+A
A-

سعد السهلي ... التربوي العقاري

- 45 دينارا أول راتب تقاضيته... وكان يكفيني

- الإنسان لا يستطيع العيش دون مغامرة محسوبة

- السوق العقاريـة متذبذبـة ونأمـل خيرًا مـع “التنظيـم العقـاري”

يؤمن بضرورة أن تكون للإنسان بصمة في حياته، ويستفيد من وقته وعمره، ومن ثم تستفيد منه الأجيال كذلك. كما ويؤمن بأن النجاح لابد أن يكون حليفًا لمن يجد ويجتهد ويسعى. ضيفنا اليوم في “لقاء الأحد” شخصية عصامية كونت نفسها بنفسها، ورغم أنه نشأ يتيم الوالدين إلا أن ذلك لم يشكل حاجزًا أو عائقًا أمامه، فقد درس وأنهى دراسته الجامعية وعمل سكرتيرًا ومدرسًا بالمعهد الديني، قبل أن يتجه للعمل في العقارات بالشراء والبيع إذ وجدها أفضل مردودًا من مهنة التعليم، فسلك هذه المغامرة المحسوبة. “البلاد” التقت التربوي والعقاري سعد هلال السهلي، صاحب شركة أوال العقارية، وأجرت معه اللقاء التالي:

ولدتُ في المنامة وعشت بها، ودرست بداية بالمدرسة الدينية التي تحولت لاحقًا إلى المعهد الديني وبعد تحولها إلى المعهد الديني أكملت الدراسة فيه ثم أنهيتُ المرحلة الثانوية.

والدي محمد بن هلال السهلي كان شاعرًا وولد في الرويضة بالقرب من العاصمة السعودية الرياض، وتوفي وأنا صغير، نحو 3 سنوات ونصف من العمر، كما توفيت والدتي وأنا صغير أيضا فنشأت بين البحرين والسعودية، حيث تربيت لدى أهل والدتي في البحرين وأهل الوالد.

من ينشأ يتيما يتأثر بذلك كبيرا فيعطف على الناس

- اشتركت في نادي اللؤلؤ “النجمة” في 1968

يقول السهلي: إن الذي يشعر باليتم وهو صغير يتأثر به حتى وفاته ويعطف على اليتيم الآخر ويشعر بحب مساعدة الناس وتصبح لديه عاطفة كبيرة، ويتأثر بأي منظر مزعج يراه. كان أخي الكبير بمثابة أبي خصوصًا أنني أصغر أخواني. ثم استرد أخي الكبير جنسيته السعودية وعمل في الديوان الأميري بالدمام 60 سنة وكان نائب أمير منطقة الظهران، وأخي الثاني عمل بشرطة السعودية، وأنسابي في الداخلية بالرياض، ولدي أيضا أهل في قطر والكويت، فأنا نتاج من الوحدة الخليجية.

أثناء المشاركة في إحدى المسرحيات بنادي اللؤلؤ (النجمة)

بداية مشوار العمل

عملت في التدريس بالمعهد الديني لمدة ليست بالطويلة، وأثناء هذه الفترة واصلت دراستي الجامعية فحصلت على الليسانس من كلية الآداب بتخصص تاريخ من لبنان، حيث درست أول 3 سنوات فيها ثم أكملت السنة الدراسية الرابعة في الإسكندرية.

وبعد عودتي طلبوني في المعهد للعمل سكرتيرا إلى جانب تدريس مادة التاريخ بسبب الخبرة التي اكتسبتها من دراستي فيه والعمل به، إلا أنني رأيت أن المردود من التدريس ليس جيدًا لبناء حياتي بناء صحيحًا، فاتجهت للعمل في العقارات والتداول فيها بالبيع والشراء، ووجدت أن المردود المادي منها أفضل من الوظيفة التعليمية، فقدمت استقالتي وافتتحت شركة بالشراكة مع صديقي أحمد عبدالله بشمي في شهر يناير 1977 وأسميناها “أوال”، وفيما بعد رأى صديقي أنه لا يستطيع أن يواصل فباع حصته لي قبل حوالي 10 سنوات، فاشتريت منه الأسهم وأصبحت “أوال” شركة الشخص الواحد.

وواصلت الاستثمار مع مستثمرين في الكويت والسعودية والبحرين فضلا عن استثماراتي الشخصية.

وعندما اتخذت قرار استقالتي كنت والدًا لطفلة صغيرة، وبعد تجربتي بالتداول في العقارات كما أسلفت وجدت نفسي في وضع أفضل من مهنة التدريس، فسلكت هذا الطريق وكانت مغامرة جيدة، والإنسان لا يستطيع العيش دون مغامرة، إلا أن هذه المغامرة يجب أن تكون محسوبة.

دروس في رحلة العمل

العمل يعتبر مدرسة، إذ يمنح الشخص معنى للحياة ويجعله يجابه الصعوبات ويذللها ويعود نفسه على مواجهة أية مشكلات وإيجاد الحلول لها. واجهتنا صعوبات كثيرة في مسيرة الاستثمار العقارية، إذ مر القطاع العقاري بأحداث رئيسة كبرى أدت إلى انخفاض أسعار العقارات، بداية الحرب العراقية الإيرانية التي أدت لهبوط أسعار السوق، بعد ذلك الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت ثم الحرب على العراق، والكساد الاقتصادي في العام 2008 كلها فترات كساد اقتصادي والناس يتخوفون فيها ولا يستثمرون، وقد صبرنا واستطعنا المضي وتخطي الصعوبات.

مع رئيس جهاز المساحة والتسجيل العقاري

انتعاش سوق العقارات

القطاع العقاري شهد انتعاشًا في العامين 2007 وبداية 2008، ثم هبط في العام 2009 نتيجة للأزمة المالية العالمية عندما تأثرت البنوك وسحبت وراءها الشركات مما سبب الكساد الاقتصادي وحدثت خسائر ثم انتعشت السوق قليلا.

وفي الصيف الماضي وشهر رمضان تحديدا هبطت أسعار السوق العقارية مع انخفاض أسعار النفط، مما ساهم في تقليل الاستثمار في العقارات بسبب قلة السيولة وانخفاض الإنفاق الحكومي والميزانية التي بدأ يحدث فيها نقص مما أثر على السوق، إلا أن حركة التداولات العقارية عاودت الانتعاش بداية من شهر أكتوبر ونوفمبر وديسمبر واستثمر الناس في العقارات.

السوق العقارية متذبذبة، ومع صدور رسوم - على سبيل المثال - التطوير العقاري وزيادة نسبة الاستقطاع الحكومي على الأراضي التي يرغب صاحبها في تقسيمها إلى قسائم، أثرت هذه الرسوم على الوضع مع ضعف السوق، لكننا نأمل خيرًا مع وجود هيئة تنظيم السوق العقاري الجديدة، وأن تستحدث حوافز لتشجيع الاستثمار العقاري، واستبشرنا خيرًا لأن المعنيين في الهيئة الجديدة لهم خبرة كبيرة في القطاع العقاري، ونأمل منهم خيرًا في المساهمة في انتعاش السوق، وأن يستعينوا بالعقاريين الذين لديهم خبرة ودراية بالسوق، ومنهم رئيس جهاز المساحة والتسجيل العقاري الشيخ سلمان بن عبدالله آل خليفة، الذي لديه مساهمة كبيرة في التطوير العقاري، وأيضا المدير التنفيذي للهيئة الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة، والمدير العام للتسجيل العقاري الشيخ عبدالرحمن بن علي آل خليفة.

محطة الغرفة

انضممت إلى غرفة تجارة وصناعة البحرين منذ حوالي 20 عامًا كمساهم في لجنة القطاع العقاري؛ لإعداد دراسات وغيرها عن السوق وتقديمها لإدارة الغرفة للاستعانة بها.

وفي السنوات الأخيرة أصبحت نائبًا لرئيس لجنة القطاع بالغرفة. وقدمنا خلال العمل بلجنة القطاع العقاري الكثير من الأفكار، ودرسنا التشريعات التي تصدر بخصوص السوق وما تتطلبه السوق لتشجيع الاستثمار في القطاع، لكن الكثير منها يُهمَل ولا يتم الأخذ به، ونرى أن اللجان شكلية ولا يأخذ بآراء الخبراء المنتسبين لها. ونرجو في المستقبل أن تأخذ الغرفة بآراء اللجان وتستفيد منها، وكذلك أن تأخذ الحكومة برأي الغرفة؛ لأنها تمثل السوق بأكملها، ويجب أن يكون لها دور في كل القطاعات.

كما كنت أول من أسس مع مجموعة من أصدقائي العقاريين ناصر الأهلي وحسن كمال جمعية البحرين العقارية، وأصبحت رئيسها لمدة 6 سنوات ثم أفسحت المجال للآخرين على الرغم من أنهم طلبوا مني البقاء.

أول راتب حصلت عليه؟

45 دينارًا في العام الدراسي 1964 - 1965، وكانت مثل هذه الرواتب تكفينا، لذلك استطعت شراء أرض على نفقتي الخاصة. وقد كان الشباب في السابق يعتمدون على أنفسهم في الزواج وبناء السكن الخاص من كدهم وعرق جبينهم، أما الشباب الآن فالكثير منهم يعتمد على أهله أو على القروض من البنوك.

ارتفع راتبي ولله الحمد من 45 دينارًا إلى 150 ثم 170 فـ 200 دينار في سنة 1973 بعد زيادة أسعار النفط، واستقلت في العام 1973 وطلبوا مني عدم الاستقالة لتعييني في منصب المدير المساعد إلا أنني فضلت التجارة والأعمال الحرة.

دراسة المشاريع الناجحة

ويرى السهلي ضرورة أن يدرس الأشخاص الراغبون في بدء مشاريعهم التجارية الخاصة تجارب الآخرين الذين نجحوا في المجال الذي يرغبون في دخوله، ويستفيدوا من تجاربهم، ثانيًا التدرج في العمل والصبر على الصعوبات التي تواجههم وفي نفس الوقت العمل على تطوير أنفسهم للنجاح خصوصًا أن كل شيء يتطور بسرعة، وضرورة التركيز على العمل.

الثقافة والتمثيل

اشتركت في نادي اللؤلؤ (حاليًا نادي النجمة) في العام 1968 بأنشطة عدة، فكنت رئيسًا إلى اللجنة الثقافية وزودتها بكتب متزنة ساهمت في زيادة الوعي الثقافي للشباب آنذاك. وقطعنا شوطًا في التمثيل إذ شاركت في تمثيل مسرحيات عدة على مسرح النادي الأهلي مثل طارق بن زياد ومعاوية بن سفيان والسر الغامض. كانت قاعة نادينا صغيرة ومع ذلك يأتي جمهور لهذه المسرحيات، وكنت ألعب الأدوار الرئيسة التاريخية. وأذكر أن من أشهر النوادي في البحرين كان نادي حمل الأثقال ووجدت أنني نحيف بعد اشتراكي فيه لمدة 4 شهور فانسحبت.

الشعر في حياتك

أحب الشعر وأحب العزف والدندنة على العود مع أبيات شعرية أكتبها لزوجتي إلا أنني لا أدونها. والدي رحمة الله عليه كان من الشعراء المعروفين في نجد ولم يكن يدون أشعاره إلا أن أحد المدونين بن عمار من العائلات المشهورة كان يدون شعر والدي الذي كان يغلب عليه طابع الوعظ، إذ تلقى بعض الأبيات في خطب يوم الجمعة، لكنّ حريقًا كبيرًا حدث في بيت بن عمار وأتى على المخطوطة التي يحتفظ بها من هذه الأشعار، وذلك عقب وفاة الوالد.

قدوتك في الحياة

قدوتي في الحياة عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، وفي المجال العسكري خالد بن الوليد، وفي العصر الحديث جمال عبدالناصر.

كلمة أخيرة

أطلب قبل إصدار أي مرسوم أو قرار يختص بالعقارات أن يتم أخذ رأي العقاريين الذين لديهم باع طويل وخبرة في هذا المجال لمعرفتهم به وما الذي يؤثر على القطاع ويساهم في انتعاشه، كما أؤمن بالتجديد والاستعانة بالعقاريين الجدد الذين لديهم دراسات علمية حديثة، والأفضل أن يتم مزج خبرات العقاريين الذين لديهم خبرة مع الدماء الجديدة والحديثة.