40 إلى 50 مصابا بـ «ويجنر» في البحرين... فما هذا المرض؟
استشاري أول في أمراض الباطنية والروماتيزم د. سعدية ناجي
إعداد: حسن فضل
مرض ويجنر أحد الأمراض النادرة، ويندرج تحت قائمة الأمراض المناعية، ويسبب التهاب الأوعية الدموية، ويسبب التهابات تمتد إلى العين والسمع والأنف والجلد والمفاصل وصولًا إلى القلب والجهاز الهضمي، ولكن أخطر أعراضه حين يصل الالتهاب إلى الرئتين، فيسبب نزيفا رئويا، وحين يصل الالتهاب إلى الكلى فيسبب فشلا كلويا. مرض خطير بمعنى الكلمة، فقد يؤدي إلى الوفاة إذا تأخر التشخيص، ولكن يمكن التعافي منه والعودة إلى الحياة الطبيعية إذا تم التشخيص المبكر والعلاج الفوري.
لتسليط الضوء أكثر على مرض ويجنر كان لـ «صحتنا في البلاد» لقاء مع استشاري أول في أمراض الباطنية والروماتيزم رئيس قسم الروماتيزم في مجمع السلمانية الطبي ومحاضر أول في الجامعة الإيرلندية د. سعدية ناجي عبدالكريم، وفيما يلي نص اللقاء:
ما هو مرض ويجنر؟
ويجنر هو مرض من أمراض المناعة الذاتية، ويسبب التهاب الأوعية الدموية، كما يسبب التهابات تمتد إلى العين والسمع والأنف والجلد والمفاصل وصولًا إلى القلب والجهاز الهضمي.
لماذا سمي بهذا الاسم ومتى تم اكتشافه؟
سمي المرض بهذا الاسم نسبة إلى الطبيب الألماني فريدرك ويغنر، الذي وصف المرض أول مرة سنة 1936، ولكن في العام 2000 تم اكتشاف أن الطبيب ينتمي إلى النازية في الحرب العالمية الثانية، لذلك تم مناقشة الموضوع عالميًا، وتغيير الاسم في 2022 إلى (GPA Granulomatosis with polyangitis).
ما أسباب المرض؟
ما زال سبب المرض مجهولًا، ولكن تلعب العوامل الوراثية دورًا فيه مع المحفزات البيئية. العدوى بالمكورات العنقودية البكتيرية قد تمثل العامل المحرض للمناعة الذاتية الموجودة لدى المصابين كما لوحظ.
ما أعراض المرض؟
تتنوع الأعراض في بداية المرض، وقد يتأخر التشخيص كثيرًا بسبب طبيعة الأعراض غير النوعية. تهيج الأنف والتهابه عمومًا هو أول العلامات لدى معظم المرضى، ويصاب الجهاز التنفسي العلوي مثل الأنف والجيوب الأنفية في جميع الحالات تقريبًا.
أيضًا يصاب الأنف والجيوب بالتقشر والانسداد الأنفي والرعاف والسيلان وتشوه الأنف السرجي (نادرًا - بسبب انثقاب الحاجز الأنفي).
وقد يصل الالتهاب إلى الرئتين مسببا عقيدات رئوية وآفات جوفية، قد تؤدي إلى نزيف من الرئتين. كما أيضا قد يصاب المريض بالتضيق في القصبة الهوائية.
ويؤثر المرض على الكليتين، اللتين تعدان ثاني أخطر عضو بعد الرئتين، ما قد يؤدي إلى الوفاة في حال تأخر العلاج، إذ إن التهاب الكلى السريع بنسبة 75 % سيؤدي إلى فشل كلوي مزمن، وينتهي المريض بغسيل كلوي.
ومن الأعراض أيضا التهاب المفاصل، إذ يعاني المريض من ألم وتورم (60 %) وقد يكون مشابها لمرض الروماتويد (التهاب المفاصل الرثوي). أيضًا قد يسبب ضعف السمع، التهاب العين، لثة الفراولة إضافة إلى ظهور تقرحات في بطانة الفم مع الإضرار بالعظم الداعم للأسنان.
كما قد يحدث اعتلال في الأعصاب الحسية (10 %)، أما القلب والجهاز الهضمي والدماغ فنادرا ما تصاب. والتهاب الطبقة الخارجية للعين (الصلبة وظاهر الصلبة) والتهاب الملتحمة هو الأكثر شيوعًا من العلامات العينية، إذ تحدث لدى أكثر من نصف المرضى. وقد تظهر عقيدات تحت الجلد في بعض المرضى.
فإذا كان المريض يعاني من هذه الأعراض ولم يستجب للعلاجات التقليدية عليه أن يلجأ إلى الطبيب المختص.
كيف يتم تشخيص المرض؟
التشخيص يعتمد على التقييم السريري حسب الأعراض وفحص الدم (علامات الالتهاب والأجسام المضادة)، وقد نحتاج إلى أخذ عينة وفحص الأنسجة مثل الكلى.
من الأشخاص الأكثر عرضة لمرض ويجنر؟
تتساوى نسب الإصابة بمرض ويجنر بين الرجال والنساء، إذ إن جميع الفئات العمرية معرضة إلى الإصابة، إلا أنه نادرًا ما يصيب الأطفال.
كم عدد حالات مرض ويجنر في البحرين؟
عدد الحالات في مملكة البحرين قليل مقارنة بباقي الدول، ففي الولايات المتحدة تقدر نسبة تقدر حالات الإصاب بـ 3 من بين كل 100 ألف، في حين لا يوجد إحصاء رسمي بالبحرين، إلا أن عدد الحالات يتراوح ما بين 40 و50 مريض ويجنر وبمعدل حالة واحدة إلى اثنتين سنويًا.
ما العلاج المتاح لمرض ويجنر؟
يعتمد العلاج على شدة المرض. فيعالج الداء الشديد بأدوية مثبطة المناعة مثل cyclophosphamide مع جرعات عالية من الكورتيزون. وقد يحتاج المريض إلى تبديل البلازما في الحالات الشديدة التي تتضرر فيها الرئتان والكليتان.
إلى متى يجب أن تدوم معالجة المرض؟
تتراوح مدة العلاج ما بين 18 شهرا وسنتين، ولكن قد يستمر المريض في المتابعة طوال الحياة؛ لأن نسبة الانتكاسة تكون عالية، فقد تصل إلى 70 %، لذا من المهم المواظبة على المتابعة.
ما الآثار الجانبية للعلاج؟
الآثار الجانبية للعلاج أيضا تختلف من شخص إلى آخر، إذ إن البعض قد يتعرض إلى نقص في كريات الدم البيضاء بسبب العلاج، وبالتالي العدوى، ولكن من الضروري فهم أن عدم علاج هذا المرض قد يؤدي إلى وفاة المريض بسبب المضاعفات المتعددة التي قد يحدثها المرض.
هل هناك حمية غذائية معينة يمكن للمريض اتباعها لتجنب المضاعفات؟
ننصح المرضى بالحمية الصحية، وتجنب الأكل غير الصحي عالي البروتين أو الأملاح خصوصًا لمرضى الكلى.
هل يمكن الوقاية من هذا المرض؟ وهل هناك تفاوت بين حالة وأخرى؟
لا يمكن الوقاية من هذا المرض، إذ إن الجينات تلعب دورًا مهمًا في الإصابة به، لذا فإنه لا يمكن الوقاية منه كما يعتقد البعض، وكما ذكرت سابقًا هناك تفاوت في شدة المرض.
هل يمكن للمصاب بهذا المرض تلقي التطعيمات؟
ننصح المرضى المصابين بهذا المرضى بتجنب التطعيمات في حال نشاط المرض أو أخذ الأدوية المثبطة المناعة.
ما مسار المرض ونتائجه على المدى الطويل؟
مآل المرض يكون حسب الأعضاء المتأثرة، وحسب التشخيص المبكر والعلاج المبكر، إذ إن الخوف يكمن في نزيف الرئتين والتهاب الكليتين؛ لأن التأخر في علاجه قد يؤدي إلى الوفاة أو أن ينتهي المريض بفشل كلوي مزمن. أما بقية الأعراض لا تكون شديدة.
هل يمكن التعافي من المرض بالكامل؟
نعم يمكن التعافي من المرض والعودة إلى الحياة الطبيعية إذا تم التشخيص والعلاج مبكرا، وهناك حالات عديدة جاءت بنزيف رئوي وكانت تحت جهاز التنفس بالعناية المركزة، وعادت لحياتها الطبيعية كأن شيئًا لم يكن. وفي المقابل شاهدنا حالات فقدت الحياة بسبب تأخرها في العلاج.