البداية؟‭ ‬

كنت‭ ‬طفلة‭ ‬ولا‭ ‬أعي‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬السرطان،‭ ‬وأختي‭ ‬الكبيرة‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬عرفتني‭ ‬وشرحت‭ ‬المرض‭ ‬بطريقة‭ ‬بسيطة‭ ‬جدًا،‭ ‬لأفهم‭ ‬طريقة‭ ‬علاجه‭ ‬بأنه‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬حبة‭ ‬المسكن‭ ‬بأضعاف‭ ‬المرات،‭ ‬وبأنه‭ ‬سيشفيني‭ ‬كحال‭ ‬أي‭ ‬مرض‭ ‬آخر،‭ ‬ولكن‭ ‬الذي‭ ‬راود‭ ‬ذهني‭ ‬وعقلي‭ ‬المتعب‭ ‬أنني‭ ‬سأموت‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭. ‬

 

كيف‭ ‬استقبل‭ ‬الأهل‭ ‬خبر‭ ‬الإصابة؟‭ ‬

كان‭ ‬وقع‭ ‬الخبر‭ ‬بمثابة‭ ‬فاجعة‭ ‬كبيرة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأهل؛‭ ‬لأنني‭ ‬كنت‭ ‬الأولى‭ ‬والوحيدة‭ ‬في‭ ‬العائلة‭ ‬التي‭ ‬تصاب‭ ‬بمرض‭ ‬السرطان،‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬تاريخ‭ ‬في‭ ‬عائلتي‭ ‬بوجود‭ ‬هذا‭ ‬المرض،‭ ‬والدتي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬صلاة‭ ‬كانت‭ ‬تبكي‭ ‬كثيرًا‭ ‬بحرقة‭ ‬وألم،‭ ‬وإخوتي‭ ‬وأخواتي‭ ‬يبكون‭ ‬في‭ ‬غيابي‭ ‬عندما‭ ‬يتجمعون،‭ ‬وأنا‭ ‬كنت‭ ‬أسمع‭ ‬هذا‭ ‬وأنا‭ ‬في‭ ‬غرفتي‭. ‬

 

ما‭ ‬خيارات‭ ‬العلاج‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مطروحة‭ ‬وما‭ ‬نسبة‭ ‬الشفاء‭ ‬من‭ ‬المرض؟‭ ‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬لدي‭ ‬خيار‭ ‬آخر،‭ ‬فإن‭ ‬لم‭ ‬أتعالج‭ ‬فورًا‭ ‬سينتشر‭ ‬في‭ ‬جسمي‭ ‬عموما‭ ‬وأفارق‭ ‬الحياة،‭ ‬وإن‭ ‬أخذت‭ ‬جرعات‭ ‬الكيماوي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬العملية‭ ‬أيضًا‭ ‬سأخسر‭ ‬رجلي‭ ‬بأكملها،‭ ‬نسبة‭ ‬الشفاء‭ ‬كانت‭ ‬ضعيفة‭ ‬جدًا،‭ ‬ومدة‭ ‬العلاج‭ ‬طويلة‭ ‬جدًا‭ ‬والأدوية‭ ‬قوية‭ ‬على‭ ‬جسمي‭.‬

 

كيف‭ ‬كانت‭ ‬ظروف‭ ‬العلاج؟‭ ‬

بدأت‭ ‬علاجي‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬بثلاث‭ ‬جرعات‭ ‬كيماوي‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬د‭. ‬فريد‭ ‬خليفة،‭ ‬ولكن‭ ‬بمجرد‭ ‬وصولي‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬تم‭ ‬تشخيصي‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬بمسمى‭ ‬ثان‭ ‬وعلاج‭ ‬آخر،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬نوع‭ ‬الساركوما‭ ‬مختلفا‭ ‬ويحتاج‭ ‬بروتوكول‭ ‬علاج‭ ‬آخر،‭ ‬واتضح‭ ‬أن‭ ‬الورم‭ ‬ازداد‭ ‬ووصل‭ ‬لعظم‭ ‬الفخذ،‭ ‬ازداد‭ ‬الأمر‭ ‬سوءًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنفسيتي‭ ‬ونفسية‭ ‬أهلي،‭ ‬كوني‭ ‬كنت‭ ‬صغيرة‭ ‬وعمري‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬17‭ ‬سنة،‭ ‬وتم‭ ‬تدارك‭ ‬الأمر‭ ‬وتزويدي‭ ‬بجرعة‭ ‬كيماوي‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬بسنغافورة‭ ‬وتحسن‭ ‬الوضع‭. ‬وتم‭ ‬إجراء‭ ‬عملية‭ ‬استبدال‭ ‬عظم‭ ‬من‭ ‬الركبة‭ ‬إلى‭ ‬الفخذ‭ ‬وتم‭ ‬وضع‭ ‬الحديد‭ ‬كخيار‭ ‬بديل‭.‬

 

كيف‭ ‬أثر‭ ‬السرطان‭ ‬على‭ ‬حياتك‭ ‬الأسرية‭ ‬والاجتماعية؟‭ ‬

تعرفت‭ ‬على‭ ‬أشخاص‭ ‬كثيرين،‭ ‬وكان‭ ‬الأهل‭ ‬والمقربون‭ ‬من‭ ‬المبادرين‭ ‬بالسؤال‭ ‬عني‭ ‬والاطمئنان‭ ‬على‭ ‬صحتي،‭ ‬وهناك‭ ‬أشخاص‭ ‬أيضًا‭ ‬لا‭ ‬أعرفهم‭ ‬يبتهلون‭ ‬بالدعاء‭ ‬لي،‭ ‬وكسبت‭ ‬أصدقاء‭ ‬جدد،‭ ‬كانوا‭ ‬وما‭ ‬زالوا‭ ‬لطيفين‭ ‬جدًا‭ ‬معي‭ ‬ومرحين،‭ ‬هذا‭ ‬بالطبع‭ ‬أثر‭ ‬على‭ ‬نفسيتي‭ ‬وتقبلي‭ ‬للعلاج‭ ‬بشكل‭ ‬أسرع‭ ‬وأسهل‭ ‬مع‭ ‬حياة‭ ‬شبه‭ ‬طبيعية‭ ‬وسعيدة‭. ‬كنت‭ ‬أنهزم‭ ‬من‭ ‬عبارات‭ ‬ونظارات‭ ‬الشفقة‭ ‬أينما‭ ‬ذهب،‭ ‬بسبب‭ ‬تأثير‭ ‬العملية‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬المشي،‭ ‬وكانت‭ ‬نظرات‭ ‬الشفقة‭ ‬قاتلة‭ ‬جدًا‭.‬

كيف‭ ‬كانت‭ ‬حياتك‭ ‬بعد‭ ‬التعافي‭ ‬من‭ ‬المرض؟‭ ‬

حياتي‭ ‬بعد‭ ‬التعافي‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬السابق‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬النواحي،‭ ‬تزوجت‭ ‬وأنجبت‭ ‬طفلين‭ ‬ملآ‭ ‬حياتي‭ ‬سعادة‭ ‬وفرحا،‭ ‬ونسيت‭ ‬كل‭ ‬همومي‭ ‬وأحزاني‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬أنجبتهما،‭ ‬أتممت‭ ‬دراستي‭ ‬الثانوية‭ ‬والجامعية‭ ‬بنجاح‭ ‬وتفوق،‭ ‬وأصبحت‭ ‬امرأة‭ ‬معتزة‭ ‬بنفسها‭ ‬ولا‭ ‬أبدي‭ ‬لأي‭ ‬شخص‭ ‬أن‭ ‬لدي‭ ‬عيبا‭ ‬أو‭ ‬تشوها‭ ‬بعد‭ ‬العملية‭. ‬

 

ماذا‭ ‬أخذ‭ ‬منك‭ ‬السرطان‭ ‬وماذا‭ ‬أضاف‭ ‬لك؟‭ ‬

السرطان‭ ‬أخذ‭ ‬مني‭ ‬بألم‭ ‬عظم‭ ‬رجلي‭ ‬اليسرى‭ ‬واستبداله‭ ‬بالحديد‭ ‬مدى‭ ‬الحياة،‭ ‬ولكنه‭ ‬أعطاني‭ ‬أملا‭ ‬بأن‭ ‬الحياة‭ ‬منصفة‭ ‬وعادلة‭ ‬للذين‭ ‬هم‭ ‬بالله‭ ‬مؤمنون‭ ‬وبالقضاء‭ ‬والقدر‭ ‬صابرون،‭ ‬والحياة‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬محطة‭ ‬قطار،‭ ‬نتوقف‭ ‬فيها‭ ‬لنستريح‭ ‬ونكمل‭ ‬مشوارنا‭ ‬في‭ ‬قطار‭ ‬آخر،‭ ‬وأضاف‭ ‬المرض‭ ‬لشخصيتي‭ ‬النضوج‭ ‬والإيمان‭ ‬بقضاء‭ ‬الله‭ ‬وقدره‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأحوال‭. ‬وأضاف‭ ‬أيضًا‭ ‬لي‭ ‬قوة‭ ‬التحمل‭.‬

 

هل‭ ‬تشعرين‭ ‬بخوف‭ ‬وقلق‭ ‬من‭ ‬عودة‭ ‬المرض‭ ‬مجددًا؟‭ ‬

ما‭ ‬هو‭ ‬مكتوب‭ ‬لي‭ ‬ومقدر‭ ‬من‭ ‬ربي‭ ‬فأنا‭ ‬راضية‭ ‬تماما‭ ‬فيه‭ ‬والحمد‭ ‬لله‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭.‬

 

كيف‭ ‬تخطيت‭ ‬مرحلة‭ ‬الإصابة،‭ ‬وما‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬هذه‭ ‬المحنة؟‭ ‬

تخطيتها‭ ‬بدعوات‭ ‬أمي‭ ‬المستديمة،‭ ‬وغرز‭ ‬الإيمان‭ ‬والتفاؤل‭ ‬في‭ ‬قلبي،‭ ‬ووجود‭ ‬الأهل‭ ‬ودعمهم،‭ ‬وتعرفي‭ ‬على‭ ‬أصدقاء‭ ‬محاربي‭ ‬سرطان‭ ‬جدد،‭ ‬منحوني‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬وعدم‭ ‬الاستسلام،‭ ‬وبعضهم‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬رحمة‭ ‬الله،‭ ‬وأستذكر‭ ‬هنا‭ ‬بشاير‭ ‬ومحمود‭ ‬ويحيى،‭ ‬بسبب‭ ‬أن‭ ‬السرطان‭ ‬أصابهم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬وهم‭ ‬كانوا‭ ‬متشبثين‭ ‬بالحياة‭ ‬ولطيفين‭ ‬ويحملون‭ ‬كمية‭ ‬طهارة‭ ‬عالية‭ ‬ومنحوني‭ ‬القوة‭ ‬والتشبث‭ ‬في‭ ‬الحياة‭.‬

هل‭ ‬شعرت‭ ‬بلحظات‭ ‬ضعف‭ ‬في‭ ‬مسيرتك‭ ‬وكيف‭ ‬تجاوزت‭ ‬هذا‭ ‬الشعور؟‭ ‬

طبعًا،‭ ‬مسيرتي‭ ‬كانت‭ ‬طويلة،‭ ‬فالمرض‭ ‬والصراع‭ ‬كان‭ ‬بين‭ ‬الحياة‭ ‬والموت،‭ ‬فكان‭ ‬نوع‭ ‬السرطان‭ ‬سريع‭ ‬الانتشار،‭ ‬وكانت‭ ‬هناك‭ ‬لحظات‭ ‬ضعف‭ ‬كثيرة‭ ‬معبأة‭ ‬بيأس‭ ‬لحظي‭ ‬بأنني‭ ‬لن‭ ‬أستفيد‭ ‬من‭ ‬العلاج،‭ ‬وأنني‭ ‬سأفارق‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬غربة‭ ‬وبعيدة‭ ‬عن‭ ‬دياري،‭ ‬ولولا‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬دعم‭ ‬والدتي‭ ‬النفسي‭ ‬والمعنوي‭ ‬وغرس‭ ‬الإيمان‭ ‬والصبر‭ ‬على‭ ‬القضاء‭ ‬والقدر،‭ ‬لكنت‭ ‬الآن‭ ‬لا‭ ‬أعلم‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مصيري،‭ ‬فالحمد‭ ‬لله‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬والدي‭ ‬واحتوائهم‭ ‬لي‭. ‬

 

بعد‭ ‬العملية‭ ‬كان‭ ‬شعوري‭ ‬شعور‭ ‬العجز‭ ‬والاستسلام،‭ ‬إذ‭ ‬كنت‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬الحركة،‭ ‬وطريقة‭ ‬المشي‭ ‬غير‭ ‬طبيعية،‭ ‬كنت‭ ‬أشعر‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬داعي‭ ‬للحياة‭. ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬بدأت‭ ‬الحركة،‭ ‬استعدت‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬ومضيت‭.‬

‭ ‬ولحظات‭ ‬الضعف‭ ‬الأخرى‭ ‬هي‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬جرعة‭ ‬كيماوي،‭ ‬وكنت‭ ‬أشعر‭ ‬كأنني‭ ‬دخلت‭ ‬في‭ ‬فوهة‭ ‬الموت،‭ ‬وأخرج‭ ‬مجددًا‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭. ‬

 

هل‭ ‬انضممت‭ ‬إلى‭ ‬جمعيات‭ ‬دعم‭ ‬مرضى‭ ‬السرطان‭ ‬وماذا‭ ‬أضافت‭ ‬لك؟‭ ‬

نعم‭ ‬انضممت‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2014‭ ‬إلى‭ ‬جمعية‭ ‬أمنية‭ ‬الطفل،‭ ‬وكان‭ ‬لديها‭ ‬مهرجان‭ ‬دعم‭ ‬أمنيات‭ ‬الأطفال،‭ ‬وقد‭ ‬أضاف‭ ‬لي‭ ‬الفرحة‭ ‬والسعادة‭ ‬والدعم‭ ‬المعنوي‭ ‬العالي،‭ ‬وتعلمت‭ ‬منها‭ ‬عدم‭ ‬الاستسلام؛‭ ‬لأنني‭ ‬كنت‭ ‬أشاهد‭ ‬مستويات‭ ‬الأعمار‭ ‬وإحصاءات‭ ‬لأطفال‭ ‬مصابين‭ ‬بالسرطان‭ ‬ونجوا‭ ‬منه،‭ ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬يضخ‭ ‬كميات‭ ‬هائلة‭ ‬جدًا‭ ‬من‭ ‬الأمل،‭ ‬والطفل‭ ‬المصاب‭ ‬بالسرطان‭ ‬يشعر‭ ‬بسعادة‭ ‬بالغة‭ ‬جدًا‭ ‬لا‭ ‬يدركها‭ ‬الآخرون،‭ ‬فبمجرد‭ ‬زيارة‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬وتقديم‭ ‬هدية‭ ‬بسيطة‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬أثر‭ ‬معنوي‭ ‬كبير‭.‬

 

ما‭ ‬رسالتك‭ ‬لمرضى‭ ‬السرطان‭ ‬وللعالم؟‭ ‬

رسالتي‭ ‬هي‭ ‬ألا‭ ‬يفقدوا‭ ‬أبدًا‭ ‬الثقة‭ ‬برب‭ ‬العالمين،‭ ‬فلولا‭ ‬رحمة‭ ‬ربنا‭ ‬على‭ ‬العباد‭ ‬لكان‭ ‬حالنا‭ ‬من‭ ‬سيئ‭ ‬إلى‭ ‬أسوأ،‭ ‬فالحمد‭ ‬لله‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭ ‬دائمًا‭ ‬وأبدًا‭. ‬المرض‭ ‬لا‭ ‬يقتل‭ ‬النفس،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬حسبة‭ ‬الأيام‭ ‬والعمر‭ ‬المكتوب،‭ ‬لربما‭ ‬يكون‭ ‬المرض‭ ‬سببا‭ ‬ولكن‭ ‬تعددت‭ ‬الأسباب‭ ‬والموت‭ ‬واحد‭. ‬المرض‭ ‬مجرد‭ ‬وسيلة‭ ‬وامتحان‭ ‬من‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭ ‬ويقيس‭ ‬مدى‭ ‬إيماننا‭ ‬وصبرنا،‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬الأمل‭ ‬ضئيلا‭ ‬جدًا‭ ‬تمسكوا‭ ‬به‭.‬