زيادة في المصابين باضطراب طيف التوحد... ما السبب؟
رئيس جمعية التوحديين البحرينية زكريا السيد هاشم
إعداد: حسن فضل
أخطر ما يواجه العالم الآن ويواجه العلم هو مرض التوحد؛ لأن الطفل جسده سليم لكنه غير قادر على العطاء أو الإنجاز أو الطموح أو التفكير للمستقبل أو التخطيط له، وليس له علاقة بالذكاء، فقد يكون الطفل نابغة بالأرقام ويعاني من طيف التوحد، لكنه قد يعاني من عدم وجود دعم يساعده على الاندماج في المجتمع، فالمصاب بالتوحد قد يكون عبقريا بالحفظ والحساب والتلوين وعينه كأنها كاميرا تلتقط الصورة كاملة ودقيقة التفاصيل، ومنهم الذي قد ينظر إلى شارع به عمارات كثيرة متعددة النوافذ ولديه قدرة على الإمساك بورقة وقلم ورسم تلك النظرة بتفاصيل ما رآه وكأنها صورة التقطت بكاميرا عالية الجودة، إلا أنه على الرغم من ذلك يعيش في عالمه الخاص الذي لا يرى فيه أحدا.
المجتمع البحريني ساهم وما زال في دعم هذه الفئة، ولقد كان لجمعية التوحديين البحرينية وقفة في دعم هذه الفئة ودعم أولياء الأمور، في الوقت الذي ما زالت فيه مملكة البحرين تشهد ارتفاعًا في نسبة المصابين، بحسب ما أكده رئيس جمعية التوحديين البحرينية زكريا السيد هاشم، الذي قال «للأسف لا توجد إحصاءات دقيقة؛ لأن الأرقام الموجودة في وحدة الطب النفسي لا تنطبق مع أرقام وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ولكن لو جمعنا الحالات المسجلة لدى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية والحالات المدرجة في مراكز التأهيل إضافة لعدد حالات الشباب الذين لم يتم تسجيلهم في أي جهة، لكان العدد الإجمالي يفوق الـ 2200 حالة. فيما يلي نص اللقاء مع زكريا السيد بمناسبة اليوم العالمي للتوحد، الذي يحتفل به العالم في الثاني من أبريل.
كيف كانت بدايات تأسيس جمعية التوحديين البحرينية وأهم والصعوبات التي واجهتكم؟
تأسست جمعية التوحديين البحرينية في أكتوبر 2015، وكنا مجموعة من أولياء الأمور ربطتنا علاقة عن طريق أحد مراكز التأهيل لأطفالنا التوحديين، حيث بدأت الفكرة عند أحد أولياء الأمور بالتعاون مع مدير مركز التأهيل، وبدأنا الاجتماعات التأسيسية داخل المركز، إلى أن وصلنا لمراحل متقدمة من خلال إعداد النظام الأساسي للجمعية، الذي يحتوي على أهداف الجمعية وجميع البنود التنظيمية، وكان عدد المؤسسين 11 كلهم بين آباء وأمهات من ذوي المصابين باضطراب طيف التوحد، وكانت مدة الإجراءات للتأسيس حوالي سنتين ونصف.
ما الذي دفعكم لتأسيس الجمعية وما الأهداف؟
هناك عوامل كثيرة دفعتنا لتأسيس الجمعية، أهمها ضرورة وجود كيان رسمي يمثل فئة المصابين باضطراب طيف التوحد وأسرهم؛ لأن الجهود كانت فردية من بعض أولياء الأمور من دون أي نتيجة، إضافة لما لمسناه من احتياجات كثيرة على مختلف الأصعدة، التي هي بحاجة لمساع رسمية ومستمرة.
كم عدد مرضى التوحد؟ هل هناك إحصاء؟
للأسف لا توجد إحصاءات دقيقة؛ لأن الأرقام الموجودة في وحدة الطب النفسي لا تنطبق مع أرقام وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ولكن لو جمعنا الحالات المسجلة لدى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية والحالات المدرجة في مراكز التأهيل بالإضافة لعدد حالات الشباب الذين لم يتم تسجيلهم في أي جهة لكان العدد الإجمالي يفوق الـ 2200 حالة.
هل العدد في تزايد؟
نعم الحالات في تزايد ملحوظ وأهم المؤشرات لذلك هو عدد الحالات التي تردنا بالجمعية بعد التشخيص بالإضافة لاكتظاظ أكثر من 35 مركزًا للتأهيل بحالات المصابين باضطراب طيف التوحد.
ماذا تقدم الجمعية لذوي التوحد؟
حملت جمعية التوحديين البحرينية على عاتقها مسؤولية التوحديين وتمثيلهم أمام الجمعية، ومع شح المؤسسات التي تحتويهم تقوم الجمعية بتنظيم برامج متنوعة على مدار السنة، وتختلف هذه البرامج بين التعليمية والتأهيلية والترفيهية بالتعاون مع مختلف الجهات المناسبة، وأهمها المعسكر الصيفي الذي يمتد لمدة شهر كامل وبدعم من المحافظة الشمالية وتنظيم جمعية التوحديين البحرينية، وبرنامج نادي الشباب الذي ينظم سنويا في فترة الربيع لفئة الشباب ومدته أسبوعان متواصلان، إضافة لإحياء المناسبات العالمية والوطنية والسعي لدمج التوحديين مع مختلف فئات المجتمع.
ما مطالبات الجمعية؟
هناك احتياجات كثيرة للمصابين باضطراب طيف التوحد، أهمها السعي لإنشاء مراكز حكومية للتوحديين استنادًا لحقهم المذكور في دستور مملكة البحرين واتفاقية الأمم المتحدة لحقوق ذوي الإعاقة التي وقعتها مملكة البحرين، بالإضافة للخدمات الصحية المناسبة التي هم بحاجة لها لما بعد التشخيص كالفحوصات والتحاليل الدورية وتوفير الأدوية المناسبة لهم، فضلا عن أهمية تخصيص أماكن دائمة لممارسة هواياتهم وأنشطتهم كالأندية والمراكز الرياضية.
كيف تقيّم تجربة إدماج أطفال التوحد في المدارس؟ هل كانت ناجحة؟
تجربة وزارة التربية والتعليم في دمج المصابين باضطراب طيف التوحد في المدارس تجربة ناجحة، ونحن ندعمها قلبًا وقالبًا؛ لأننا لمسنا حالات تطورت من خلال الدمج، ولكن هذا المشروع بحاجة لمزيد من الاهتمام كزيادة عدد الصفوف وتوظيف الكفاءات في المجال نفسه بالإضافة لتطوير الخطط الدراسية لهم.
ما تقييمك للمراكز المتخصصة في التوحد؟ هل تؤدي دورها وتساهم في تحسين وضع التوحديين واحتوائهم أم نحن بحاجة لمراكز أكثر وبكفاءات أكثر تخصصا؟
هناك أكثر من 35 مركزا في البحرين وتختلف مستوياتها من واحد لآخر، هناك ما هو بحاجة لتطوير كبير في الخطط العلاجية وبيئة المراكز والإدارات والتواصل مع أولياء الأمور وكفاءة المختصين، ولا يمكنني أن أبخس حق المراكز التي تعمل بكل تفان وإخلاص وتسعى دائمًا لمواكبة احتياجات المركز.
هل هناك تطورات علاجية جديدة؟
لحد الآن لا يوجد علاجات دوائية للتوحديين؛ لأن التوحد اضطراب وليس مرضا، وبالتالي يكون التأهيل هو المهم، فكلما خضع الطفل للتدخل المبكر والبدء معه بخطة علاجية دقيقة ومدروسة سنلاحظ التطور من خلال جلسات النطق والعلاج الوظيفي وتعديل السلوك وغيرها.
هل المجتمع أصبح يتقبل مريض التوحد؟
اختلف مستوى الوعي المجتمعي عما كان عليه قبل عشر سنوات، بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والجمعيات، كما أن هناك من أولياء الأمور من لهم الدور الكبير في نشر الوعي، وبالتالي ساهمت هذه العوامل في مستوى الوعي والتقبل المجتمعي للمصابين باضطراب طيف التوحد، ولكن ما زالت هناك شريحة كبيرة من المجتمع بحاجة للتثقيف ولن يكون ذلك إلا بتضافر الجهود بين الجمعيات والجهات الرسمية والمهتمين؛ لنتمكن من الوصول لأكبر عدد ممكن وبذلك نحقق هدف التقبل لدى المجتمع.
ما دور الأسرة تجاه المصاب باضطراب التوحد وتطوره؟
الأسرة هي العامل المهم في مدى استقرار التوحدي، فكلما كان هناك تقبل واحتواء واهتمام وتخصيص مساحة من أوقات جميع أفراد الأسرة له، كلما لمسنا التطور.