العدد 1760
الجمعة 09 أغسطس 2013
banner
وللعيد.. فتوى! سمر المقرن
سمر المقرن
الجمعة 09 أغسطس 2013


مازال إلى هذا الوقت، يوجد أناس يبحثون وينقبون في مستجدات التحليل والتحريم، هذا دليل بيّن على وجود فئة مُعطلة فكريًا، إلى درجة أن العيد لم يسلم منهم. فهذه موضة جديدة يتم بثها بين الناس بُحرمة التهنئة قبل صلاة العيد، ثم تقوم الصحف بإفراد صفحات لاستضافة مشايخ ودعاة يقولون رأيهم في هذا الموضوع الذي انتهت كل مواضيع الأمة ولم يبقَ سوى النقاش والجدل حول التهنئة بالعيد، إن كانت قبل الصلاة أم بعدها!
حينما أرى واتأمل هذا الحال أشعر بحزن عميق، فالأمة العربية تتموّج بين نيران المدافع وشلالات الدماء، وهؤلاء مازالوا يبحثون عن (فتوى) ليهنئوا الناس أم لا يهنئوهم، بل ويُشغلوا مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام على توافه الأمور، وكأن العالم يرانا ويضحك بسخرية على الفكر العربي والإسلامي وإلى أي مدى وصل الانحدار. فتُناقش هذه الأمور وكأن العالم سيتوقف إن صدرت فتوى بتحريم التهنئة قبل صلاة العيد، لكن العالم يسير بشكل طبيعي ولا تصدر أية فتوى تُحرم العنف ضد المرأة، ولا تزويج القاصرات، بل إن الصمت الديني المطبق على هذه القضايا، جعل هناك من يُهاجم كل من يدافع عن هذه الفئات بحجة أن ضرب النساء وتزويج القاصرات أمر مسموح في الدين الإسلامي، ويأتي من أصحاب الفكر السطحي الباحثون عن فتوى تجيز التهنئة قبل صلاة العيد أم بعده، ويقوم بوصمك أنك تحارب الدين لأنك ترفض العنف ضد النساء والقاصرات!.
عجيب هو أمر الأمة الإسلامية، يدعو إلى التفكر بجد، ومن يتفكر بحالنا لابد أن يحزن ويتألم، على هذا العقل الذي تم تعطيله – بقصد أو دون قصد - فيما يتنافى مع أمر الخالق عز وجل في الدعوة إلى التفكر والتدبّر والتأمل، واستفتاء القلب الذي هو أول دليل ومرشد للإنسان إن أحسن تشغيل عقله إلى الطريق الصحيح، والمسلك السليم في حياته وسلوكياته.
ولنا في آيات القرآن الكريم كثير من الآيات التي تحث على التفكير واستخدام العقل، ولم يورد – عز وجل - قصص الأولين في كتابه إلا لهذا، حتى في الأحكام كثير منها لم يأتِ بتصريح، وهذا فيه دعوة لاستخدام العقل، كما في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} الروم 8.
العقل البشري نعمة عظيمة تحتاج إلى من يصونها بتشغيلها وعدم تعطيل هذه الآلة بالبحث عن آلة أخرى تنوب عنه، هذا ما يفعله – بعضهم - عندما يقللون من قيمة هذا العقل واستخدام عقول الآخرين نيابة عنهم إلى درجة تسيير حياتهم كما يراها هؤلاء الآخرون!.
العيد هو فرحتنا السنوية العظيمة كمسلمين، لا نحتاج إلى من يوجهنا إلى أوقات التهنئة، لأن هذه التهنئة هي مودة ومحبة نابعة من القلب، لا تنتظر توقيتًا ولا برمجة.. عيدكم سعيد، ودعائي أن يفرّج الله – عز وجل - كربة أشقائنا في مصر وسوريا والعراق، وأن نشعر وإياهم بفرحة العيد والأمة العربية بخير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .