تأخر تشخصيها بمرض ويجنر فأصيبت بالفشل الكلوي
إعداد: حسن فضل
تهتم «صحتنا» بنقل تجارب أصحاب الأمراض النادرة كمبادرة منها في التوعية بهذه الأمراض، لتكون صوتًا لهؤلاء المرضى. وفي هذا العدد نستعرض تجربة فريدة لمريضة بأحد هذه الأمراض النادرة وهي بلقيس عبدالعزيز إسماعيل المصابة بمرض ويجنر وهو أحد أمراض المناعة الذاتية.
مرض رافقها منذ الصغر، ولكن لم يتم تشخيصه إلا قبل سنتين. فقد كانت الأعراض تأتيها فجأة وبقوة وتقل بالتدريج، إلى أن تعتقد أنها تماثلت للشفاء وتعود لحياتها الطبيعية وهكذا. ولم يتم تشخيص المرض إلا بعد أن تمكن منها وقلب حياتها رأسًا على عقب ووصلت لحد الانهيار، حيث اشتدت الأعراض وبلغت بشاعة الألم حدا لا يطاق، وصفته كمن يغرس بجسدها المسامير والأسياخ، حتى تسبب التأخر في التشخيص إلى إصابتها بالفشل الكلوي.
بلقيس رغم قساوة المرض وأعراضه التي لا تحتمل وحاجتها للغسيل الكلوي، إلا أنها ما زالت متشبثة بالحياة وتقاوم ظروف المرض لتمارس حياتها بشكل طبيعي وتمارس هوياتها، في إرادة تستمد قوتها من الإيمان بالله وأقداره ولا تعرف المستحيل. «صحتنا في البلاد» التقت بلقيس لتروي لنا جانبًا من قصتها مع مرض ويجنر.
ما هو مرضكِ الذي تعانين منه؟
أعاني من مرض يسمى ويجنر Wegener’s أو يطلق عليه GPA وهو أحد أمراض المناعة الذاتية.
كيف كانت حياتك قبل المرض؟
كانت حياتي قبل المرض عادية، كحياة أي شخص عادي، زوجة، وأمًّا وربة منزل. أمارس هواياتي، وما أحب وما أهوى.. عمل دؤوب من الصباح حتى المساء، لا أكل ولا أمل وهكذا.. رغم ما يتخلل الحياة من آلام لكنها كانت محتملة بالنسبة لي. إلى أن تمكن المرض مني وقلبها رأسًا على عقب.. آلام لا تحتمل، والتهابات لا تطاق، فقدان للشهية، وعدم قدرة على المشي أو الجلوس بشكل طبيعي.
هل كنت تعرفين أنك مصابة بالمرض؟
كنت أشعر أنني مصابة بمرض ما، لما كنت أعانيه من ألم، لكنني وفي داخلي كنت أعدد أي مرض يتبادر إلى ذهني من الأمراض المعروفة ولم أكن أتوقع أنني سأصاب أو مصابة بمرض نادر وغريب.
متى بدأت بوادر المرض؟
بوادر المرض لم تكن وليدة اليوم أو الأمس، أو فجأة.. إنما كنت أعاني من الآلام والالتهابات وانخفاض نسبة الدم منذ أن كنت صغيرة، إلى أن كبرت، وكنت أعتقد أنها مجرد آلام بسبب التعب والمجهود الكبير الذي كنت أبذله.. ولكن قبل سنة من تشخيص المرض، وصلت الآلام والالتهابات ذروتها، حتى أنني في بعض الأحيان كنت عاجزة عن الحركة، أو الوقوف وما إلى ذلك.
متى تم التشخيص وكيف؟
منذ كنت صغيرة كنت أشعر بأن عندي مشكلة، لكن أدركت أنني فعلًا أعاني من مرض ما قبل سنة من تشخيص المرض. كانت الأعراض تأتي فجأة وبقوة ثم تقل تدريجيًا إلى أن أعتقد أنني قد تماثلت للشفاء وهكذا.
تم التشخيص في مستشفى السلمانية قبل سنتين من الآن. لم يتم تشخيصه من البداية وكنت حينها قد وصلت إلى حد الانهيار، سألوني عما أعانيه وما أشعر به فشرحت لهم كل شيء، ثم تم فحصي، فأظهرت النتيجة إصابتي بالفشل الكلوي.. حينها أدركوا أن هناك مرضا أو شيئا حدث أوصلني للفشل.. تم فحصي مرة أخرى وكنت مصابة بالتهاب الرئة فربطوا كل ما بي بأن عندي مرضا هو ما سبب كل ذلك، وبعد الفحص اكتشفوا المرض الذي خمنوا أنه سبب ما أعانيه.
كيف كان شعورك بعد التشخيص؟
بصراحة كان شعوري متناقضًا، كنت متفاجئة، وفي نفس الوقت ارتحت لأنني أخيرًا عرفت ما بي من علة، ولا أخفيكم أنني كنت خائفة ومرتبكة وشبه عاجزة وحائرة.
بلقيس عانت من آلام كالأسياخ وتأخر الأطباء في تشخيص مرضها
ما أعراض المرض؟
آلام تنتقل من جزء إلى آخر، وحتى أقرّب لكم الصورة، كانت كأن أحدًا ما يغرسني بمسامير أو أسياخ، وأحيانًا كأنّ أحدًا يضربني ويدفعني بقوة حتى أنني كنت أتحرك من مكاني فعلًا. آلام تجعلني عاجزة حتى عن رفع يدي إلى الأعلى، وكنت إذا جلست على الأرض لا أستطيع النهوض وإن وقفت لا أسطيع الجلوس. فكان صعبًا ومؤثرا لدرجة كبيرة. التهابات عامة، منها التهاب الأذن والعيون والتهاب في المثانة والرحم والمفاصل وآخرها التهاب في الرئة، ونسبة الدم دائما منخفضة ما أدى في النهاية إلى إصابتي بفشل كلوي.
ما العلاج الذي تم وصفه؟
تم وصف علاجين: علاج كيماوي سيكلوفوسفاميد (Cyclophosphamide) أما العلاج الحالي فهو كيماوي أيضًا وهو ريتوكسيماب (Rituximab)، ولقد جربت العلاجين، بالإضافة إلى الكورتيزون والمضادات، طبعًا العلاج لهذا المرض ليس نهائيًا، فقط يتم السيطرة عليه؛ لأن هذا المرض يصيب الإنسان ثم يصبح مزمنًا.
المرض أخذ جزءا من حياتها.. ولكنها ما زالت تعيشها بشكل طبيعي
كيف أثر المرض عليك وماذا غير في حياتك؟
أثره واضح وجلي وكبير، فجلسات العلاج والفحوصات والمواعيد تأخذ جزءا كبيرا من وقتي الثمين، وفي البداية عندما تم تشخيص المرض أثر ذلك على نفسيتي بشكل كبير.
هل بحثت عن علاج خارج البحرين وأين؟
بحثت عن علاج في العديد من الدول دون أن أحدد دولة ما.
ما أصعب اللحظات عليك؟
مررت بالكثير من اللحظات الصعبة ولكن أصعبها فترة العلاج الكيماوي وبقائي في المستشفى لما يقارب الشهرين، ولحظات الغسيل الكلوي.
ماذا أخذ المرض منك وماذا أضاف؟
أخذ المرض جزءًا من حياتي.. ولكن لله الحمد ما زلت أعيش حياتي بشكل طبيعي، وما زلت أمارس أعمالي وهواياتي، ما عدا الأيام أو الأوقات التي أكون فيها في المستشفى لإجراء الفحوصات أو العلاج، وسأضيف شيئًا بما أن مرضي مناعي، فقد قل خروجي من المنزل وقل اختلاطي بالناس.. لذا تغيرت حياتي ولم أعد كما كنت سابقًا.
ما رسالتك للمجتمع؟
أتمنى للجميع الصحة والسلامة، ولكن للجميع أقول: انتبهوا إلى أنفسكم، فإذا لاحظتم أنكم تعانون من آلام متكررة، أو التهابات يخمدها المضاد لفترة ثم تعود من جديد، أو نسبة دم تكون دائما منخفضة، فذلك يعني أن هنالك علة أو مرضا وراء ذلك.. فلا تهملوا الأمر، وحاولوا أن تجدوا من يشخص المرض الذي تعانون منه أو السبب وراء كل ذلك، قبل أن يسيطر عليكم المرض ويفعل بكم ما فعله بي.
وإلى الطبيب العام أو طبيب العائلة أقول إن عليه أن يتنبه ويضع في حسبانه أنه إذ كان المريض دائم التردد على العيادة، وفي كل مرة يشكو من عرض من الأعراض فعليه أن يربطها مع بعضها وأن يخمن على الأقل أن وراءها مرضا ما أو سببا من الأسباب، لا أن يتهمه بأنه مصاب بمرض نفسي.