بقلم علي أحمد التحو
أنا أفعلها
بطلنا محمد.. منذ أن كان صغيرا يحلم بدراجة حمراء مميزة ذات عجلتين براقتين، ينطلق بها يتسابق مع الرياح، كان يرى الفتيان في الحديقة يلعبون بدراجاتهم وهو وحيد مع كرته. وفي يوم ميلاده جلب له أبواه الدراجة التي كان يحلم بها، حمراء اللون وعجلاتها رائعة تبرق مع أشعة الشمس.
كانت سعادته لا توصف بها وكم زادت أكثر عندما فتح هدية إخوته، أهدته أخته الكبرى خوذة لحماية الرأس، وأخوه كانت هديته كتاب تعليم قيادة الدراجة. في ذلك اليوم قضى محمد يومه في التدرب على قيادة الدراجة في مخيلته، قرأ كتاب التعليمات جيدا، كانت سهلة جدا، في المساء نام والحماس يأخذه بعيدا، وكان في نومه يقود الدراجة وينطلق بها في كل مكان.
في الصباح الباكر استيقض محمد، وبعد أن ارتدى ملابسه وحمل خوذته وانطلق إلى الحديقة. وقف محمد ينظر في ناحية المسار المخصص إلى الدراجات ركب الدراجة وانطلق... كانت حركته بمقدار خمس خطوات حتى وجد نفسه على الأرض وركبته مجروحة.
تألم محمد وحزن وقال لنفسه: ماذا حدث يا ترى؟ لقد تدربت جيدا وقرأت جميع التعليمات.. وقف محمد مجددا وحاول أن يسير بالدراجة أكثر ولكنه كان يخفق في كل مرة ويسقط على الأرض.
استسلم محمد من المحاولات ورجع إلى المنزل حزينا يسحب دراجته بقربه. دخل إلى المنزل شارد الذهن وحبس نفسه في غرفته وهو يفكر فيما حدث.
أحس والد محمد بخيبته البالغة، ذهب إليه محاولا تشجيعه والتخفيف عنه.
عندما شاهد محمد والده داخلا إليه وهو يبتسم قال له مسرعا: لقد حاولت يا أبي كثيرا وتوقعت أن الأمر سهلا جدا ولكنني لم أستطع التقدم أكثر من خمس خطوات. أخبره والده مازحا: وهل تتوقع يا ولدي أن الإنسان يولد وهو يعرف كل شيء؟ هل نسيت كيف كنت تغضب من عدم مقدرتك على ربط حذائك الرياضي؟ وكم كنت تتساءل كيف يحفظ زميلك علي جدول الضرب وأنت لا تستطيع ذلك؟
ماذا فعلت يا محمد حينها؟
أجاب محمد: لقد حاولت كثيرا حتى تعلمت ربط حذائي، وكررت تصحيح أخطائي في جدول الضرب مرارا حتى حفظته جيدا.
ابتسم الأب وهو يقرص خد محمد: إذًا لابد أن تحاول تخيل فقط أنك تفعلها بطريقة صحيحة وستفعلها بإذن الله.
بعد أسبوع من المحاولات والسقطات المؤلمة أصبح محمد يستطيع قيادته الدراجة بنجاح، ذهب والد محمد إلى الحديقة ليشاهده وهو يتدرب. عندما شاهد محمد والده يقترب منه انطلق بدراجته مسرعا وهو يردد: أبي انظر أنا أفعلها.. أنا أفعلها.